تصدير الأغنام يشعل أسعار اللحوم... والمواطن يدفع الثمن

تصدير الأغنام يشعل أسعار اللحوم... والمواطن يدفع الثمن

في ظل سعي الحكومة السورية إلى تعزيز مواردها من القطع الأجنبي ودعم قطاع التصدير، شهدت الأسواق المحلية ارتفاعاً كبيراً في أسعار اللحوم الحمراء، ما أثار جدلاً واسعاً بين المواطنين حول جدوى قرار تصدير الأغنام وتأثيره المباشر على معيشة السوريين.

ففي 25 آذار الماضي، أعلنت الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية عن تحميل أول شحنة من المواشي عبر مرفأ طرطوس، ووصفت الخطوة بأنها بداية لتعافي قطاع التصدير.

كشف معاون وزير الزراعة لشؤون الثروة الحيوانية، الدكتور أيهم عبد القادر، عن السماح بتصدير 200 ألف رأس من ذكور أغنام العواس والماعز الجبلي، إضافة إلى 20 ألف رأس من العجول الحية.

ووفق ما أوضحه عبد القادر لموقع «عنب بلدي» بتاريخ 10 نيسان الجاري، فإن الكمية المصدرة حتى تاريخه بلغت 38,200 رأس غنم، منها 37,000 رأس تم تصديرها بحراً إلى السعودية عبر مرفأ طرطوس، و1,200 رأس نُقلت براً إلى الأردن عبر معبر نصيب الحدودي.

تبريرات رسمية... وتساؤلات شعبية

الحكومة رأت أن قرار التصدير سيساهم في دعم الخزينة العامة عبر استيفاء الرسوم بالقطع الأجنبي، إلى جانب الحد من التهريب، الذي يضر بالاقتصاد الوطني ويستنزف الثروة الحيوانية.

كما اعتبر عبد القادر أن التصدير يفتح نافذة أمام المربين لتصريف جزء من قطعانهم، ما يشجعهم على الاستمرار في الإنتاج، خاصة في ظل ارتفاع أسعار الأعلاف، وقلة المراعي، وارتفاع تكاليف التربية.

لكن في المقابل، عبّر كثير من المواطنين عن استيائهم من تأثير التصدير على الأسعار المحلية، خصوصاً مع ارتفاع سعر كيلو لحم الخروف الهبرة في دمشق إلى أكثر من 200 ألف ليرة، وسعر الكيلو بنسبة دهنة 30% إلى نحو 175 ألف ليرة، بحسب ما أكده أحد القصابين.

تفاوت كبير بين المحافظات

وبينما تعاني العاصمة والمدن الساحلية من الارتفاع الحاد للأسعار، تشهد محافظات مثل درعا وحماة استقراراً نسبياً وانخفاضاً في أسعار اللحوم، ما يسلّط الضوء على التباين الكبير بين المناطق، وسط غياب آليات ضبط حقيقية من قبل الجهات المعنية.

ويشير متخصصون إلى أن وزارة الزراعة لا تتدخل في تسعير الأغنام أو اللحوم، بل تُترك الأسعار لعوامل العرض والطلب، مع إمكانية وقف التصدير إذا تبين أن له أثراً سلبياً كبيراً على السوق المحلي.

العلف شحيح... والمراعي ضعيفة

العوامل التي تدفع نحو ارتفاع أسعار اللحوم لا تقتصر على التصدير فقط، بل تشمل أيضاً الارتفاع الكبير في أسعار الأعلاف، التي أصبحت عبئاً ثقيلاً على المربين، فضلاً عن قلة المراعي هذا العام نتيجة ظروف مناخية قاسية.

هذه المعطيات أجبرت العديد من المربين على بيع جزء من مواشيهم أو التوجه نحو التصدير لتعويض الخسائر.

المواطن والمعادلة الصعبة

في ظل هذه الأوضاع، يجد المواطن السوري نفسه أمام معادلة صعبة، لحوم غالية تفوق قدرته الشرائية، وقرارات اقتصادية تقول الحكومة إنها تصب في المصلحة العامة.

وبينما تتعالى الأصوات المطالبة بإعادة النظر في سياسة التصدير، يؤكد آخرون أن الحل لا يكمن في منع التصدير، ولا في تخفيض الأسعار بشكل قسري، بل في تحسين دخل المواطن ليتمكن من مواجهة تكاليف الحياة بكرامة.

الحقوق المشروعة والحلقة الأضعف

يرى مراقبون أن تصدير الأغنام حق مشروع للتاجر والمربي، لكن لا بد من تفعيل سياسات توازن بين التصدير والحفاظ على الأمن الغذائي، خاصة في ظل وضع اقتصادي هش يعاني فيه معظم السوريين من صعوبة تأمين احتياجاتهم الأساسية.

وفيما يبقى تصدير الأغنام خياراً اقتصادياً تدافع عنه الحكومة، فإن التحدي الحقيقي يكمن في إدارة هذا القرار بما يضمن حقوق جميع الأطراف، ويمنع أن يكون المواطن الحلقة الأضعف في معادلة الربح والخسارة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1222