تأخر صرف المعاشات التقاعدية وغياب التصريح الرسمي يزيدان من حجم الأعباء
شهدت سورية منذ مطلع الشهر الجاري أزمة جديدة طالت شريحة كبيرة من المجتمع، حيث لم يتم صرف المعاشات التقاعدية في موعدها المعتاد دون أي إعلان رسمي يوضح الأسباب.
هذا التأخير المفاجئ دفع المتقاعدين والعاملين إلى التوجه بكثافة نحو الصرافات الآلية، أملاً في الحصول على أجورهم الشهرية واستلام المنحة النقدية المقررة، ما أدى إلى ازدحام شديد واختناقات أمام الصرافات القليلة العاملة في مختلف المحافظات.
المتقاعدون، وهم من الفئات الأكثر هشاشة من الناحية الاقتصادية والصحية، وجدوا أنفسهم مجبرين على الوقوف لساعات طويلة في طوابير الانتظار دون جدوى، ليكتشفوا في نهاية المطاف أن حساباتهم ما زالت خالية من الرواتب.
هذا المشهد تكرر يومياً، من دون وجود توضيح رسمي يفسر سبب التأخير أو يحدد موعداً واضحاً لصرف الأجور.
التأخر بالتصريح فاقم المعاناة
واحدة من أكثر النقاط التي أثارت استياء المتقاعدين وأثقلت كاهلهم، لم تكن في تأخر صرف المعاشات فقط، بل في تأخر التصريح الرسمي من الجهات المختصة، وتحديداً مؤسسة التأمينات الاجتماعية، والتي لم تصدر بياناً يوضح الأمر إلا في نهاية الأسبوع الماضي.
حينها فقط، تناهى إلى مسامع المتقاعدين أن المؤسسة قد أنهت تحويل مستحقات المنحة النقدية، وستباشر بتحويل الرواتب مطلع الأسبوع الحالي.
هذا التأخر في التصريح لم يكن مجرد خلل إداري، بل كان سبباً مباشراً في مضاعفة الازدحام على الصرافات، إذ استمر المتقاعدون بالتوافد إليها يومياً على أمل أن يكون الراتب قد حُوّل، مما زاد من حجم المعاناة النفسية والجسدية.
إرهاق يومي وخسائر مالية
المتقاعدون الذين اضطروا للوقوف المتكرر في طوابير الانتظار لم يتكبدوا العناء البدني والنفسي فقط، بل تحملوا أيضاً أعباء مالية إضافية.
فقد اضطر كثيرون منهم للتنقل يومياً من وإلى أماكن تواجد الصرافات، وسط أزمة نقل خانقة وتكاليف مرتفعة في ظل الظروف الاقتصادية المتدهورة، ما جعلهم يستهلكون جزءاً من مواردهم الشحيحة أصلاً في أجور النقل.
إضافة إلى ذلك، ونتيجة لطول فترة التأخير التي تجاوزت 14 يوماً منذ بداية الشهر، اضطر كثير من المتقاعدين إلى الاستدانة لتأمين احتياجاتهم الضرورية من غذاء ودواء وفواتير، وهو ما عمّق من أزماتهم المعيشية وأفقدهم شعور الأمان المالي الذي من المفترض أن يوفره لهم المعاش التقاعدي على هزالته!
ازدحام متواصل ومعاناة مستمرة
ومع بداية الأسبوع الحالي، وعلى الرغم من بدء تحويل الرواتب وفق ما أعلنت مؤسسة التأمينات، إلا أن الازدحام لن يتراجع في القريب العاجل، بل سيستمر وربما يتفاقم، حيث إن فئات أخرى من العاملين ينتظرون استلام أجورهم الشهرية والمنحة النقدية، مما يعني استمرار الطوابير الطويلة أمام الصرافات لعدة أيام أخرى.
حقوق وكرامة المتقاعد
إن ما جرى هذا الشهر من تأخر في صرف المعاشات دون توضيح رسمي، ثم تأخر الإعلان عن موعد التحويل، يعكس خللاً في التواصل المؤسسي ويُظهر غياباً واضحاً للتقدير لمعاناة فئة المتقاعدين، الذين هم بأمس الحاجة للاستقرار والأمان في هذه المرحلة من حياتهم.
التعامل مع معاشات التقاعد يجب أن يكون بمنتهى الحساسية والمسؤولية، فهذه الرواتب هي مصدر الحياة الأساسي للآلاف ممن خدموا الدولة والمجتمع لعقود.
فما حصل يدعو إلى مراجعة حقيقية لآليات الصرف والتواصل مع المواطنين، حمايةً لكرامتهم وحقوقهم.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1222