الصناعة الوطنية في مواجهة الإغراق والمنافسة غير العادلة
تعد الصناعة الوطنية إحدى أهم ركائز الاقتصاد السوري، حيث تساهم في توفير فرص العمل، وتقليل الاعتماد على الاستيراد، وتعزيز النمو الاقتصادي. ومع ذلك، تواجه الصناعة السورية تحديات كبيرة نتيجة سياسة السوق الحر، وإنهاء الدعم، وتخفيض الرسوم الجمركية، بالتوازي مع انتشار ظاهرة التهريب والإغراق، مما أثر بشكل كبير على قدرة المنتجين المحليين على المنافسة.
هذه التحديات لم تقتصر على أصحاب المنشآت الصناعية، بل امتدت آثارها لتشمل العمالة والاقتصاد الوطني بشكل عام.
سياسة السوق الحر وتأثيرها على الصناعة السورية
اعتمدت حكومة تسيير الأعمال سياسات الانفتاح والتحرير الاقتصادي تحت عنوان الاقتصاد الحر التنافسي، مع إنهاء الدعم للصناعات المحلية وتخفيض الرسوم الجمركية على بعض الواردات، ما أدى إلى دخول سلع أجنبية بأسعار منافسة بشكل غير متكافئ مع المنتجات المحلية.
ورغم أن سياسة السوق الحر تتيح للمستهلكين خيارات أوسع كما يفترض، مع عدم ضمان ذلك وخاصة ناحية المواصفة والجودة، إلا أنها تضر بالصناعات المحلية عندما لا تكون هناك حماية كافية لها.
التهريب والإغراق... خطر يهدد الإنتاج المحلي
يعد التهريب والإغراق من أكبر العقبات التي تواجه الصناعة المحلية بالمرحلة الراهنة، حيث يتم إدخال بضائع أجنبية بأسعار أقل من كلفتها الحقيقية في السوق المحلية، ما يجعل المنافسة بين المنتج المحلي والمستورد غير متكافئة.
ويؤدي ذلك إلى تراجع الطلب على المنتجات الوطنية، ما يضطر العديد من المصانع إلى تخفيض إنتاجها، أو حتى إغلاقها.
كيف يؤثر التهريب والإغراق على الصناعة المحلية؟
تدفق البضائع المستوردة والمهربة، وإغراق الأسواق بأسعار منخفضة، يؤدي إلى إضعاف القدرة التنافسية للصناعات المحلية بحيث يصعب عليها بيع منتجاتها بأسعار تغطي تكاليف الإنتاج، ما يضعف أرباحها ويؤدي إلى تقليص استثماراتها.
عندما تعجز المصانع عن تحقيق أرباح بسبب الإغراق، فإن بعضها يضطر للإغلاق، مما يؤدي إلى فقدان العمال لوظائفهم.
إغلاق المنشآت الصناعية يؤدي إلى فقدان آلاف العمال وظائفهم، مما يزيد من معدلات البطالة في البلاد، خاصة في ظل محدودية الفرص البديلة.
مع انخفاض الإنتاج المحلي وازدياد الاعتماد على المنتجات المهربة والمستوردة، ترتفع الحاجة إلى العملات الأجنبية لاستيراد السلع، ما يفاقم أزمة النقد الأجنبي في البلاد ويستنزفه.
تداعيات تراجع الصناعة الوطنية على الاقتصاد الوطني
إذا استمرت هذه التحديات، فإن نتائجها السلبية لن تقتصر على قطاع الصناعة فقط، بل ستمتد إلى الاقتصاد السوري بأكمله، من خلال:
زيادة الاعتماد على الاستيراد، مما يؤدي إلى ارتفاع العجز في الميزان التجاري.
انخفاض الإيرادات الضريبية، بسبب تراجع الإنتاج المحلي وإغلاق المصانع.
تدهور مستوى المعيشة، نتيجة تراجع فرص العمل وارتفاع الأسعار.
تقلص قطاع التصدير، حيث تفقد سورية أسواقها الخارجية لصالح منتجات دول أخرى، مما يؤدي إلى خسارة عوائد مهمة من العملة الصعبة.
كيف يمكن حماية الصناعة الوطنية؟
لحماية الصناعة الوطنية، لا بد من اتخاذ إجراءات فعالة، منها:
تشديد الرقابة على التهريب، من خلال تعزيز المراقبة على المعابر الحدودية والأسواق المحلية، لمنع دخول البضائع المهربة.
فرض رسوم جمركية عادلة على السلع المستوردة لمنع الإغراق وحماية المنتجات المحلية من المنافسة غير العادلة.
تقديم حوافز للصناعيين مثل دعم الطاقة، وتخفيض الضرائب، وتوفير القروض الميسرة.
تشجيع التصدير من خلال تقديم تسهيلات للمصدرين، وتوقيع اتفاقيات تجارية تعزز قدرة المنتجات السورية على دخول الأسواق الخارجية.
تحفيز الابتكار والجودة لضمان قدرة المنتجات المحلية على المنافسة من خلال تحسين جودتها، وتقديم منتجات مبتكرة تلبي احتياجات المستهلكين.
التحديات الخطِرة ودور الحكومة
الصناعة الوطنية السورية تواجه تحديات خطِرة بسبب الإغراق والتهريب، مما يهدد الاقتصاد الوطني بشكل مباشر.
ولتفادي تفاقم الأزمة، يجب على الحكومة اتخاذ إجراءات فورية لحماية الإنتاج المحلي، ودعم الصناعيين، والحد من الاستيراد غير المنظم، لضمان استمرار القطاع الصناعي كإحد ركائز التنمية الاقتصادية في سورية.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1220