الرهان على البنك الدولي... بين ضرورات التعاون ومخاوف الشروط الاقتصادية
شهدت سورية خلال الأسبوع الماضي نشاطاً دبلوماسياً مكثفاً تمثل في لقاءات متعددة بين وفد من البنك الدولي ومسؤولين حكوميين سوريين، وذلك في إطار البحث عن آفاق جديدة للتعاون بعد سقوط السلطة السابقة وتولي حكومة تسيير الأعمال مسؤولياتها.
جاءت هذه اللقاءات، بحسب ما تم الإعلان عنه، في سياق الجهود المبذولة لإعادة بناء القطاعات الحيوية في البلاد، مثل الاقتصاد، الطاقة، والمالية، وسط تحديات سياسية واقتصادية كبيرة.
بعض تفاصيل اللقاءات
بحسب ما رشح عبر بعض وسائل الإعلام عن لقاءات وفد البنك الدولي:
اجتمع وزير الاقتصاد السوري مع وفد البنك الدولي لمناقشة استئناف التعاون وتمويل مشاريع تنموية كبرى تشمل قطاعات الطاقة، الزراعة، والصناعة، إلى جانب تقديم قروض ميسّرة لدعم عملية إعادة الإعمار.
ناقش وزير المالية سبل تحديث العمل المالي لمواكبة الأنظمة العالمية، إضافة إلى تحديات الاستقرار النقدي والتمويل الداخلي.
تم التركيز في الاجتماع مع وزير الكهرباء على تحديث البنية التحتية للقطاع الكهربائي وفقاً لأحدث المعايير، بما يضمن كفاءة الإنتاج والتوزيع وتحسين الخدمة للمواطنين.
الإيجابيات المفترضة للتعاون مع البنك الدولي
يسوق البنك الدولي إيجابيات التعاون معه من خلال النقاط الآتية:
الدعم المالي والتقني، حيث يوفّر البنك الدولي التمويل اللازم لمشاريع إعادة الإعمار، إلى جانب تقديم الخبرات والاستشارات الفنية.
جذب الاستثمارات، فالتعاون مع المؤسسات المالية الدولية يعزز ثقة المستثمرين، مما يسهم في استقطاب الاستثمارات الأجنبية ودعم الاقتصاد الوطني.
تحقيق الاستقرار المالي، حيث يساعد الدعم المقدم في ضبط الاقتصاد وتمويل الإصلاحات الضرورية لخلق بيئة اقتصادية أكثر استدامة.
السلبيات المتوقعة للتعاون مع البنك الدولي
التجارب الملموسة للتعاون مع البنك الدولي سجلت السلبيات التالية:
الشروط الاقتصادية القاسية، فالبنك الدولي قد يفرض إصلاحات هيكلية تشمل رفع الدعم عن السلع الأساسية، تحرير الأسعار، وخصخصة بعض القطاعات، مما قد يفاقم معاناة المواطنين.
التأثير على السيادة الاقتصادية، فبعض الاتفاقيات قد تتسبب في تقييد قدرة الحكومة على اتخاذ قرارات اقتصادية مستقلة تتناسب مع المصلحة الوطنية.
الآثار الاجتماعية، فغالباً ما تترافق شروط البنك الدولي مع تداعيات سلبية على الفئات الفقيرة، وهو ما يستدعي اتخاذ إجراءات لحماية الشرائح الأكثر ضعفاً في المجتمع.
البدائل المحتملة لتمويل إعادة الإعمار
رغم أهمية التعاون مع البنك الدولي، إلا أن هناك بدائل أخرى ربما تكون أكثر أهمية لتسهم في تمويل مشاريع إعادة الإعمار دون الخضوع لشروط قاسية، منها:
استعادة الأموال المنهوبة ومحاربة الفساد، فالأموال التي تم تهريبها أو اختلاسها خلال العقود والسنوات الماضية تعتبر مصدراً رئيسياً يمكن أن يموّل مشاريع حيوية إذا تمت استعادتها عبر إجراءات قانونية وإصلاحات جدّية.
الاستثمارات المحلية، وتحفيز رجال الأعمال والمستثمرين السوريين لإعادة توظيف رؤوس أموالهم في مشاريع إعادة الإعمار، من خلال تقديم ضمانات وتسهيلات مالية وضريبية.
المساعدات الدولية غير المشروطة، حيث يمكن البحث عن دعم من دول صديقة ومنظمات إنسانية لا تفرض قيوداً سياسية أو اقتصادية، بحيث يتم تقديم المساعدات بشكل مباشر لتمويل مشاريع البنية التحتية والتنمية.
التعاون مع دول لا تفرض شروطاً قاسية، فهناك دول مثل الصين وغيرها، قد تكون مستعدة للمشاركة في إعادة الإعمار دون فرض إصلاحات اقتصادية صعبة، أو الامتثال للعقوبات المفروضة على سورية، مما يوفر بدائل أكثر مرونة من التعاون مع المؤسسات المالية الغربية.
الحاجة إلى التمويل والحفاظ على الاستقلالية الاقتصادية
إن إعادة إعمار سورية تحتاج إلى مزيج من التعاون الدولي والاستفادة من الموارد المحلية، مع الحرص على تجنّب الوقوع في فخ الديون الثقيلة أو الإصلاحات القسرية التي قد تؤدي إلى تفاقم الأزمات الاجتماعية والاقتصادية.
لذلك، يجب على الحكومة أن توازن بين الحاجة إلى التمويل الدولي والحفاظ على الاستقلالية الاقتصادية، مع التركيز على سياسات وطنية تعزز التنمية المستدامة وتحمي مصالح المواطنين.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1220