وزارة المالية... تعدٍّ جديد على السلطة القضائية وانتهاك للحقوق
في خطوة أثارت جدلاً واسعاً، طلبت وزارة المالية في حكومة تسيير الأعمال من وزارة العدل توجيه المحاكم بعدم إصدار الأحكام القضائية الخاصة بنقل الملكية، معللة ذلك بأن عمليات البيوع العقارية ونقل الملكية متوقفة لدى المصالح العقارية وجهات التوثيق الأخرى.
هذه الخطوة، التي تنطوي على تدخل مباشر في عمل القضاء، تثير تساؤلات جدية حول مدى احترام مبدأ الفصل بين السلطات وحماية حقوق المواطنين في ظل هذه القرارات الإدارية.
تعدٍّ واضح على السلطة القضائية
إن توجيه وزارة المالية بهذا الطلب إلى وزارة العدل يشكل مساساً واضحاً باستقلالية القضاء، حيث لا يجوز للسلطة التنفيذية أن تملي على المحاكم كيفية سير العمل القضائي أو تعطل إصدار الأحكام.
فالقضاء سلطة مستقلة وفقاً لمبدأ الفصل بين السلطات، وأي محاولة للتأثير على قراراته تعد انتهاكاً لسيادة القانون.
بدلاً من أن تسعى الحكومة إلى تعطيل المحاكم وإبطاء عملها، كان الأجدر بها البحث عن حلول عملية لإعادة تشغيل المصالح العقارية وجهات التوثيق الأخرى التي تعاني من التوقف.
فالمشكلة الأساسية ليست في الأحكام القضائية، بل في تعطيل الدوائر العقارية، وبالتالي فإن الحل يكمن في إعادة تفعيل عمل هذه الجهات وليس في تأخير إصدار الأحكام.
إضرار مباشر بحقوق المواطنين
يتسبب هذا التوجه الحكومي في الإضرار بحقوق المواطنين الذين ينتظرون البت في قضاياهم العقارية.
فالكثير من المعاملات العقارية متوقفة، ومن شأن تأخير إصدار الأحكام أن يزيد من تعقيد الوضع القانوني للأفراد، وخصوصاً في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد.
حرمان الأفراد من حقهم في نقل ملكياتهم أو إتمام معاملاتهم العقارية عبر القضاء، بحجة أن المصالح العقارية متوقفة، يعني أن الدولة بدلاً من أن تبحث عن حلول لإعادة تفعيل الإدارات المعنية، تسعى إلى تعطيل القضاء لمجاراة تعطل الدوائر العقارية. وهذا يقود إلى إطالة أمد النزاعات العقارية وزيادة الضغوط الاقتصادية على المواطنين.
سيادة القانون على المحك
إن أي قرار يهدف إلى عرقلة عمل القضاء يشكل تهديداً مباشراً لسيادة القانون.
فبدلاً من اتخاذ تدابير لتسهيل إجراءات المواطنين وضمان حقوقهم، يتم فرض المزيد من العراقيل التي تؤدي إلى مزيد من التعقيد القانوني والبيروقراطي.
إن احترام مبدأ الفصل بين السلطات يقتضي أن تظل المحاكم مستقلة في عملها، وألا تكون رهينة لقرارات السلطة التنفيذية التي ينبغي أن تسعى إلى حل المشاكل الإدارية بدلاً من محاولة فرض قيود على عمل القضاء.
الحل يكمن في إعادة تشغيل المصالح العقارية
إذا كانت المشكلة الأساسية تكمن في توقف المصالح العقارية عن العمل، فإن الحل المنطقي والعملي ليس في تعطيل القضاء، بل في اتخاذ خطوات فعلية لإعادة تشغيل هذه المصالح وضمان سير الإجراءات القانونية بسلاسة.
هذا يستدعي من الحكومة:
إعادة تفعيل عمل المصالح العقارية عبر توفير ما يلزم ذلك ورفع القيود الإدارية التي تعطل عملها.
احترام استقلال القضاء وترك المحاكم تعمل وفق القوانين دون تدخلات من السلطة التنفيذية.
حماية حقوق المواطنين وضمان عدم تعطيل مصالحهم بسبب قرارات إدارية غير مدروسة.
واجبات الحكومة تسهيل الاجراءات
إن طلب وزارة المالية من وزارة العدل التدخل لوقف إصدار الأحكام القضائية المتعلقة بنقل الملكية هو إجراء يتنافى مع مبدأ الفصل بين السلطات، ويضر بحقوق المواطنين ويؤدي إلى مزيد من التعقيد القانوني والإداري.
والحل لا يكمن في تعطيل المحاكم، بل في إعادة تشغيل المصالح العقارية وضمان احترام سيادة القانون.
فالعدالة لا يمكن أن تكون رهينة لقرارات إدارية، ويجب على الحكومة العمل على تسهيل الإجراءات بدلاً من تعطيلها.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1220