واقع مرير... أطفال سورية في قلب المأساة
تستمر معاناة السوريين بعد أكثر من عقد من الحرب، حيث يتجلى التأثير الأكبر على الأطفال الذين نشأوا في بيئة مليئة بالفقر والعنف والتشريد.
فوفقاً لتقرير حديث لمنظمة اليونيسيف، وُلد 75% من أطفال سورية، أي نحو 10,5 ملايين طفل، خلال سنوات الحرب، مما يعني أنهم لم يعرفوا سوى واقع الصراع وعدم الاستقرار.
هذه النشأة في ظل الفوضى السياسية والاقتصادية والاجتماعية جعلتهم أكثر عرضة للاستغلال والانتهاكات، مثل عمالة الأطفال والزواج المبكر، وهي حلول قسرية تلجأ إليها الأسر بسبب الوضع الاقتصادي المتدهور.
الأزمة الاقتصادية وانعكاساتها على المجتمع
معيشة السوريين باتت أكثر صعوبة مع وصول نسبة السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر إلى 90%، مما يضطر الكثير من العائلات إلى اتخاذ قرارات مؤلمة لضمان البقاء.
فغياب فرص العمل وانخفاض مستوى الدخل جعلا تأمين الاحتياجات الأساسية أمراً شبه مستحيل، خاصة مع انهيار العملة وارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود.
إلى جانب ذلك، تعاني البنية التحتية للبلاد من انهيار شبه كامل، حيث تعمل محطات المياه بأقل من نصف طاقتها، ما يجعل الحصول على مياه نظيفة تحدياً يومياً. كما أن 70% من مياه الصرف الصحي غير معالجة، ما يزيد من المخاطر الصحية وانتشار الأمراض، خاصة بين الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد، حيث يقدر عددهم بأكثر من 500 ألف طفل دون سن الخامسة.
التعليم... الحلم المفقود لملايين الأطفال
التعليم في سورية هو أحد أكبر ضحايا الحرب، حيث تشير التقارير إلى أن 40% من المدارس مغلقة، ما يجعل 2,4 مليون طفل خارج العملية التعليمية.
هذا الواقع يهدد مستقبل جيل كامل من السوريين الذين يكبرون دون فرص للتعلم والتطور، مما يضع البلاد في دوامة مستمرة من الجهل والتخلف، ويقلل من إمكانية إعادة إعمارها بجهود محلية مستقبلاً.
مخاطر الألغام... الموت الكامن في الأرض
من بين التحديات الكبرى التي يواجهها السوريون اليوم، يظهر خطر الألغام ومخلفات الحرب الأكثر رعباً، حيث يقدر أن 5 ملايين طفل معرضون للخطر بسبب هذه المخلفات المنتشرة في مختلف المناطق.
فالألغام المزروعة في الأراضي الزراعية والطرقات والمناطق السكنية تواصل حصد الأرواح وتشكل عائقاً رئيسياً أمام عودة الحياة إلى طبيعتها، خاصة في الأرياف والمناطق التي كانت ساحات للمعارك.
ما بعد الأسد... الآمال والمسؤوليات
مع سقوط سلطة الأسد، تتزايد الآمال لدى السوريين في الخلاص من أزماتهم المتراكمة، إلا أن هذا الأمل مرتبط بقدرة الحكومة المؤقتة على تحمل مسؤولياتها في إدارة البلاد وإعادة بناء ما دمرته الحرب.
ويمكن تلخيص ذلك بالعناوين الهامة التالية:
المسؤولية السياسية والاقتصادية، فمن الضروري أن تعمل الحكومة المؤقتة على تقديم خطط اقتصادية واقعية تعزز من فرص العمل، وتخفف من حدة الفقر، من خلال دعم المشاريع الصغيرة، وجذب الاستثمارات، وتحقيق الاستقرار النقدي. كما يجب أن يكون هناك اهتمام عاجل بملف التعليم وإعادة تأهيل المدارس، وتوفير بيئة تعليمية آمنة للأطفال بعيداً عن تأثيرات الحرب.
إعادة تأهيل البنية التحتية والمياه، فتوفير الخدمات الأساسية مثل المياه النظيفة والصرف الصحي والكهرباء يُعد من أولويات إعادة الإعمار، حيث تحتاج البلاد إلى مشاريع مستدامة في قطاعي المياه والطاقة لضمان عدم تفاقم الأزمات الصحية والبيئية.
إزالة الألغام وإعادة تأهيل المتضررين، فالجهات المسؤولة تتحمل واجب إزالة الألغام، والعمل مع المنظمات الدولية لتطهير الأراضي بأسرع وقت، إلى جانب تقديم الرعاية الصحية والنفسية للمصابين والناجين من هذه الكارثة.
الأمل رغم الجراح
رغم القسوة التي عاناها السوريون خلال السنوات الماضية، لا يزال الأمل في مستقبل أفضل قائماً.
يتطلب تحقيق هذا المستقبل جهوداً جبارة من السوريين بقواهم السياسية والمجتمعية بالتعاون مع الحكومة المؤقتة والمجتمع الدولي للنهوض بسورية من جديد، بعد أن أصبحت الفرصة سانحة لذلك بعد سقوط سلطة الأسد، لإعادة بناء سورية على أسس العدالة والتنمية والكرامة الإنسانية، بعيداً عن القمع والإقصاء والفوضى التي عاشتها البلاد لعقود.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1220