بين تبريرات تجار الجملة واستغلال تجار المفرق المستهلك هو الضحية

بين تبريرات تجار الجملة واستغلال تجار المفرق المستهلك هو الضحية

مع دخول شهر رمضان، شهد سوق الخضار والفواكه في دمشق ارتفاعات كبيرة في الأسعار، ما وضع المستهلك أمام تحديات اقتصادية جديدة.

ورغم تصريحات رئيس لجنة مصدري الخضار والفواكه في سوق الهال بأن الأسعار «رخيصة ومنطقية»، إلا أن الفجوة الكبيرة بين أسعار الجملة وأسعار المفرق تشير إلى مشكلة أعمق تتعلق بغياب الضوابط وضعف الرقابة الحكومية.

تبريرات تجار سوق الهال وتناقضات الواقع

يدّعي تجار الجملة في سوق الهال أن الأسعار عندهم معتدلة، محملين تجار المفرق مسؤولية رفع الأسعار على المستهلكين.
لكن الواقع يثبت أن هذه ليست الصورة الكاملة، حيث إن تجار الجملة أنفسهم يتحكمون بتدفق البضائع ويؤثرون في تسعيرها الأولي.
هذا الأسلوب ليس جديداً، بل هو امتداد لنهج اقتصادي احتكاري استمر لعقود في ظل سلطة النظام الساقطة، حيث يُترك المجال لكبار التجار لفرض الأسعار التي تناسب مصالحهم، ثم تُلقى التهمة على تجار المفرق أو على العرض والطلب لتبرير الغلاء.

تجار المفرق استغلال الطلب دون رادع

لا يمكن إنكار أن تجار المفرق يستفيدون من زيادة الطلب خلال شهر رمضان، حيث يقوم بعضهم بفرض زيادات تتجاوز 100%، مستغلين عدم وجود رقابة صارمة.
لكن هذا ليس السبب الوحيد لارتفاع الأسعار، فهؤلاء التجار يشترون أصلاً البضائع بأسعار مرتفعة من تجار الجملة الذين يتحكمون بالسوق.
فالمشكلة هنا تتجاوز مجرد الجشع، لتصل إلى غياب آليات ضبط الأسواق بشكل عادل يحمي المستهلك النهائي.

الحلقة المفقودة... غياب الدولة وأثر «السوق الحر التنافسي»

المعضلة الأكبر تكمن في غياب دور الدولة عن تنظيم الأسعار ووضع حدود لهوامش الربح.
فمن المفترض أن تلعب مديريات التموين دوراً رئيسياً في ضبط الأسعار ومراقبة الأسواق، لكن الواقع يشير إلى ضعف تأثيرها، أو ربما تغاضيها عن بعض الممارسات الاحتكارية.
فتبني الحكومة لنهج «السوق الحر التنافسي» دون وضع ضوابط واضحة جعل المستهلك هو الطرف الأضعف، حيث بات عرضة لاستغلال كل حلقات التجارة، من تجار الجملة إلى تجار المفرق.

المستهلك هو الخاسر الأكبر

في النهاية، يدفع المواطن ثمن هذه الفوضى الاقتصادية، إذ يجد نفسه مضطراً لدفع أسعار مرتفعة دون وجود جهة تحميه، بينما يستفيد كبار التجار من هذا الوضع، في ظل استمرار التبريرات والادعاءات بأن «الأسعار منطقية»!
الحل لا يكمن في لوم طرف معين للتهرب من حل المشكلة، بل في إعادة هيكلة آلية التسعير والالتزام بهوامش الربح، ووضع رقابة فعلية على الأسواق لضمان عدالة التوزيع السعري بين حلقات التجارة وصولاً إلى المستهلك، بحيث لا تبقى الأرباح محصورة في جيوب تجار سوق الهال وبائعي المفرق، بينما يعاني المواطن من الغلاء المستمر.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1219