تخفيض رسوم الجامعات الخاصة مطلب عادل في مواجهة الاستغلال المالي

تخفيض رسوم الجامعات الخاصة مطلب عادل في مواجهة الاستغلال المالي

يشهد قطاع التعليم العالي في سورية حالة من الجدل بعد اعتراض طلاب الجامعات الخاصة على استمرار العمل برسوم التسجيل الحالية، والمقرة في العام الماضي، رغم التغيرات الاقتصادية التي طرأت مؤخراً، وخاصة انخفاض سعر صرف الدولار.

يطالب الطلاب بإعادة النظر في الرسوم لتتوافق مع التكاليف الفعلية الحالية، معتبرين أن تخفيضها يحقق العدالة ويخفف الأعباء المالية عنهم.
ومع ذلك، تواجه هذه المطالب عقبة أساسية، وهي أن الجامعات الخاصة بطبيعتها مؤسسات ربحية، تسعى إلى تعظيم أرباحها، مما يجعلها حريصة على الاحتفاظ بالفارق وفقاً لمتغيرات سعر الصرف لصالحها، حتى لو كان ذلك على حساب الطلاب وذويهم.

أحقية المطلب وتأثير انخفاض التكاليف

عند تحديد رسوم التسجيل للعام الدراسي 2024-2025، تم احتسابها بناءً على تكاليف تشغيلية وسعر صرف مرتفع نسبياً في حينه، ومع التحسن الذي طرأ على قيمة الليرة السورية مؤخراً، انخفضت تكاليف العديد من الخدمات والمواد والمستلزمات الأساسية التي تعتمد عليها الجامعات، مثل أجور الموظفين، والمعدات، والصيانة، وحتى بعض المستلزمات التعليمية المستوردة.
لكن الجامعات الخاصة، لكونها مؤسسات تهدف إلى تحقيق الأرباح أولاً وأخيراً، لا تبدو متحمسة لتخفيض الرسوم بما يتناسب مع هذه المتغيرات. فهي ترى في الفارق بين التكاليف الفعلية والأسعار المقررة فرصة لزيادة هامش أرباحها، حتى لو كان ذلك يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب الذين يعانون أصلاً من ضغوط مالية كبيرة.

التأثير السلبي لاستمرار الرسوم المرتفعة

إن الإبقاء على الرسوم المرتفعة دون مبرر موضوعي لا يضر فقط بالطلاب وأسرهم، بل يؤثر سلباً على قطاع التعليم العالي والمجتمع ككل، حيث يؤدي إلى:
تفاقم الأعباء المالية على الطلاب والأسر، فاستمرار الرسوم كما هي، رغم انخفاض التكاليف، يعني تحميل الطلاب نفقات غير مبررة، ما يزيد الضغط المالي عليهم ويجعل التعليم عبئاً بدلاً من كونه فرصة للاستثمار في المستقبل.
زيادة معدلات التسرب الجامعي، حيث قد يضطر العديد من الطلاب إلى تأجيل فصول دراسية، أو حتى الانقطاع عن الدراسة، بسبب عدم قدرتهم على تحمل التكاليف، ما يؤدي إلى تراجع مستويات التحصيل العلمي وزيادة نسبة غير الحاصلين على شهادات جامعية.
تراجع الإقبال على الجامعات الخاصة، فارتفاع الرسوم بشكل غير متناسب مع التكاليف قد يدفع بعض الطلاب إلى البحث عن بدائل أقل تكلفة، مثل الجامعات الحكومية أو حتى الدراسة خارج البلاد، ما قد يؤثر على استمرارية بعض الجامعات الخاصة نفسها.
انعكاسات اقتصادية سلبية على المدى البعيد، ففرض رسوم مرتفعة بشكل غير عادل يضعف قدرة الشباب على الحصول على تعليم جامعي جيد، مما ينعكس سلباً على سوق العمل والاقتصاد الوطني، حيث يقل عدد الخريجين المؤهلين لمتطلبات التنمية المستقبلية.

ضرورة تدخل الجهات المعنية

مع الأخذ بعين الاعتبار أن الجامعات الخاصة هي مؤسسات تجارية تهدف إلى تحقيق الأرباح، يبقى دور الجهات الرقابية والتعليمية أساسياً في ضمان تحقيق توازن بين مصلحة الجامعات والطلاب.
فمن الضروري وضع آليات تضمن تسعير الرسوم بناءً على التكاليف الفعلية، وليس وفق هوامش ربح غير مبررة.

مطلب عادل

يُعد مطلب الطلاب بتخفيض رسوم التسجيل في الجامعات الخاصة مطلباً عادلاً ومنطقياً، خاصة في ظل انخفاض التكاليف التشغيلية التي تم احتساب الرسوم على أساسها سابقاً.
فرغم أن الجامعات الخاصة مؤسسات ربحية، إلا أن تحقيق الأرباح يجب ألا يكون على حساب استغلال الطلاب وذويهم.
على ذك فإن الاستجابة لهذا المطلب لا تحقق العدالة للطلاب فقط، بل تساهم أيضاً في تطوير التعليم العالي وتعزيز الاقتصاد على المدى البعيد، وعلى الجهات المعنية التدخل لضمان عدم تحول التعليم إلى سلعة يتحكم بها منطق الربح فقط، على حساب مستقبل الأجيال.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1214