إعادة العمال المفصولين تعسفياً خطوة إيجابية نحو تعزيز القطاع العام الصناعي

إعادة العمال المفصولين تعسفياً خطوة إيجابية نحو تعزيز القطاع العام الصناعي

في خطوة لافتة، قررت وزارة الصناعة في حكومة تسيير الأعمال إعادة 8,100 عامل إلى مواقع عملهم في المعامل والمنشآت الصناعية التابعة لها.
هذه الخطوة تحمل في طياتها دلالات عدة، سواء من حيث مراجعة القرارات السابقة التي أدت إلى تسريح هؤلاء العمال، أو من حيث إدراك الحكومة لأهمية العنصر البشري في استمرارية الإنتاج الصناعي.

كما يمكن أن تكون هذه الخطوة انعكاساً لتحولات في سياسات وتوجهات الحكومة الحالية تجاه القطاع العام الصناعي، خصوصاً في ظل النقاش المستمر حول سياسات الانفتاح الاقتصادي وتحرير الأسواق والخصخصة.

دلالات إعادة العمال المسرّحين

تأتي هذه الخطوة في سياق قد يكون مرتبطًا بعدة عوامل، منها:
تصحيح قرارات التسريح السابقة، فربما أدركت الحكومة أن القرارات التي أدت إلى تسريح هذا العدد الكبير من العمال كانت مجحفة بحقهم، خاصة أنها لم تستند إلى أسس قانونية أو إدارية واضحة.
الاستجابة للضغوط الاجتماعية والعمالية، فمن الممكن أن تكون هذه الخطوة جاءت نتيجة الضغوط العمالية والشعبية، التي طالبت بإعادة العمال المسرّحين لضمان حقوقهم المهنية والاجتماعية.
الحاجة إلى الخبرات لضمان استمرارية الإنتاج، فالقطاع الصناعي يعتمد بشكل أساسي على العمالة المدرّبة، وقد يكون نقص العمالة المؤهلة قد أثر سلباً على الإنتاجية، مما دفع الجهات المعنية إلى إعادة هؤلاء العمال لضمان استمرارية العمل بكفاءة.
تراجع التوجه نحو الخصخصة، فعلى مدى السنوات الماضية كان هناك توجه واضح من قبل السلطة الساقطة نحو تحرير الاقتصاد والانفتاح على القطاع الخاص، والسير نحو الخصخصة المباشرة وغير المباشرة، وهو النهج نفسه الذي تم تبنيه والإعلان عنه من قبل حكومة تسيير الأعمال الحالية، ولكن إعادة العمال قد تعكس تغييراً جزئياً في هذه التوجهات، أو على الأقل مراجعة لبعض سياسات التخلي عن القطاع العام لصالح المستثمرين.

أهمية القطاع العام الصناعي في سورية

يعد القطاع العام الصناعي ركيزة أساسية في الاقتصاد السوري، حيث يشمل الصناعات الثقيلة، والنسيجية، والصناعات الغذائية، والكيماوية، والمعدنية وغيرها. وتمتد أهميته كما يفترض أن تكون إلى عدة جوانب:
تأمين بعض المنتجات الاستراتيجية، مثل المواد الغذائية، الأدوية، والمنتجات الهندسية التي يحتاجها السوق المحلي، ما يقلل الاعتماد على الاستيراد.
تحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز الأمن الاقتصادي، ففي ظل العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية، لعب القطاع الصناعي العام دوراً رئيسياً في توفير الكثير من الاحتياجات الأساسية محلياً.
توفير فرص العمل، فهذا القطاع يشكل مصدراً مهماً لتوظيف العمالة، وإعادة العمال المفصولين يسهم في تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي للعديد من الأسر السورية.
تحقيق التوازن في السوق، ففي ظل ارتفاع الأسعار نتيجة المضاربات في السوق من قبل القطاع الخاص، يبقى القطاع العام أداةً هامة لضبط الأسعار ومنع الاحتكار.

ضرورة استكمال الخطوة وتوسيعها

على الرغم من إيجابية هذه الخطوة، إلا أنها غير كافية، ويجب أن تتبعها إجراءات إضافية تشمل الآتي:
إعادة جميع المفصولين تعسفياً في مختلف القطاعات، وليس فقط الصناعة.
ضمان استقرار العمالة، بحيث لا يتم اللجوء مجدداً إلى سياسات تسريح غير مدروسة.
دعم القطاع العام الصناعي عبر تحديث المصانع وتأمين المواد الأولية ومستلزمات إنتاجه وزيادة الرواتب لتحفيز العمال على الإنتاج.
تحقيق التوازن بين القطاعين العام والخاص، بحيث لا تكون الخصخصة على حساب العاملين ومصالح الدولة ذريعةً لتصحيح اختلال هذا التوازن.

خطوة في الاتجاه الصحيح

إن إعادة العمال المسرّحين خطوة في الاتجاه الصحيح، ولكنها بحاجة إلى استكمال لضمان العدالة لجميع العاملين الذين فقدوا وظائفهم خلال الفترة القريبة الماضية دون مبرر واضح.
كما أنها قد تكون إشارة إيجابية إلى إعادة تقييم السياسات الاقتصادية لحكومة تسيير الأعمال، مما يفتح المجال لإعادة الاعتبار للقطاع العام الصناعي، ولدوره الهام مستقبلاً في بناء اقتصاد وطني قوي ومستدام، وهو المطلوب وما يجب التأكيد عليه.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1213