حكومة تسيير الأعمال... قرارات متفرقة وتداعيات كارثية
منذ تكليفها وحتى تاريخه، لم تعقد حكومة تسيير الأعمال السورية أي جلسة رسمية جامعة لها، ورغم ذلك تستمر الوزارات في إصدار قرارات فردية تتجاوز مفهوم «تسيير الأعمال» إلى قرارات ذات طابع استراتيجي، مثل الصرف التعسفي من الخدمة، والسياسات النقدية، وتحرير الأسواق، وحتى الحديث عن الخصخصة.
هذه الفوضى في صنع القرار لا تعكس غياب التنسيق فقط، بل تنذر بتداعيات خطيرة على الاقتصاد والمجتمع.
غياب الشرعية المؤسسية وتهديد الاستقرار الإداري
يُفترض أنّ تسيير الأعمال يقتصر على اتخاذ القرارات الضرورية لضمان استمرارية الخدمات العامة دون إحداث تغييرات جذرية. لكن الواقع يظهر أن كل وزارة تعمل بشكل مستقل، وتتخذ قرارات مصيرية دون إطار حكومي موحد.
هذا الوضع يؤدي إلى:
اضطراب مؤسسات الدولة نتيجة غياب القرارات الجماعية والتوافق الحكومي.
تفكك الهيكل الإداري بسبب الصرف التعسفي للموظفين، مما يعزز الشعور بعدم الأمان الوظيفي.
تغييب المساءلة حيث لا توجد سلطة عليا تنسّق أو تراقب أو تتحمل مسؤولية هذه السياسات.
قرارات اقتصادية منفصلة تهدد الاستقرار المعيشي
اتخاذ قرارات اقتصادية مثل السياسات النقدية وتحرير الأسواق دون إطار حكومي موحد يؤدي إلى نتائج كارثية، منها:
تقلبات غير منضبطة في سعر الصرف بسبب غياب سياسة نقدية واضحة، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار وتآكل القدرة الشرائية.
تحرير الأسواق بشكل عشوائي يزيد من احتكار السلع ورفع الأسعار بدلاً من تحسين الاقتصاد.
التوجه نحو الخصخصة دون دراسة يفتح الباب أمام استغلال الموارد العامة لصالح فئات محدودة بدلاً من تحسين الخدمات للمواطنين.
فقدان الثقة وتعزيز حالة عدم الاستقرار
عندما تصدر كل وزارة قرارات منفصلة دون رؤية حكومية واضحة، فإن ذلك يعمّق الإحباط الشعبي ويزيد من الشعور بعدم الاستقرار، مما يؤدي إلى:
تراجع ثقة المواطنين بالحكومة نتيجة العشوائية والتناقضات في السياسات.
زيادة معدلات الهجرة مع فقدان الأمل في تحسن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.
تصاعد الأزمات الاجتماعية بسبب تفاقم البطالة والفقر وعدم استقرار الأسعار.
ضرورة إعادة ضبط المسار
إن غياب الجلسات الحكومية الجامعة، واتخاذ قرارات استراتيجية من قبل وزارات منفردة، هو مؤشر خطير على حالة الاضطراب الإداري والاقتصادي في سورية، فتسيير الأعمال لا يعني تفكيك الدولة أو اتخاذ قرارات مصيرية دون توافق حكومي وشعبي.
إن استمرار هذا النهج سيؤدي إلى مزيد من الانهيار الاقتصادي والاجتماعي، مما يستوجب ضرورة إعادة النظر في آليات صنع القرار، وضمان وجود سلطة تنفيذية تكتسب شرعيتها من توافق السوريين كي تعمل بتنسيق وتكامل لضمان الحد الأدنى من الاستقرار.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1213