خصخصة قطاع الإسمنت بالضد من الضرورات الوطنية بإعادة الإعمار

خصخصة قطاع الإسمنت بالضد من الضرورات الوطنية بإعادة الإعمار

صرّح المكلف بإدارة المؤسسة العامة للإسمنت لقناة CNBC بتاريخ 21/1/2025 بأن «حكومة تصريف الأعمال تدرس خصخصة مصانع الإسمنت أو طرحها للشراكة مع القطاع الخاص».
وفي خطوة منسجمة مع هذا التصريح تم بتاريخ 28/1/2025 منح 348 عاملاً بالمؤسسة إجازة مأجورة مدتها ثلاثة أشهر بدون أي أساس قانوني، ما أثار مخاوف العمال من تسريحهم بشكل نهائي من العمل بعد نهاية مدة الإجازة.

أهمية المؤسسة العامة للإسمنت في المرحلة القادمة

من الواجب أن تتصدى الدولة بمختلف قطاعاتها الإستراتيجية للمسؤوليات والمهام في المرحلة القادمة بما يتناسب مع المصلحة الوطنية العامة، ولعل أهم هذه المهام هو المساهمة الفاعلة للدولة في عملية إعادة الإعمار عبر شركاتها ومؤسساتها، وعلى رأسها ربما المؤسسة العامة للإسمنت، للمساهمة بأكبر قدر ممكن بإنتاج مادة الإسمنت وفقاً للمواصفات والكميات المطلوبة وطنياً في هذه المرحلة الحساسة وما يليها.
إلا أن الحديث عن خصخصة هذه الشركة، والتعامل غير القانوني مع عمالها، لا ينسجم والمصلحة الوطنية ووفقاً للمهام التي يمكن أن تؤديها هذه المؤسسة حالياً ومستقبلاً، وربما المطلوب هو العكس تماماً، أي الإصرار والتأكيد على إبقاء المؤسسة بملكية الدولة وتعزيز دورها بما يضمن توجيه سياسات الإنتاج نحو الأولويات الوطنية، وخاصة توفير مادة الإسمنت بأسعار معقولة وبمواصفات وجودة عالية تساهم في نجاح عملية إعادة الإعمار.
فخصخصة هذه المؤسسة في هذه المرحلة ستؤدي إلى سيطرة الشركات الخاصة على إنتاج الإسمنت بما يتناسب ومصالحها الربحية والضيقة، وعليه احتمالية ارتفاع تكاليف البناء والتحكم بالسوق من قبل قوى احتكارية، إضافة إلى عدم ضمان جودة المواصفات المطلوبة لمادة غاية بالأهمية مثل الإسمنت، وغيرها من المساوئ المرتبطة بمصالح القطاع الخاص الضيقة التي لا تراعي في معظم الأحيان المصالح الوطنية، وخاصة عندما تتعارض مع مصالح ضمان أرباحها.

تهريب الإسمنت من لبنان وتركيا

أعلنت لجنة كفر حزير البيئية في لبنان قبل أسبوع عن كمية الإسمنت التي يتم تهريبها من لبنان إلى سورية، والتي تحدثت عن كميات كبيرة تقدر بنحو 4000 طن بشكل يومي.
إضافة إلى ذلك فإن عمليات تهريب الإسمنت إلى سورية تتم أيضاً من تركيا، ولا توجد معلومات دقيقة عن كميات الإسمنت التركي التي تدخل سورية بطرق غير شرعية.
مع الأخذ بعين الاعتبار أن عمليات التهريب تضاعفت خلال سنوات الأزمة عموماً، ونتيجة لارتفاع أسعار الإسمنت المحلي بسبب سياسات السلطة الساقطة النهبوية والفاسدة، ما اضطر الناس للجوء إلى الإسمنت المهرب «اللبناني والتركي» عبر شبكات التهريب والمستفيدين منها، والذي يعاني من تردي وسوء المواصفات الفنية بحسب بعض الأخصّائيين، مما يشكل خطورة على سلامة الأبنية التي تدخل فيها هذه المادة كأحد المكونات الرئيسية في إشادة الأبنية وترميمها، وبالتالي تهديد أمن وسلامة المواطنين بالنتيجة.

استعادة دور المؤسسة ضرورة ملحة

لا بد من التأكيد على ضرورة إلغاء التوجه بخصخصة قطاع الإسمنت والتفريط به، تحت أي مسمى وذريعة.
فاستعادة المؤسسة العامة للإسمنت لدورها المفترض في إنتاج الكميات اللازمة من مادة الإسمنت وبالمواصفات المطلوبة، وطرحها بأسعار معقولة، سيساهم بلا أدنى شك بالحد من تهريب الإسمنت السيّئ، وبالتالي المساهمة الفاعلة والإيجابية في عملية إعادة الإعمار القادمة بما يتوافق مع المصالح الوطنية العامة، وهو على ذلك ضرورة وطنية ملحة بهذه المرحلة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1212