المزيد من التدهور في القطاع الزراعي!

المزيد من التدهور في القطاع الزراعي!

تستمر معاناة القطاع الزراعي من تركة سياسات السلطة الساقطة، وخاصة على مستوى نتائج سياسات تخفيض الدعم، وتقليص دور الدولة على مستوى مهامها وواجباتها تجاه هذا القطاع الهام، والتي كرستها حكومة تسيير الأعمال الحالية من خلال الإجهاز على الدعم كلياً، وعبر تبنيها سياسات السوق المفتوح وتحرير الأسعار والمزيد من قضم دور الدولة، لمصلحة كبار أصحاب الأرباح المتحكمين بالسوق بالمحصلة.

فالإنتاج الزراعي زادت صعوباته، وتعمقت أزمة ارتفاع تكاليف مستلزماته التي تثقل كاهل الفلاحين وتضطرهم إلى هجرة أراضيهم بحثاً عن مصادر دخل أخرى، والنتيجة الطبيعية لكل ما سبق هي المزيد من تدهور القطاع الزراعي وتراجع إنتاجه لمختلف المحاصيل.
فقد صرح مدير الإنتاج النباتي في هيئة تطوير الغاب أمير عيسى خلال الأسبوع الماضي بأن «المساحات التي تمت زراعتها لا تتعدى 40% من أصل الخطة»، عازياً الأسباب إلى «الخوف من انحباس الأمطار».
بالتأكيد فإن تأخر هطول الأمطار والتخوّف من الجفاف يعتبر من الأسباب الرئيسية لعزوف الفلاحين عن زراعة الأراضي، لكنه بالتأكيد ليس السبب الوحيد، خاصة مع تلك النسبة الكبيرة من مساحة الأراضي التي خرجت من العملية الإنتاجية!
فهناك لا شك أسباب أكثر جوهرية لها علاقة مباشرة بالجدوى الاقتصادية من العمل الزراعي بالنسبة للفلاحين، خاصة مع توجهات الحكومة المعلنة والمنفذة على مستوى إنهاء الدعم كلياً وتحرير الأسواق والأسعار، وبالتالي مزيد من ارتفاع تكاليف الإنتاج بشكل لا يتناسب بالمطلق مع واقع أسعار المنتجات الزراعية ومحاصيلها، والتي تعرضت خلال الفترة القريبة الماضية إلى مزيد من الانخفاض في ظل تحرير التجارة الخارجية واستيراد الخضار والفواكه من البلدان المجاورة، مقابل تراجع عمليات التصدير.
عزوف المزارعين في سهل الغاب عن زراعة نسبة كبيرة من مساحات أراضيهم كما ورد أعلاه قد يكون مثالاً معمماً كظاهرة على مستوى الأراضي الزراعية كافة في بقية المحافظات والمناطق الزراعية، ما يعني عملياً مزيداً من تدهور قطاع الإنتاج الزراعي، وربما وصولاً إلى تصفية وإنهاء هذا القطاع الاستراتيجي والهام، وخاصة على مستوى دوره ارتباطاً بالأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1211
آخر تعديل على الأحد, 26 كانون2/يناير 2025 21:23