سورية... عام جديد بعد سقوط الأبد واستعادة مشروعية الأحلام

سورية... عام جديد بعد سقوط الأبد واستعادة مشروعية الأحلام

مع بداية العام الجديد، تقف سورية عند مفترق طرق تاريخي، حيث تتعالى أصوات التغيير والحلم بمستقبل أفضل يتوافق مع قيم الديمقراطية وسلطة الشعب، والاستقلال الاقتصادي والسيادة الوطنية، والعدالة الاجتماعية وتوزيع الثروة.

تعكس هذه المحطات مفاتيح إعادة بناء سورية الجديدة التي يتطلع إليها أبناؤها، بعد عقود طويلة من الأزمات العميقة التي طالت كل مناحي الحياة.

الديمقراطية وسلطة الشعب

لطالما كانت الديمقراطية حلماً يسعى إليه السوريون، ليس كشعار فقط، بل كواقع يعكس إرادة الشعب وحقه في تقرير مصيره، وفي اختيار ممثليه وصنع مستقبله.
فقد أظهرت الأزمات المتتالية خلال العقود الماضية أن النظام المستبد عاجز عن تلبية تطلعات المواطنين، بل يزيد من تعقيد المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
إن تحقيق الديمقراطية يبدأ بخلق بيئة سياسية شاملة تتيح لجميع السوريين التعبير عن آرائهم دون خوف، وتكفل إجراء انتخابات حرة ونزيهة.
فالديمقراطية ليست هدفاً بعيد المنال، بل حقاً أصيلاً يجب أن يستعيده السوريون، ليصبح الشعب هو المصدر الوحيد للسلطات، وهو الرقيب على أدائها، السيد على أرضه والمتمكن من مقدراتها.

السيادة الوطنية واستقلال القرار

من التحديات الرئيسية التي تواجه سورية اليوم، إعادة بناء مفهوم السيادة الوطنية التي تعرضت للتآكل والتشويه المتعمد خلال عقود، بسبب السلطة الساقطة وبنتيجة التدخلات الخارجية المباشرة وغير المباشرة، لذلك يجب أن تستعيد الدولة السورية استقلال قرارها الوطني بعيداً عن التبعية لأية قوى إقليمية أو دولية، وأن تتبنى سياسة تحقق مصالح شعبها أولاً وأخيراً، وعلى رأس الأولويات بهذا الشأن استعادة الأراضي السورية المحتلة من الكيان الغاصب.
والسيادة الوطنية لا تقتصر على المجال السياسي فقط، بل تشمل أيضاً السيادة على الموارد الطبيعية والبنى التحتية والقطاعات السيادية، حيث يجب أن تكون تلك الموارد والبنى والقطاعات ملكا للشعب، وتدار بشفافية وكفاءة من قبل الدولة.

الاستقلال الاقتصادي شرط للاستقرار

لا يمكن فصل الديمقراطية والسيادة الوطنية عن الاستقلال الاقتصادي. فالاقتصاد السوري يعاني من تحديات كبيرة نتيجة سنوات الحرب والعقوبات الدولية، التي أدت إلى تدهور غير مسبوق في مستوى المعيشة.
ويتطلب الإصلاح الاقتصادي اعتماد نموذج اقتصادي قائم على ركيزتين، العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة، ومن أجل تحقيق ذلك يجب التركيز على دعم القطاعات الإنتاجية كالصناعة والزراعة، بدلاً من الاعتماد على المساعدات أو القروض أو القطاعات الريعية غير المنتجة، كما أن مكافحة الفساد أمر أساسي لتحقيق اقتصاد قوي ومستقل.

أولويات الوضع الاقتصادي والاجتماعي

تتفاقم المعاناة اليومية للسوريين مع استمرار تذبذب الليرة والدولرة الطاغية وارتفاع معدلات البطالة والفقر، خاصة مع استمرار حكومة تسيير الأعمال على النهج الاقتصادي نفسه للسلطة الساقطة، والقائم على الانفتاح والتحرير الاقتصادي والخصخصة.
إن إصلاح الوضع الاقتصادي بما يحقق المصلحة الاقتصادية الاجتماعية يتطلب إنهاء كل السياسات الطبقية والتمييزية والنهبوية التي كانت تسير عليها سلطة النظام الساقطة، والمستمرة على أيدي حكومة تسيير الأعمال الحالية، لفسح المجال أمام المجتمع للتعاون والتكاتف مع السياسات العامة، بحيث يصبح المواطن السوري في صلب عملية التنمية وغايتها.
كذلك من الضروري تعزيز التعليم والرعاية الصحية، وإعادة تأهيل وبناء البنية التحتية التي دُمرت خلال الحرب، بما يسهم في تحسين حياة المواطنين وإحياء الأمل في نفوسهم.

نحو استعادة مشروعية الأحلام

إن سقوط الأبد واستعادة مشروعية الأحلام يعنيان أن سورية لم تعد أسيرة الماضي، بل باتت قادرة على تجاوز أزماتها والعبور إلى مستقبل مشرق.
سورية اليوم بحاجة إلى رؤية وطنية جامعة تعتمد على الإرادة الشعبية كركيزة أساسية، وتؤسس لدولة مدنية حديثة تضمن حقوق جميع مواطنيها بغض النظر عن انتماءاتهم.
عام جديد يحمل في طياته التحديات والفرص، فهل يكون بداية حقيقية لسورية التي يحلم بها أبناؤها؟
الإجابة ما زالت تكمن في قدرة الشعب السوري على التمسك بحلمه، والعمل معاً لإعادة بناء وطنه على أسس الحرية والعدالة والسيادة، فالشعب الذي أسقط الأبد لن يعجزه شيء.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1208