الإعفاءات الجمركية لدعم الإنتاج استثناء أم قاعدة؟!

الإعفاءات الجمركية لدعم الإنتاج استثناء أم قاعدة؟!

خلال جلسة الحكومة بتاريخ 22/10/2024 درس مجلس الوزراء مشروع صك تشريعي لإعفاء مستلزمات الإنتاج والمواد الأولية الداخلة في صناعة الأدوية البشرية من الرسوم الجمركية المحددة في جدول التعريفة الجمركية النافذ بالمرسوم رقم 377 لعام 2014 ومن الضرائب والرسوم الأخرى كافة والمفروضة على الاستيراد.

الإعفاء الجمركي أعلاه إيجابي وهام من دون أدنى شك، لكنه إعفاء الاستثناء الذي تفرض الظروف الراهنة تعميمه!

الضرورة والغاية!

أكد مجلس الوزراء أهمية اتخاذ الإجراءات التي تضمن استفادة المواطنين من هذا الإعفاء لناحية أسعار مبيع الدواء في السوق المحلية.
وقد أشار وزير الصحة، في مؤتمر صحفي عقب جلسة الحكومة حول مشروع الصك التشريعي، إلى أهمية عرض صك المشروع، والذي يظهر مدى الشراكة بين الحكومة والصناعيين المنتجين عموماً، ولا سيما صناعة الأدوية البشرية، على حد قوله.
فهل من ضمان لتحقق الغاية أعلاه المتمثلة بمصلحة المواطن؟
وكيف تترجم الشراكة بين الحكومة والصناعيين على ضوء الإعفاء الجمركي الخاص أعلاه كاستثناء؟!

إعفاء مجدد!

المشروع أعلاه يعتبر تجديد للمرسوم رقم 19 لعام 2023 المتضمن الإعفاءات ذاتها أعلاه الخاصة بقطاع الصناعات الدوائية، والذي كان مسقوف المدة الزمنية لمدة عام واحد اعتباراً من تاريخ صدوره.
وبحسب ما ورد على صفحة الحكومة بأن قيمة التوريدات التي استفادت من الصك التشريعي رقم 19 لعام 2023 نحو 482 مليار ليرة سورية، فيما بلغت قيمة الإعفاءات ما يقارب 23 مليار ليرة سورية، حيث تبلغ هذه الإعفاءات ما نسبته 4,7% من قيمة المواد المشمولة بالمرسوم.
الأرقام أعلاه تبين حجم الاستفادة من الإعفاءات، وهي مبالغ كبيرة من المفترض أنها انعكست على المواطنين إيجاباً، ناحية توفر الدواء وناحية سعره ومواصفته وجودته!

مسؤولية وزارة الصحة!

مع إعادة التأكيد على أهمية هذا الشكل من الإعفاءات لقطاع صناعة الأدوية البشرية الهام، بالإضافة إلى التأكيد على ضرورة عدم وضع سقف زمني لها، وبالتالي الاضطرار إلى إصدار صك تشريعي جديد للغاية نفسها!
إلا أن الغاية المتمثلة بتخفيض أسعار الأدوية، أو استقرارها بالحد الأدنى، مقابل مبالغ الإعفاء المبينة أعلاه، لم تتحقق كما يجب خلال مدة العام التي تضمنت الإعفاءات المذكورة في متن المرسوم، حيث سجلت الكثير من الأصناف الدوائية ارتفاعات سعرية، وبعضها تم تقنين توزيعها، أو حجبها في بعض الأحيان، بالإضافة إلى استمرار مطالبة معامل الأدوية بتعديلات سعرية على الأصناف الدوائية المنتجة من قبلها!
وبهذا الجانب فإن المسؤولية الرقابية تقع على وزارة الصحة، المسؤولة عملياً عن إصدار النشرات السعرية للأصناف الدوائية المنتجة محلياً، بالإضافة إلى مسؤوليتها عن مواصفتها وجودتها، والأهم توفرها في الصيدليات بما يلبي احتياجات المواطنين منها!

خطوة إيجابية المطلوب تعميمها!

النقطة الأكثر أهمية بما يخص مثل هكذا خطوة إيجابية تجاه قطاع صناعة الأدوية البشرية، هي تعميمها على قطاعات الصناعة المحلية كافة!
فحديث وزير الصحة أعلاه كان فيه تعميم عن إظهار مدى الشراكة بين الحكومة والصناعيين المنتجين عموماً، لكن هذه الشراكة تبدو شكلية ومنقوصة، حيث لم تستفد القطاعات الصناعية المحلية بإعفاءات جمركية شبيهة بقطاع صناعة الأدوية البشرية!
فالواقع يقول إن قطاع الإنتاج الصناعي المحلي يعاني من الكثير من الصعوبات والمعيقات، وجزء هام من هذه الصعوبات يتمثل بزيادة تكاليف الإنتاج، بما في ذلك تكاليف مستلزمات إنتاجه ومواده الأولية، والتي تظهر على شكل ارتفاعات سعرية على السلع والبضائع المنتجة التي يتحملها المستهلك بالنتيجة!
فلماذا لا يتم تعميم الإعفاءات الجمركية على كل القطاعات المنتجة المحلية، بدلاً من هذا الشكل الاستثنائي لقطاع صناعة الأدوية البشرية فقط، حتى ولو كان مسقوفاً زمنياً بمدة محددة تحقق الغاية منه، بما يدعم الإنتاج ويزيده ويخفض تكاليفه، وبما ينعكس إيجاباً على السوق والمستهلكين، ناحية زيادة السلع والبضائع وتخفيض أسعارها وتحسين جودتها، وخاصة قطاع الصناعات الغذائية، بهذه الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي يدفع ضريبتها الغالبية المفقرة؟!
وبحال كان المبرر لتكريس الاستثناء بهذا الجانب من الاعفاءات الجمركية بدلاً من تعميمه ليصبح القاعدة، هو الحرص على موارد الخزينة، فإن زيادة الإنتاج المحلي وتخفيض تكاليفه وارتفاع معدلات الاستهلاك وحدها كفيلة بتغطية جزء هام منها!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1198
آخر تعديل على الأحد, 27 تشرين1/أكتوير 2024 20:16