الهيئة العامة لإدارة وتنمية وحماية البادية من الضرورة إلى الإلغاء!
وافق مجلس الشعب خلال جلسته المنعقدة بتاريخ 8/10/2024 على إحالة مشروع القانون المتضمن إلغاء المرسوم التشريعي رقم 78 لعام 2011 المتضمن إحداث الهيئة العامة لإدارة وتنمية وحماية البادية وتعديلاته إلى لجنة الزراعة والموارد المائية لدراسته موضوعاً، وإعداد التقرير اللازم حوله، وذلك نظراً لعدم استكمال دراسته خلال الدور التشريعي الثالث.
إذاً فالهيئة الوليدة، التي لم يتجاوز عمرها 13 عاماً، سيصدر قريباً صك قانوني يقضي بحلها!
للتذكير، وبحسب المادة 3 من قانون إحداثها، تهدف الهيئة إلى تطوير البادية وحمايتها وتنمية مجتمعها المحلي ومواردها الطبيعية والبشرية والبنى التحتية وإدارة وتنشيط الفعاليات المختلفة فيها والتنسيق بين الجهات المعنية لتنفيذ برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والخدمية في البادية.
على ذلك فالمهام الموكلة إلى الهيئة كبيرة، ولها طابع اقتصادي واجتماعي وخدمي، ومساحة رقعة تنفيذ هذه المهام واسعة جداً!
فهل السبب بإنهاء الهيئة الآن مرتبط بانتهاء ضرورات مبررات إحداثها وأسباب جودها وأهدافها؟
أم لتعارض جزء من مهامها مع مهام وأهداف جهات عامة أخرى؟!
إعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل 13 عاماً!
كان مجلس الوزراء بتاريخ 7/4/2024 قد ناقش مشروع الصك التشريعي المتضمن إلغاء الهيئة العامة لإدارة وتنمية وحماية البادية، وإحداث مديرية مركزية ضمن الهيكل التنظيمي لوزارة الزراعة والإصلاح الزراعي لتنفيذ المهام الموكلة إلى الهيئة.
فاستبدال الهيئة بمديرية محدثة الآن يمثل عودة إلى ما قبل 13 عاماً قبل إحداثها!
فالفقرة ج من المادة 3 من قانون إحداث الهيئة، وبما تتولاه من مهام، تنص على ما يلي: حماية البادية وتطبيق الأحكام المتعلقة بها الواردة في القانون رقم/62/ لعام 2006، وتحل الهيئة محل مديرية الزراعة والإصلاح الزراعي في مهمة تدقيق الضبوط ودراستها وإيداعها إلى النيابة العامة لتحريك دعوى الحق العام بحق المخالفين أمام المحاكم المختصة ومتابعتها.
على ذلك فمهام الهيئة وأهدافها ستعود لتقوم بها مديرية محدثة في وزرة الزراعة، بمعنى أدق يبدو من الخطوة أعلاه أن الهيئة كانت تمثل تضخّماً غير مبرر في الجهاز الإداري، والتوجه بإنهائها هو تصويب لذلك الآن!
فهل هذا تخبط رسمي؟!
تتويج إنهاء العديد من الجهات الرسمية!
عند صدور مرسوم إحداث الهيئة العامة لإدارة وتنمية وحماية البادية وتعديلاته حلت محل الجهات التالية: الهيئة العامة لإدارة وتنمية البادية وفروعها في المحافظات- مديرية حماية البادية ودوائر حماية البادية في مديريات الزراعة والإصلاح الزراعي في المحافظات- مكتب مشروع تنمية البادية السورية وفروعه في المحافظات- واحة البطمة التابعة لمديرية الزراعة والإصلاح الزراعي في ريف دمشق- الواحات الحراجية (وادي الأحمر- الحفنة- خنيفي- الأبتر- أرك- المنصف- سبخة الموح/الواحد/) التابعة لمديرية الزراعة والإصلاح الزراعي في حمص.
فبعد 13 عاماً من إحداث الهيئة، وبعد أن حلت محل كل الجهات الرسمية المبوبة أعلاه، بمهامها وبما لها من حقوق وما عليها من التزامات، كتقليص مكثف للجهات أعلاه بمهامها وواجباتها، سيتم تتويج ذلك بإلغاء الهيئة نفسها واستبدالها بمديرية مركزية محدثة في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، بحسب ما ورد أعلاه!
أراضي البادية تعتبر من أملاك الدولة الخاصة!
تجدر الإشارة إلى أن أراضي البادية فيها العديد من المحميات والمواقع الرعوية المنتشرة على اتساع رقعتها التي تشمل الكثير من المحافظات، بالإضافة إلى الكثير من المشاريع الخدمية التي تمس سكان تلك المناطق ورعاية مجتمعاتهم المحلية.
ويشار إلى أن مساحة البادية تزيد عن 10,2 ملايين هكتار، أي ما يعادل 55% من مساحة القطر، وقد نظم القانون 62 لعام 2006 أراضي البادية باعتبارها من أملاك الدولة الخاصة.
فهل اعتبار أراضي البادية من أملاك الدولة الخاصة له علاقة بإنهاء الهيئة الآن ارتباطاً مع القانون رقم 43 لعام 2023 المتعلق بإحداث الهيئة العامة لإدارة وحماية أملاك الدولة؟!
ففي جلسة الحكومة بتاريخ 22/10/2024 ناقش مجلس الوزراء مشروع الصك التشريعي الخاص بتعديل بعض مواد القانون رقم 43 لعام 2023 المتعلق بإحداث الهيئة العامة لإدارة وحماية أملاك الدولة، وذلك ضمن التوجه الحكومي نحو الإصلاح الزراعي والاستفادة المثلى من أملاك الدولة الخاصة بما يخدم متطلبات التنمية الشاملة والمستدامة، حيث تم التأكيد على أهمية الآلية التنفيذية وتوضيح الأدوار بشكل دقيق بين مختلف الجهات ذات العلاقة، بما يساهم في الوصول إلى الغاية والهدف من إحداث الهيئة.
وللتذكير تنص الفقرة أ من المادة 2 من القانون رقم 43 لعام 2023 على ما يلي: تحدث في الجمهورية العربية السورية هيئة عامة ذات طابع إداري تسمى الهيئة العامة لإدارة وحماية أملاك الدولة مقرها دمشق، وتتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، وترتبط بالوزير.
وتنص المادة 3 من القانون على ما يلي: يهدف هذا القانون إلى إدارة وحماية أملاك الدولة الخاصة على الوجه الأمثل وصيانتها واستثمارها بما يحقق موارد ثابتة ودائمة للخزينة العامة للدولة.
على ذلك يتبين أن إنهاء الهيئة الآن، كتتويج لإنهاء العديد من الجهات العامة الأخرى، واستبدالها بمديرية في وزارة الزراعة، ربما يكون بغاية استكمال وضع يد الهيئة العامة لإدارة وحماية أملاك الدولة على أراضي البادية باعتبارها من أملاك الدولة الخاصة، وصولاً إلى فسح المجال أمام المستثمرين للتغول فيها وعلى حسابها، كما على حساب محمياتها ومشاريعها والمجتمعات المحلية فيها!
فنسبة 55% من مساحة سورية، لا شك، فيها الكثير من الإغراءات للمستثمرين، وذريعة تحقيق الموارد للخزينة بوابة مشرعة للخصخصة المباشرة وغير المباشرة على حساب أملاك الدولة الخاصة، خاصة بعد أن تم تنظيم ذلك بموجب قانون يتيح ذلك!
ونعيد ما سبق أن ورد بقاسيون بتاريخ 16/10/2023، في مادة حملت عنوان «التفريط بأملاك الدولة باسم الحماية والاستثمار»: عبارة «حماية وإدارة أملاك الدولة» ربطاً مع عبارة «واستثمارها بما يحقق موارد ثابتة ودائمة للخزينة العامة للدولة»، ووفقاً للنهج الحكومي التفريطي المعمول به، تعني أن الحكومة ماضية بسياسات الخصخصة، المباشرة وغير المباشرة، تحت عناوين الاستثمار وبذريعة الموارد، وبما يضمن المزيد من المصالح لكبار أصحاب الأرباح طبعاً، وهذه المرة على حساب كل أملاك الدولة الخاصة!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1198