أهمية الصناعات الغذائية والنسيجية والإهمال الرسمي!
تبرز أهمية الصناعات الغذائية والنسيجية ضمن سورية على اعتبارها صناعات تعتمد بشكل كبير على الموارد الطبيعية والمحلية، وتحديداً الزراعية منها، إضافة إلى أنها تساهم بشكل كبير بالصادرات السورية، ناهيك عن حجم فرص العمل التي توفرها.
فقد بلغت نسبة العاملين فيها ما يقارب 25% من إجمالي العاملين في الصناعة، وذلك وفقاً لبيانات المكتب المركزي للإحصاء لعام 2010.
الصناعات الغذائية والنسيجية الحامل الرئيسي للاقتصاد في ظل الأزمة!
وفقاً لبيانات المكتب المركزي للإحصاء، نوضح الناتج المحلي الصافي للصناعة بالأسعار الجارية، ونسبة مساهمة الصناعات الغذائية والنسيجية فيه، الوحدة مليار ليرة، وذلك حسب الجدول الآتي:
استناداً إلى البيانات أعلاه تتبين الأهمية النسبية التي تميز الصناعات الغذائية والنسيجية ضمن قطاع الصناعة، ويختلف شكل هذه الأهمية تبعاً لاختلاف الفترة المدروسة!
فمثلاً ساهمت هذه الصناعات من صافي الناتج المحلي للصناعة التحويلية بنسب تتراوح بين 49.6% بحدها الأدنى في عام 2015، و93.6% بحدها الأعلى في عام 2000، وساهمت بصافي الناتج الصناعي بنسبة وسطية ضمن الأعوام قبل الأزمة بلغت 11.75%، وتضاعفت هذه النسبة في سنوات ما بعد الأزمة، حيث شكلت وسطياً نسبة 34.4%، علماً أن نسبة مساهمتها في عام 2022 بلغت 42% تقريباً.
استمرار هذه الصناعات رغم كل المعيقات والصعوبات!
يتبين من البيانات أعلاه أن الصناعات الغذائية والنسيجية تمتعت بمرونة لا بأس بها، خاصة وأن 90% من هذه الصناعات تتم بمنشآت حرفية ومشاريع صغيرة ومتناهية الصغر، وظهرت هذه المرونة جلياً ضمن عام 2022، وذلك بمقارنة حجم صافي الناتج المحلي لهذه الصناعات مع السنوات السابقة أولاً، ومقارنته مع صافي الناتج المحلي للصناعات الأخرى ثانياً.
فمثلاً انخفضت نسبة الناتج الصافي المحلي لهاتين الصناعتين ضمن عام 2022 بما يقرب12% عن عام 2010، أما الصناعات التحويلية الأخرى (المعدنية- الكيماوية- المنتجات الخشبية- تكرير النفط... إلخ) مجتمعة انخفضت بنسبة 32% بين العامين ذاتيهما، وبالنسبة للصناعات الاستخراجية انحدرت بنسبة 90% تقريباً (تم حساب نسب الانخفاض بعد تحويل الأرقام أعلاه إلى الدولار وفقاً لسعر الصرف الرسمي المعتمد للسنوات المذكورة).
وعليه فإن الصناعات الغذائية والنسيجية حققت استقراراً لا بأس به بالتوازي مع كل المعيقات التي أصابت النشاط الاقتصادي عموماً بعد انفجار الأزمة، سواء من ناحية العقوبات الاقتصادية، أو من ناحية السياسات المتبعة التي ساهمت بالمزيد من الصعوبات أمام الأنشطة الاقتصادية في البلاد، وتحديداً سياسات رفع الدعم عن حوامل الطاقة وندرة الكهرباء، إضافة إلى الضغوطات المالية التي يتعرض لها أصحاب المشاريع، وخاصة زيادة الجبايات وارتفاع التكاليف، بالإضافة إلى تراجع المحاصيل الرئيسة التي تعتمد عليها هذه الصناعات، مثل القطن فيما يخص الصناعات النسيجية، والإنتاج الزراعي النباتي بالعموم فيما يخص الصناعات الغذائية.
غياب مساهمة القطاع العام!
على الرغم مما تم توضيحه أعلاه، إلا أن واقع هذه الصناعات فيما يخص مؤسسات القطاع العام مختلف كلياً، سواء في سنوات ما قبل الأزمة أو في سنوات الأزمة، وهذا ما سنوضحه من خلال الجدول الآتي، الوحدة مليار ليرة:
برزت مساهمة القطاع العام في صافي الناتج المحلي الصناعي تحديداً في الصناعات الاستخراجية وصناعة الكهرباء والماء، إلا أن هذه الصناعات تدهورت خلال سنوات الأزمة، وبالنظر إلى أن الصناعات التحويلية والنسيجية والغذائية خصوصاً قادرة على التكيف إلى حد ما مع واقع الأزمة، كان من المفترض أن يتم التوجه إلى استثمار القطاع العام بهذه الصناعات، ولكن توضح البيانات أعلاه تدهور الصناعات الغذائية والنسيجية للقطاع العام!
فبعد تحويل البيانات الرقيمة أعلاه إلى الدولار بالسعر الرسمي نستنتج أن الناتج الصافي للقطاع العام عموماً انخفض بنسبة 90% تقريباً ضمن عام 2022 عن عام 2010، وانخفض الناتج للصناعات الغذائية والنسيجية أيضاً بنسبة متقاربة جداً بلغت ما يقارب 92.6%، ما يعني أن نسبة مساهمة القطاع العام بالصناعات النسيجية والغذائية ضمن البلاد انخفضت من 27.5% ضمن العام 2010 إلى 2.3% فقط، ضمن عام 2022!
الأرقام والبيانات أعلاه تبين أهمية قطاعي الصناعة النسيجية والغذائية على مستوى الاقتصاد الوطني، كما تبين بالمقابل الإهمال الرسمي تجاهها، وخاصة على مستوى منشآت القطاع العام العاملة بهذين القطاعين، وعلى مستوى مدخلات هذه الصناعات التي تعتمد بشكل رئيسي على الإنتاج الزراعي كما أسلفنا!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1194