ما تبقى من دعم زراعي قيد الدرس!
قال وزير الزراعة والإصلاح الزراعي خلال ندوة حوارية أقيمت في مبنى محافظة طرطوس بتاريخ 4/7/2024 إن الهدف من الدعم هو تنفيذ السياسات المقررة لتطوير القطاع الزراعي وإدارة الموارد بشكل مستدام وتحقيق الاستقرار في الإنتاج بما يلبي متطلبات المرحلة القادمة، لافتاً إلى أن المتغيرات التي فرضتها الظروف الاقتصادية والمناخية وتأثيرها على القطاع الزراعي تتطلب إعادة النظر في أساليب الدعم المتبعة والخروج برؤية واضحة لسياسة دعم متطورة يلمس نتائجها الفلاح والمواطن.
الندوة التي عقدتها وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي كانت لمناقشة سياسة الدعم الزراعي الحالية وأساليبها وآلياتها وتطويرها على المستوى الوطني والمحلي.
فهل ستحقق السياسات المقررة تطوير القطاع الزراعي فعلاً، في ظل الاستمرار بسياسة قضم الدعم على مستلزمات إنتاجه، وتراجع محاصيله ومنتجاته؟!
الغاية تقليص الدعم!
من الجلي أن الحديث الرسمي حول الدعم عموماً، والزراعي خصوصاً، غايته إنجاز المزيد من التخفيض عليه، تحت عناوين إعادة النظر بأساليب الدعم أو إعادة هيكلته!
فالسياسات الرسمية بهذا الصدد باتت واضحة وليست بحاجة إلى أي تأويل أو تفسير إضافي!
فالقضم الذي طال الدعم السلعي لبعض المواد المدعومة، أو ما تبقى منها، خلال السنوات الماضية وصل أخيراً إلى اقرار استبداله بالنقدي، أي بعض الفتات النقدي تحت مسمى الدعم، وكذلك القضم الذي طال دعم مستلزمات الإنتاج الزراعي، سواء على مستوى كمية المخصصات منها، أو على مستوى الأسعار، وصولاً إلى إنهاء دعم الأسمدة وتحرير أسعارها، كمثال عن الغايات والأهداف النهائية للسياسات الرسمية بما يخص ملف الدعم!
كذلك بات من الواضح أن السياسات الزراعية المقررة في واد، وتطوير القطاع الزراعي في واد آخر تماماً، بدليل تراجع الإنتاج الزراعي عاماً بعد آخر، وتقليص المساحات المزروعة بالمحاصيل الزراعية وتراجع إنتاجها، وخاصة المحاصيل الإستراتيجية، التي تقلصت بحيث لم يبق منها إلا محصول القمح بعد إنهاء محصول القطن والشوندر بشكل شبه كلي!
ولا ندري بعد ما سبق ما هي السيناريوهات المرسومة بما يخص ملف الدعم الزراعي الذي وضع للنقاش من أجل إعادة النظر في أساليبه المتبعة، وبحيث يلمس نتائجها الفلاح والمواطن!
فالفلاح متضرر والمواطن كذلك الأمر من جملة السياسات المتبعة، بما في ذلك السياسات الزراعية، والأكثر من ذلك أن المتضرر الأكبر هو الاقتصاد الوطني عموماً!
وللتأكيد على ذلك نستشهد بحديث وزير الزراعة خلال لقاء على قناة لنا الفضائية بتاريخ 6/7/2024، حيث قال بما يخص محصول القمح، إن المخطط كان لزراعة أكثر من 550 ألف هكتار بالقمح خلال الموسم الحالي، نصفها مروي ونصها بعل، وبحسب الوزير فقد تم توفير كامل احتياجات هذه المساحة، من بذار القمح بحدود 70 ألف طن، ومن الأسمدة بحدود 100 ألف طن، بالإضافة إلى المحروقات، التي قال إن كمياتها كانت مؤمنة بشكل جيد وللمزروعات كافة!
مقابل ذلك كان الإنتاج 640 ألف طن تم استلامها من قبل مؤسسة الحبوب، مع تفاؤل بزيادة هذه الكميات، بحسب حديث الوزير!
وبحسب الوزير فإن حجم الإنتاج من محصول القمح للموسم الحالي يشكل 60% من المتوقع المأمول بحسب الخطط، فانقطاع الأمطار في نيسان وارتفاع درجات الحرارة أدى إلى تضرر كامل المساحة المزروعة، وبالتالي انخفاض الإنتاج بشكل كبير جداً، والإنتاجية كانت بحدود 50%!
ولم ينسَ الوزير التذكير بالدعم على المازوت الزراعي الذي يتم تسليمه للمزارع بسعر 2000 ليرة، بينما سعر تكلفته 13 ألف ليرة، مشيراً إلى أن كل ليتر من المازوت يتم دعمه بمبلغ 11 ألف ليرة!
مع الأخذ بعين الاعتبار أن كمية المخصصات من مادة المازوت الزراعي قليلة ولا تكفي الاحتياجات الفعلية بحسب الفلاحين، ما يضطرهم للجوء إلى السوق السوداء لتأمينها، وكذلك هي الحال مع بقية مستلزمات الإنتاج التي سحب منها الدعم تباعاً، ولم يبق منها إلا القليل والمحدود جداً!
شركاء الاستفادة الجدد من الدعم!
التوجه الرسمي الجديد بما يخص المستفيدين من ملف الدعم الزراعي يبدو أنه سيتوسع ليشمل حلقات استفادة إضافية منه، على حساب الاعتمادات السنوية المخصصة والمتقلصة عاماً بعد آخر، وربما هذه هي الغاية من عنوان «إعادة النظر في أساليب الدعم المتبعة»!
فما تبقى من الدعم الزراعي لن يكون مخصصاً لمستلزمات الإنتاج أو للمحاصيل الزراعية فقط، بل سيشمل التسويق والتصنيع الزراعي، ودون زيادة على اعتمادات الدعم المخصصة، بل مع الاستمرار في تخفيضها وتقلصيها!
فقد بين وزير الزراعة والإصلاح الزراعي خلال الندوة ارتباط ملف الدعم بالتسويق والتصنيع الزراعي والاستثمار في هذا القطاع ودور القطاع الخاص كشريك للحكومة في هذا المجال من حيث زيادة الاستثمارات وإقامة شركات تسويقية ومراكز لتجميع وتأجير الآليات الزراعية الحديثة، ومجمعات لتربية الثروة الحيوانية والاستثمار في الثروة السمكية والنحل ومنتجاته.
والسؤال الذي يطرح نفسه بعد كل ما سبق، ماذا سيبقى من دعم زراعي يستفيد منه الفلاح والمواطن والاقتصاد الوطني؟
وهل السياسات الزراعية المتبعة، بالتوازي مع بقية السياسات الحكومية، غايتها تطوير القطاع الزراعي فعلاً، أم وأد ما تبقى منه؟!
رأي المزارعين!
تعقيباً على ما ورد على صفحة الحكومة بما يخص الندوة الحوارية أعلاه تحت عنوان «إعادة النظر في أساليب الدعم المتبعة» ننقل ما دوّنه بعض المزارعين من تعليقات على الصفحة الرسمية للحكومة:
حاج حكي شبعنا من أول السنة لم يحصل الفلاح على 25٪ من مخصصات المازوت التي خصصتموها على البطاقة الذكية التي تشبه كل شي إلا الذكاء!
الندوات والحوارات إذا لم تترجم على أرض الواقع بالفعل الإيجابي الملموس... ما نفعها؟!
كل هالناس مجتمعه منشان ١٥ لتر مازوت وخمس كيلو سماد ل دنوم الواحد!
بدون دعم للمازوت الأسمدة والبذرور والأدوية ما فينا نزرع شي... وصلنا لمرحلة الإحباط!
أين مازوت السقي للحمضيات التي تسقى من محركات الديزل المركبة عالآبار الارتوازية؟
كل ماحكيتوا عالدعم عم تزيد أزمات الفلاح... الله يفرجها عالبلد!
موسم القمح الذي تغنى به الوزير طلع فاشل...أكيد الحق عالمزارع!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1182