فرص تربح إضافية لصالح مستثمري الجامعات الخاصة!

وبحسب وكالة سانا كانت محاور اللقاء «النهوض بواقع العملية التعليمية والتدريسية في الجامعات الخاصة للعام الدراسي المقبل والارتقاء بوظيفتها الاجتماعية».
المحاور العريضة والغايات الربحية المطلوبة!

ناقش الاجتماع قضايا تتعلق بشؤون الجامعات الخاصة من الناحية التعليمية والإدارية، ووضعها الاقتصادي والتشغيلي، ومتطلباتها للنهوض بدورها الوظيفي والمجتمعي، والطاقة الاستيعابية لكلياتها الجامعية للعام الدراسي 2024–2025 تمهيداً لعرضها على مجلس التعليم العالي.

وأوضح وزير التعليم العالي والبحث العلمي أهمية الدور التنموي للجامعات الخاصة، والعمل على النهوض بواقعها التعليمي والتدريسي، وفق قواعد الاعتماد العلمي الناظمة، ووضع المعايير والأسس التي تدعم العملية التعليمية لجهة مصلحة الطلاب والحفاظ على مستوى الخريجين، ودعم الاختصاصات التي تلبي احتياجات المجتمع، مؤكداً أهمية تحقيق الجودة والاعتمادية وتطبيق حالة توازن بين وضع الطلاب وإمكاناتهم وواقع الجامعة ومستلزمات العملية التعليمية فيها ونفقات تشغيلها.

وقد توضّحت أحد غايات الاجتماع على لسان رئيسة الاتحاد الوطني لطلبة سورية التي لفتت إلى «أهمية التشاركية مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والمواكبة المنهجية للجامعات الخاصة، والعمل على توفير بيئة العمل المشترك ذات الأهداف المتعلقة بجودة التعليم والاعتماد الأكاديمي ودراسة الرسوم وفق الرؤى المشتركة بين الوزارة والاتحاد».

فالغاية من الاجتماع تتمثل بزيادة الرسوم أولاً، بالإضافة إلى زيادة الطاقة الاستيعابية في الجامعات الخاصة، وافتتاح كليات وفروع باختصاصات جديدة، تحت عناوين «الدور التنموي للجامعات الخاصة- تلبية احتياجات المجتمع»، كمخرجات إضافية من الاجتماع، ستصبح بعهدة مجلس التعليم العالي لدراستها واقرارها!

ومن المفروغ منه أن جملة هذه المخرجات ستُترجم على شكل المزيد من الأرباح لمصلحة مستثمري الجامعات الخاصة، على اعتبارها شركات مساهمة غايتها تحقيق الربح أولاً وآخراً!
فزيادة الطاقة الاستيعابية وافتتاح كليات وفروع باختصاصات جديدة في الجامعات الخاصة هي عناوين عريضة لتوسيع الاستثمار في التعليم الجامعي الخاص، بغاية الحصول على المزيد من الأرباح منه، وهي بالواقع العملي مزيد من الامتيازات التي سيحصل عليها القطاع الخاص المستثمر بهذه الجامعات!

أما الحديث عن قواعد الاعتماد العلمي الناظمة، وجودة التعليم والاعتماد الأكاديمي، وغيره مما ورد أعلاه، فهو هامش لا يعني تلك الشركات المساهمة المسماة جامعات خاصة إلا بحال ضمنت لمستثمريها المزيد من الأرباح!

سيناريو استباقي قبل مطلع كل عام دراسي!

النتيجة من الاجتماع المتمثلة بتشكيل لجنة لتقديم مقترح لمجلس التعليم العالي بشأن زيادة الرسوم وغيرها من المقترحات ليست مستجدة أو غريبة!
ففي كل عام يتم استباق الإعلان عن نتائج امتحانات الثانوية العامة، واستباق الإعلان عن مفاضلات القبول في الجامعات الخاصة، بقرار يقضي بزيادة الرسوم!
وبهذا الصدد تجدر الإشارة إلى أن رسوم التسجيل في الجامعات الخاصة سبق أن تمت زيادتها بموجب قرار مجلس التعليم العالي بتاريخ 17/9/2023 بنسبة 70% وذلك للطلاب المستجدين في العام الدراسي 2023-2024.

وبحسب صحيفة الوطن بتاريخ 2/7/2024، نقلاً عن «مصادر مطلعة حضرت الاجتماع»، من المقرر أن تقر الرسوم قريباً من مجلس التعليم العالي، وبأن نسبة الزيادة تقدر بنحو 50%!
فهل ستحقق هذه النسبة في الزيادة «التوازن بين وضع الطلاب وإمكاناتهم وواقع الجامعة ومستلزمات العملية التعليمية فيها ونفقات تشغيلها» بحسب توضيح وزير التعليم العالي أعلاه، أم إن الأولوية هي لتغطية نفقات التشغيل في الجامعة وتنفيذاً لرغابتها، بغض النظر عن إمكانات الطلاب؟!

تكاليف مليوينة سنوياً!

للمقارنة فإن الرسم المعتمد حالياً لدراسة الطب البشري في الجامعات الخاصة يقدر بكلفة وسطية 470 ألف ليرة/ساعة، وبحال إقرار الزيادة أعلاه فستصبح الكلفة الوسطية بهذا الاختصاص 705 آلاف/ساعة!
أما الرسم المعتمد حالياً لدراسة طب الأسنان في الجامعات الخاصة فيقدر بكلفة 425 ألف ليرة/ساعة، وبحال إقرار الزيادة أعلاه فستصبح الكلفة بهذا الاختصاص 637,5 آلاف/ساعة!
مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذه التكلفة تختلف نسبياً بين جامعة خاصة وأخرى!
وعلى سبيل المثال فإن عدد الساعات الكلي لدراسة الطب البشري في الجامعة السورية الخاصة SPU هي 251 ساعة، على ذلك فإن تكلفة الرسوم بعد إقرار نسبة الزيادة تقدر بمبلغ 176,955,000 ليرة تقريباً.

وعدد الساعات الكلي لدراسة طب الأسنان في الجامعة السورية الخاصة SPU هي 185 ساعة، على ذلك فإن تكلفة الرسوم بعد إقرار نسبة الزيادة تقدر بمبلغ 117,937,500 ليرة تقريباً.
ومن المعروف أن هذا المبلغ المليوني المرقوم أعلاه يتضاعف ثلاث مرات تقريباً بعد إضافة بقية التكاليف السنوية، المتمثلة بالمواصلات والكتب والمراجع والنوطات وغيرها، بالإضافة إلى النفقات الشخصية للطالب، بحيث تصبح كلفة الدراسة الإجمالية في كليات الطب البشري وطب الأسنان لا تقل عن 500 مليون ليرة، وبوسطي سنوي لا يقل عن 100 مليون ليرة بالحد الأدنى!

لنخبة النخبة من أبناء كبار الأثرياء!

من المفروغ منه أن الجامعات الخاصة ليست لأبناء المفقرين وهي مخصصة لأبناء الأثرياء، لكن نسب الزيادة السنوية على الرسوم التي يتم إقرارها من قبل مجلس التعليم العالي استناداً لمقترحات الجامعات الخاصة وبما يضمن المزيد من الأرباح لمصلحتها، جعلت كلفة الدراسة فيها مرتفعة جداً، بحيث لن يتمكن من تحمّل تكاليفها إلا القلة من أبناء الأثرياء، بل كأن هناك عملية فرز حتى بين هؤلاء بحيث لن يتمكن إلا أبناء كبار الأثرياء فقط من تحمل تكاليف الدراسة في الجامعات الخاصة!
فالدراسة في الجامعات الخاصة، وتحديداً في بعض كلياتها واختصاصاتها العلمية، يتم تكريسها عاماً بعد آخر لتصبح حكراً على نخبة النخبة من أبناء الأثرياء والمترفين!