مسرحية زيادة الرواتب والأجور!
ترتبط زيادة الرواتب والأجور في سورية دوماً بزيادات رسمية معلنة وغير معلنة على أسعار العديد من السلع الأساسية الاستهلاكية، ويتبعها دائماً زيادات سعرية كبيرة على المواد والسلع والخدمات في الأسواق، لتبتلعها كاملة مع حبة مسك!
فالزيادة الأخيرة على الرواتب ترافقت مباشرة مع رفع أسعار الخبز المدعوم للضعف بشكل رسمي، وهذا ليس بجديد، فهو بمثابة تصوير حي للمسرحية الهزلية السوداء التي تسمى زيادة على الأجور!
ففي كل الدول يفرح الموظف بزيادة الراتب، إلّا في سورية فإن الأمر على العكس من ذلك تماماً!
فقد أثارت الزيادة الأخيرة على الأجور مخاوف المواطنين كالعادة، خاصة أنها تعتبر مقدمة لزيادات جديدة على أسعار المواد الأساسية وغير الأساسية، كما حصل في السابق، أو لمزيد من التخفيض الحكومي على الدعم وصولاً لإنهائه بشكل كلي، كما هو واضح من مسيرة السياسات الليبرالية المطبقة التي انتهجتها الحكومة، خاصة سياسة تخفيض الإنفاق العام التي ولّدت الكثير مع الموبقات، إضافة لمنهجية التجويع والإذلال المتبعة!
فالزيادة الأخيرة هي الثانية في أقل من عام، حيث صدرت الزيادة التي قبلها بتاريخ آب 2023، وبنسبة زيادة على الأجور 100%!
لكن على الرغم من تقارب مواعيد صدور الزيادتين، ونسبها الجيدة كمجموع، إلا أنها لم تكن كافية لتغطية ولو جزء بسيط من متغيرات الأسعار وتكاليف المعيشة، فهي لم تُفرح السوريين ولم تُفرّج عليهم!
فعند حساب وسطي ارتفاعات الأسعار لبعض المواد الأساسية والمحروقات والكهرباء في الفترة الممتدة بين الزيادتين-6 أشهر- نجد أنها تجاوزت 87٪!
فالزيادة على أسعار الكهرباء شملت 3 شرائح ذات انعكاس مباشر على المستهلك، وبوسطي 147 ٪. والأسمدة كذلك ارتفعت أسعارها بنسبة 200٪!
البنزين اوكتان 90 ارتفع سعره بنسبة 31٪، أما المازوت فكانت نسبة الزيادة السعرية عليه بواقع 8٪، وفيما يتعلق بالغاز المنزلي الحر فقد تجاوزت نسبة الزيادة السعرية عليه 50٪!
بعض المنتجات الغذائية الأساسية (بطاطا، بصل، فروج حي، بيض) طالتها نسبة زيادة سعرية 63٪!
أما الرز والسكر فقد تم استثنائهما من الدعم رسمياً!
كذلك ارتفع سعر الدولار بحسب النشرات الرسمية بنسبة 47%، أما في السوق الموازي فقد تجاوز هذه النسبة، والأكثر سوءاً هو الدولار التحوطي الذي استمرّ في الارتفاع وصولاً إلى 25 ألف ليرة!
مع التنويه، أن النسب أعلاه محسوبة استناداً لنشرات الأسعار الرسمية، أما أسعار السوق فهي أعلى بكثير!
ومع الإشارة أيضاً إلى أن المفردات والنسب أعلاه هي الانعكاس للزيادة الأولى على الأجور، من تاريخ الزيادة في عام 2023 إلى تاريخ الزيادة الحالية، أما عن انعكاسات الزيادة الحالية على أسعار السوق فلم تستكمل بعد، ولكم أن تتوقعوا كوارثها القادمة على مستوى الزيادات السعرية على السلع والخدمات!
فرغم التصريحات الحكومية وبيانات مجلس الشعب، أنه ليس هناك توجه لرفع الدعم الكلي، وبأن هناك مساعي لتحسين الوضع المعيشي للمواطنين، لكن المسار الرسمي يعكس خلاف ذلك الأمر، خاصة مع ارتفاع متوسط تكاليف المعيشة لعائلة مكونة من خمسة أفراد لأكثر من 12 مليون ليرة، بعد أن كان في نهاية شهر أيلول الماضي نحو 9,5 ملايين ليرة سورية، في وقت لم يتجاوز الحد الأدنى للأجور بعد الزيادة الأخيرة 280 ألفاً!
فماذا تفعل 280 ألف ليرة في الأسواق، وهل هذا المبلغ يمكن أن يقال عنه أجر؟!
فأصحاب الأجور الهزيلة سلفاً، والمواطنون عموماً، تزداد خساراتهم يومياً مقابل استعار الأسعار، ومعدلات التضخم التي تبتلع أجورهم كما تبتلع تعبهم، فالزيادات على الأجور لم تكن يوماً إلا بوابة للمزيد من قضم تعب وجهد السوريين، سواء كان ذلك على أيدي الحكومة والرسميين، أو على أيدي كبار أصحاب الأرباح!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1161