تواتر توزيع مازوت التدفئة وفق الكميات المتوافرة يحتاج أكثر من عامين!
نوار الدمشقي نوار الدمشقي

تواتر توزيع مازوت التدفئة وفق الكميات المتوافرة يحتاج أكثر من عامين!

على ضوء كثرة الشكاوى والاعتراضات بشأن توقف توزيع مادة مازوت التدفئة، وعدم تسليم الدفعات المخصصة للمواطنين خلال أشهر البرد، والتهكم على ذلك، ردت وزارة النفط والثروة المعدنية عبر صفحتها الرسمية بتاريخ 21/6/2033 بما يلي: «تؤكد وزارة النفط والثروة المعدنية أن توزيع مازوت التدفئة للمواطنين عبر البطاقة الإلكترونية مستمر ولم يتوقف، ويتم التوزيع وفق الكميات المتوافرة بشكل متواتر».

فهل يكفي التأكيد الوزاري أعلاه للرد على الشكاوى والاعتراضات المحقة؟

الذرائع المكررة والمستهلكة!

تجدر الإشارة بداية أن الرد الوزاري المسؤول أعلاه أتى بعد انقضاء أشهر البرد، أي بعد أن نخر البرد عظام المواطنين، الذين اضطروا طبعاً للجوء إلى بدائل وسائل التدفئة المكلفة (مازوت السوق السوداء والحطب)، أو ذات التكلفة الأقل لكنها مضرة بالصحة والبيئة (كل ما يمكن حرقه من توالف النايلون والبلاستيك و..) باعتبار أن الاعتماد على الكهرباء من أجل التدفئة أصبح من المنسيات بسبب غيابها شبه المستمر!
وكذلك لا بد من التأكيد، أن المخصصات المحدودة البالغة 100 ليتر، على قلتها، توزع على دفعتين كل منها 50 ليتر، ومن استلم الدفعة الأولى من المستحقين لم يستلم الدفعة الثانية منها، فهناك الكثير من المستحقين لم يستلموا كامل مخصصاتهم حتى الآن عملياً!
ومع ذلك فإن الرد الوزاري أعلاه لم يأت بجديد، فقد أعاد تكرار ذريعة توفر الكميات مجدداً ربطاً مع استمرار التوزيع، الذي «لم يتوقف» بحسب التأكيد أعلاه!
مع العلم أن هذه العبارة بحد ذاتها «وفق الكميات المتوافرة» تعني عملياً وقف التوزيع عند عدم توفر الكميات، وهي الحال الأعم على مستوى تواتر عمليات التوزيع الذي تزعم الوزارة استمراره!

الأولويات واعتباراتها والتهرب من مسؤولياتها!

التأكيد أعلاه بذرائعه لم يقف عند حدود توفر الكميات فقط من أجل توزيع مخصصات مازوت التدفئة، بل مع ربط آخر له علاقة بالأولويات!
فقد ورد في الرد الوزاري أيضاً ما يلي: «وتبين الوزارة أن لجان المحروقات بالمحافظات تقوم بتوزيع طلبات المازوت على القطاعات ضمن المحافظات (أفران، مشافي، نقل، تدفئة، زراعي....) وذلك حسب الأولويات والكميات المتاحة».
على ذلك، فإن مخصصات التدفئة للمستحقين وفقاً للترتيب الوارد أعلاه تعتبر رابع أولوية، مع العلم أنها جميعها أولوية ولا مفاضلة بين أهميتها افتراضاً، ومن الواجب توفير كمياتها اللازمة، وبشكل مسبق!
فإذا اضطرت لجان المحروقات في المحافظات لإجراء مفاضلة بين هذه الأولويات وفقاً للكميات المسلمة لكل منها من قبل شركة محروقات، وتبرير هذا الإجراء الاضطراري من قبلها، إلا أن هذه المفاضلة بين الأولويات الاضطرارية لا يجب أن تكون ذريعة وزارية!
فمن واجب الوزارة ومسؤولياتها تأمين الكميات اللازمة من المازوت لجميع القطاعات باعتبارها أولوية لا مفاضلة بينها!
فاحتياجات كل قطاع معروفة، وكذلك مخصصات التدفئة، وبالتالي، فإن من أولويات عمل الوزارة توفير هذه الاحتياجات، وبرمجة ما يصل من توريدات على أساسها وبشكل مسبق، مع السعي الجدي لزيادة التوريدات بما يغطي الاحتياجات باعتبارها من مسؤولياتها وواجباتها!
وإلا فأين المسؤولية الوزارية بهذا الشأن، وهي تُجيرها وتتهرب منها لتحملها للجان المحروقات في المحافظات؟!

بيانات رقمية هزيلة وظالمة!

ورد في الرد الوزاري بعض البيانات الرقمية عن توزيع مازوت التدفئة في بعض المحافظات كما يلي: «وفق بيانات شركة محروقات فإن الكميات الموزعة من مادة المازوت لأغراض التدفئة خلال الـ 24 ساعة الماضية بلغت في حلب 141750 لتراً، وفي حمص 58300 لتر، وفي ريف دمشق 7850 لتراً، وفي درعا 19200 لتر، وفي حماة 37200 لتر، وفي دير الزور 1750 لتراً وعمليات التوزيع مستمرة في كافة المحافظات».
مجموع الكميات الموزعة أعلاه تبلغ 266050 ليتر، وهذا يعني أن مجموع من استلم مخصصاته من المواطنين في جميع المحافظات الواردة أعلاه يبلغ 5321 مستحقاً فقط، بواقع 50 ليتر لكل منهم!
فالأرقام التي أوردتها الوزارة في ردها على أنها إنجاز يسجل لها هي أرقام هزيلة جداً بالواقع العملي!
ولمزيد من التوضيح، نبين أنه بحال استمرار تواتر التوزيع وفقاً لمجموع الأرقام اليومية أعلاه، فإن الكميات الموزعة شهرياً بالكاد ستغطي مخصصات 160 ألف مواطن من مستحقي الدعم في المحافظات المذكورة، ومع إضافة بقية المحافظات وبنفس الكميات والتواتر، وعلى اعتبار أن عدد البطاقات الذكية يبلغ 5 ملايين بطاقة، فإن ذلك يعني أن المدة الزمنية اللازمة لاستكمال توزيع المخصصات وفقاً لهذا التواتر في جميع المحافظات هي 15 شهراً على أقل تقدير، وذلك لدفعة واحدة فقط!
فهذا التواتر في التوزيع، الذي تتغنى به الوزارة وفقاً للكميات المتوفرة، يعني أن مخصصات عام بواقع 100 ليتر لكل مستحق تحتاج إلى 30 شهراً كي توزع كاملة، أي أكثر من عامين ونصف!
على ذلك، لا غرابة في أن يُحرم الكثير من المواطنين من مخصصاتهم السنوية، وبالحد الأدنى خسارة دفعة منها سنوياً، أي 50 ليتر، ظلماً وإجحافاً، وبكل استهتار ولا مبالاة!
وذلك يعني فيما يعنيه، أنه بالإضافة لكل إجراءات تخفيض الدعم الظالمة والجائرة التي يدفع ضريبتها المواطنون، من جيوبهم وعلى حساب احتياجاتهم وصحتهم، فهناك إجراءات أكثر ظلماً وجوراً تؤدي إلى مزيد من تقليص الدعم عملياً، وهو ما جرى ويجري عل مستوى مازوت التدفئة!

ما يفقأ العين!

الأكثر بجاحة من كل ما سبق، هو التالي، مما ورد في الرد الوزاري أيضاً: «تؤكد الوزارة على ضرورة عدم تداول معلومات وأخبار غير منسوبة لمصادر رسمية معرفة بالاسم، وأن المصدر الدقيق والرسمي للمعلومات هو المنصات الرسمية لوزارة النفط والثروة المعدنية».
فالوزارة تريد من المواطنين أن يصمتوا جراء ما يطالهم من جور وظلم، وكذلك تشكك بما يرد عبر بعض وسائل الإعلام أو منصات التواصل الاجتماعي من معلومات، مع تأكيدها على ما يصدر رسمياً بهذا الشأن من قبلها فقط!
والحال كذلك، فإننا نُحيل ما ورد من أرقام أعلاه، تستند إلى معطيات الوزارة الرسمية بموجب ردها الأخير، إلى عهدتها مجدداً، كي تتحمل مسؤولياتها كاملة، بلا مواربة وتهرب وتجيير!
فالاستمرار وفقاً لهذا النهج والنمط من الاستهتار واللامبالاة، والصلف بالتهرب من المسؤوليات وذرائعها الممجوجة، يعني المزيد من هضم ما تبقى من حقوق للمواطنين!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1128
آخر تعديل على الأربعاء, 19 تموز/يوليو 2023 21:05