ريف دمشق القريب.. ورحلة الشتاء والصيف!
السؤال الذي يتبادر للأذهان لحظة الاستعداد للخروج من منزلك وأنت بصدد الذهاب إلى عملك أو مدرستك أو الجامعة، أو لأي سبب كان يجعلك تخرج من منزلك قاصداً حاجة تقضيها: هل سنجد وسيلة للنقل توصلنا إلى مقصدنا؟!
فوسائل النقل المتوفرة على خطوط المواصلات المخصصة لبلدات ريف دمشق القريب قليلة جداً لأسباب كثيرة، منها قلة كمية المازوت المخصصة للسرافيس، وأيضاً سعي أصحابها لإيجاد عقد مع أهالي الطلاب أو عقد مع بعض المعامل لنقلهم من داخل البلدات إلى مكان دراستهم أو مكان عملهم!
لهذه الأسباب تبدأ معاناة الرحلة، ويبدأ معها الانتظار الطويل للحصول على وسيلة ما تسعفك وتقبل بنقلك!
المشهد اليومي للناس المتجمعين عند المواقف بانتظار وسيلة النقل يوحي لك بحجم المأساة وكبر المعاناة التي يتحملها الناس، وكم المبالغ التي يدفعونها ذهاباً وإياباً!
فالناس يضطرون للتجمع في بدايات الخط حتى يحصلوا على موطئ قدم لهم في السرفيس، أو بعضهم يقبل للجلوس على الأرض أو القرفصاء، المهم مكان ما يحوز عليه يجعل أمر نقله ممكناً!
هذا من جانب، والجانب الآخر الأكثر بشاعة في المعاناة هي طلب صاحب السرفيس الأجرة مضاعفة، حيث يعتبرها ذهاباً وإياباً ليسمح للراكب امتطاء سرفيسه المبجل!
هذه الصورة المنقولة عما يحدث للناس يومياً تجسد هول جزء من معاناتهم في السعي نحو تحصيل رزقهم الذي يسعون إليه ليبقوا على قيد الحياة!
الجانب الآخر من الإهانة وانعدام الكرامة للناس هي وسيلة النقل الأخرى الشهيرة «بالسوزوكي» حيث يتكدس في صندوقها الرجال والنساء والأطفال، والأجرة في هذه الحالة تختلف استغلالاً حسب الأوقات!
مثلاً في الصباح عند خروج الناس إلى أعمالهم وعند عودتهم في المساء تكون الأجرة مضاعفة تصل إلى 1000 ل س على الشخص، إن كان كبيراً أو مقمطاً بالسرير، هنا لا فرق في الأجرة.. فالكل سيدفع ما يتوجب عليه دفعه.. وإلا لا مكان له!
أثناء الرحلة، وهنا لا فرق بين رحلة الصيف والشتاء التي يسير بها الناس إلى السعي نحو أرزاقهم، فهي رحلة ممتعه ببؤسها ككوميديا سوداء، حيث يتبادل فيها الركاب الأحاديث التي تحكي عن واقعهم المزري الذي وصلوا إليه بالكثير من التهكم الذي لا يخفي حجم الغضب مما آلت إليه حالهم!
فالرجال يبحثون عن عمل، وأحاديثهم متشابهة من حيث معاناتهم في تأمين ما يسد الرمق الذي بالكاد يتم تأمينه!
أما الكثير من النساء فيذهبن إلى عمل استطعن تأمينه، وهن مضطرات للعمل بسبب ظروف الأزمة التي أجبرتهنّ وغيرت الكثير من عاداتهنّ السابقة ودفعت بهنّ للعمل من أجل أطفالهن، حيث غاب المعيل لسبب ما مما جعلها تقوم بما كان يقوم به المعيل الغائب!
وعادة ما تنتهي الأحاديث المليئة بالوجع بالقول «الله يفرج على عباده»، وهذا القول هو تعبير عميق ومكثف عن حجم الكارثة الإنسانية، وعن انعدام الحلول أمام هؤلاء في تحسين أوضاعهم التي يعيشونها مع كل مطلع شمس، وفي رحلتهم المستمرة في الصيف والشتاء!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1124