رفع أسعار الغاز المنزلي والصناعي والنتائج الكارثية!
سمير علي سمير علي

رفع أسعار الغاز المنزلي والصناعي والنتائج الكارثية!

صدرت تسعيرة جديدة للغاز المنزلي والصناعي بتاريخ 24/5/2023، حيث تم تسعير أسطوانة الغاز المنزلي بمبلغ 16500 ليرة، وأسطوانة الغاز الصناعي بمبلغ 77500 ليرة.

بحسب المواطنين فإن الانعكاسات السلبية الناجمة عن زيادة سعر الغاز المنزلي وعدم تناسبها مع متغيرات دخلوهم (المجمدة والمتآكلة) تعتبر كارثية، إلا أن الانعكاسات السلبية الناجمة عن سوء التوزيع وتباعد فترات استلام المخصصات، والتي بسببها يضطر هؤلاء لشراء احتياجاتهم من السوق السوداء، وبواقع سعري يتراوح بين 100-150 ألف ليرة، بحسب الفصول ودرجة الاحتياج، أكبر وأكثر كارثية بما لا يقاس!
ومع ذلك فإن الأمر لم يقف عند حدود الرفع السعري أعلاه فقط، بل بدأت كل محافظة بإصدار نشرتها السعرية الخاصة التي تأخذ بعين الاعتبار أجور النقل، والنتيجة أن المواطن سيدفع ما لا يقل عن 18000 ليرة لقاء حصوله على أسطوانة الغاز المنزلي المخصصة له، وهذا بحال كان من مستحقي الدعم المحظيين، أما المستبعدين من الدعم فإن تكلفة أسطوانة الغاز بالنسبة إليهم ستصل إلى حدود 55000 ليرة!
أما كارثة الكوارث فهي الانعكاسات السلبية لزيادة سعر أسطوانات الغاز الصناعي، التي ستتم جبايتها مضاعفة من جيوب المواطنين بالنتيجة!
فالغاز الصناعي، الذي تم زيادة سعره بجرة قلم رسمية غير مبالية، يعتبر من أساسيات عمل الكثير من المهن والحرف والمحال، كمدخلات ضرورية في أعمالها، وخاصة معامل الألبان والأجبان ومطاعم المأكولات الشعبية والوجبات الجاهزة، اعتباراً من بائعي الفول والحمص والفلافل ومنتجي الأجبان والألبان، مروراً بسناكات السندويش والوجبات وبائعي الفطائر (ع الماشي)، وصولاً إلى المطاعم، سواء كانت الشعبية غير المصنفة، أو غير الشعبية ذات النجوم!
فهذه الأعمال والمهن والحرف والمحال تعاني أصلاً من عدم الانتظام بتوزيع مخصصاتها، ومن تباعد فترات استلام هذه المخصصات كما هو مفترض، ما يضطرها لتأمين احتياجاتها من خلال السوق السوداء وبأسعارها الاستغلالية الكبيرة، حيث وصل سعر أسطوانة الغاز الصناعي في السوق السوداء ما يتجاوز 300 ألف ليرة، والتي تدخل بالنتيجة في حسابات تكاليفها وبالتالي على أسعارها المجباة من جيوب المواطنين، ومع الرفع السعري الأخير وفي ظل استمرار عدم الانتظام بتوزيع المخصصات فإن النتائج ستكون أكبر على مستوى حسابات التكاليف، أي مزيد من الزيادات السعرية.
فمن المفروغ منه أن جميع هذه المهن والحرف والمحال والسناكات والمطاعم ستطالب بإعادة دراسة تكاليفها استناداً للرفع السعري أعلاه، كي تزيد من أسعارها بما يوازي الزيادة على أقل تقدير، علماً أنها تجاوزتها سلفاً ومباشرة بعد صدور القرار السعري أعلاه، ودون انتظار!
فسندويشة الفلافل على سبيل المثال تجاوز سعرها 4000 ليرة، وهو سعر مرتفع جداً بمقاييس الدخول المجحفة السائدة، سواء كانت الحكومية التي لا تتجاوز 150 ألف ليرة وسطياً مع متمماتها بأحسن الأحوال، أو غير الرسمية التي لا تزيد عن 300 ألف ليرة وسطياً، ولكم أن تحسبوا كم سندويشة فلافل يمكن أن تؤمنها هذه الأجور شهرياً، لمعرفة جزء من واقع الظلم المعمم على المفقرين!
فالنشرة السعرية الرسمية الجديدة من الناحية العملية كانت مهمازاً لاستعار لهيب الأسعار في الأسواق، التي لم يهدأ لهيبها أصلاً، لكنها لن تقف عند هذا الحد، بل ستزيد الأمر سوءاً على أصحاب المهن والحرف والمعامل والمحال!
فاستمرار الزيادات السعرية وفقاً للنمط السائد، رسمياً وغير رسمي، وبفعل عوامل التضخم المتزايدة والمتفاقمة، أدت وتؤدي إلى المزيد من تراجع معدلات الاستهلاك، وخاصة لدى الغالبية من المفقرين، وبالتالي المزيد من تراجع ووقف الأعمال والنشاط الاقتصادي عموماً!
فالكثير من المهن والحرف تتراجع، والكثير من المعامل الصغيرة والمحال تغلق أبوابها تباعاً، مع ما يعنيه ذلك من انعكاسات سلبية إضافية كبيرة، تبدأ بمزيد من البطالة وآفاتها، ولا تنتهي بمزيد من تردي الأنشطة الخدمية والاقتصادية عموماً!
مقابل كل ذلك تبدو الحكومة غير مبالية، ليس بواقع المفقرين ومعاشهم فقط، بل بمجمل الواقع الاقتصادي الاجتماعي في البلاد!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1124