العامل السوري في قفص الاتهام؟!
في سياق الهجوم على الطبقة العاملة السورية الجاري منذ تبني نهج اقتصاد السوق، والذي ارتفع كثيراً في السنوات ما قبل الأزمة الحالية، يُستكمل اليوم من خلال ما يُطرح حول إنتاجية العامل السوري، ودوره في تخسير القطاع العام بسبب وجود أعداد كبيرة من العمال لا عمل لهم.
والمتعارف عليه بـ«البطالة المقنعة» وذلك من خلال التصريحات التي أدلى بها بعض المسؤولين بأن إنتاجية الموظف لا تتجاوز في اليوم (22دقيقة)، سبق هذا التصريح بعض الدراسات الاقتصادية المنشورة هنا وهناك، والمتفقة جميعها على تحميل العامل تبعات ما آلت إليه أوضاع الشركات والمعامل من خسارات كبيرة دون ذكر لدور الأطراف الأخرى، وهي صاحبة القرار في رسم السياسات الإنتاجية والصيانات الدورية، وتسويق الإنتاج، وتأمين مستلزماته، ووضع خطط تشغيل اليد العاملة، وتدريبها التي تحتاجها المعامل والمراكز الإنتاجية الأخرى.
جرى التوسع في تشغيل اليد العاملة خلال السبعينيات من القرن السابق عندما كان القطاع العام هو القائد للاقتصاد الوطني، ويتوسع بشكل أفقي مشكلاً المورد الأساسي للدخل الوطني الذي كان يؤمن الحاجات الضرورية للشعب السوري من تشغيل وخدمات وتعليم ونقل، وعندما تراجع دور القطاع العام كقائد أساسي للاقتصاد الوطني، والانفتاح على السوق الرأسمالية دون حمايات حقيقية للمنتج الوطني من المنافسة غير المتكافئة مع ما هو مستورد من منتجات تفوق المنتج الوطني بالجودة وأسعارها أقل، مما أدى إلى كساد كبير في المنتجات الوطنية خُزنت في المستودعات، خاصةً في قطاع النسيج التي أكدت التقارير الرسمية حجم الكارثة التي يتحملها الاقتصاد الوطني بسبب ذاك الكساد حتى بات يباع بأقل من تكاليفه الحقيقية مما أدى إلى خسارات حقيقية رفعت من تكاليف الإنتاج التي لا يمكن أن يكون العامل سببها، وبالتالي لا يمكن قياس إنتاجيته وفقاً لهذا الواقع المحتاج دائماً لتطوير المهارات الفردية للعاملين فيه، بالإضافة لتحسين أدوات الإنتاج، والمعني بها الخطوط الإنتاجية التي مضى على بعضها عشرات من السنين لم يجر فيها أي تطوير حقيقي كما هو واقع معامل النسيج.
إن إنتاجية العامل تقاس وفقاً للمعادلة التالية: قيمة الإنتاج الإجمالي أو كميته/ زمن العمل أي الساعات الفعلية للعمل وشقي المعادلة ليس للعامل فيهما قرار، بل القرار النهائي للإدارة الإنتاجية، وهذه الإدارة يقال حولها الكثير في عدم القدرة على قيادة الإنتاج وتجعله مخسراً، وتحمل العمال تبعات ذلك وهم أصحاب المصلحة في استمرار الإنتاج وتطويره.
السؤال المطروح هو: هل الحديث عن إنتاجية العامل في هذا الوقت مقدمة لمشاريع تسريح جماعي للعمال وفق صيغ مختلفة؟!.