ثبات التوليد بمحطات الكهرباء.. مالنا صار علينا صدقة!
سوسن عجيب سوسن عجيب

ثبات التوليد بمحطات الكهرباء.. مالنا صار علينا صدقة!

تداولت بعض وسائل الإعلام مطلع الأسبوع الماضي، أي قبل حلول العيد، خبراً مفاده أن المجموعة الأولى في محطة حلب الحرارية من المحتمل أن تقلع خلال أيام عيد الفطر!

وقد استبشر المواطنون عموماً، وأهالي حلب خصوصاً، خيراً بأن جزءاً من مشكلة التزود بالطاقة الكهربائية قد يحلّ مع إقلاع المجموعة الجديدة، خاصة وأن وزير الكهرباء نفسه سبق أن أعلن أن المجموعة المذكورة ستوضع بالخدمة قبل حلول شهر رمضان!
فقد بينت مصادر مطّلعة في وزارة الكهرباء، أنّه من المحتمل وبشكل كبير أنّ يتم الإعلان عن إقلاع المجموعة الأولى في محطة حلب الحرارية خلال أيام عيد الفطر، مؤكّدة أنّ عدداً من المسؤولين في مؤسسة التوليد في حلب يقومون بتنفيذ التجارب النهائية للمجموعة المذكورة التي تم الانتهاء من عمليات إعادة تأهيلها.
وها قد أتى رمضان ومضى، وأتى العيد وانتهى، والمحطة لم تقلع بعد، وما استبشر به المواطنون ذهب أدراج الرياح!
للتذكير فقد تم الإعلان عن وضع المجموعة الخامسة من محطة حلب الحرارية بالخدمة خلال شهر تموز 2022 بعد أن تم الانتهاء من عمليات إعادة تأهيلها، وباستطاعة توليد 200 ميغاواط، لكن أثرها كان شبه معدوم بالنسبة للمواطنين!
وبحسب المدير العام للمؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء في حديث إعلامي الأسبوع الماضي أن كمية التوليد من المحطات ثابتة وتتراوح بين 2000 و2200 ميغا واط، مؤكداً أنه لا زيادة أو نقصان في ساعات التغذية في الفترة القادمة، ويعود الدور الأساسي في زيادة ساعات الوصل الكهربائي إلى انخفاض الأحمال، فإذا انخفضت الأحمال ستزداد ساعات التغذية.
حديث مدير عام المؤسسة أعلاه واضح ولا لبس فيه، فكمية التوليد على حالها، بل وثابتة، وساعات الوصل مرتبطة بالأحمال، أي بتحسن الأحوال الجوية فقط لا غير!
فالثبات بكمية التوليد المذكور أعلاه لن يتغير، أي إن الواقع الكهربائي سيستمر على حاله من التردي، وكذلك الذرائع ستبقى على حالها، نقص في توريدات المشتقات النفطية (فيول- غاز) اللازمة لتشغيل محطات التوليد العاملة، والتي قيل رسمياً إن جاهزيتها قادرة على توليد 4000- 5000 ميغاواط، وبالتالي فإن وضع مجموعات إضافية بالخدمة، أياً كانت استطاعتها التوليدية، لن يحل المشكلة من كل بد!
على ذلك فإن موضوع التزود بالطاقة الكهربائية لا علاقة له بإمكانات التوليد المتاحة في المحطات، ولا علاقة له بذرائع توريدات المشتقات النفطية، بل يبدو أنه قرار مرتبط بالتكلفة والدعم، وبمشاريع الخصخصة المباشرة وغير المباشرة بهذا القطاع، وهو ما سبق أن أشارت إليه قاسيون وكررته في مواد عديدة.
فقد فسحت الحكومة المجال للخصخصة في قطاع الطاقة الكهربائية، وأصدرت ما يلزم من تشريعات لهذه الغاية، وكذلك فسحت المجال أمام المواطنين للاقتراض من أجل تركيب منظومات الطاقة البديلة، مع تسهيلات لذلك، لتكريس حال اليأس من التحسن بالطاقة الكهربائية، ولاستثمار هذا اليأس على شكل أرباح في جيوب البعض!
ومع استمرار سياسات وآليات تخفيض الدعم الظالمة، والماضية نحو انهائه، فإن الاضطرار للبدائل الكهربائية سيتسمر، وأسوؤها على الإطلاق الاعتماد على مولدات الأمبير، وجشع وتحكم مستثمريها!
فتجارة الأمبيرات أصبحت سيدة الموقف، ولها قول الفصل في سد جزء من احتياجات المواطنين من الطاقة الكهربائية، فهي وعلى الرغم من عدم ترخيصها بشكل نظامي حتى تاريخه، إلا أنها مستمرة بالانتشار إلى مناطق جديدة، والاتساع على حساب اضطرار المواطنين لها، واستغلال جيوب هؤلاء على حساب ضروراتهم بأسعارها المرتفعة جداً، وآخر ما حرر بهذا الشأن هو الحديث عن احتمال وصول مولدات الأمبير إلى المدينة العمالية في عدرا لوضعها بالاستثمار!
فالحكومة على ما يبدو أنها وضعت سقفاً لكمية الطاقة الكهربائية المدعومة للمواطنين، والتي يتم التحكم بها من خلال برامج ساعات التقنين والتزود الكهربائي المطبقة في كل مدينة ومنطقة، مع التباين بهذه البرامج وعدم العدالة فيها، ولن تحيد عن هذا السقف، حتى ولو أعيد تأهيل كافة محطات التوليد لتعمل بكامل طاقتها، بل ربما ستخفضه أكثر مع قادم الأيام، وليتحمل المواطن بالنتيجة التكاليف المرتفعة لسد العجز بحاجته من الطاقة الكهربائية، ومن أي مصدر كان!
فمحطات التوليد التي من المفترض أنها عامة ومن أموال السوريين (إنشاءً وإعادة تأهيل وتشغيل) إلا أن هذه الأموال العامة أصبحت على إيدي الحكومة، ومن خلفها من حيتان ونافذين وناهبين، صدقة!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1119
آخر تعديل على السبت, 06 أيار 2023 22:22