تمنين جديد على ما تبقى من الدعم!

تمنين جديد على ما تبقى من الدعم!

بحسب وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، في حديث عبر أحد المواقع الإعلامية المحلية الأسبوع الماضي، فإن كيلو السكر الذي تحصل عليه الحكومة وصل إلى 4150 ل.س، ولا زالت الحكومة توزعه على المواطنين بسعر 1000 ل. س، مؤكداً أنه لا توجد أية نية لرفع سعر أية مادة مدعومة.

حديث الوزير أعلاه مشابه في شقه الأول للكثير من التصريحات الرسمية بما يخص الدعم، وما تتحمله الدولة مقابله من أعباء، مع الجرعات المضافة دائماً من التمنين بذلك، مع شق آخر يتعلق بدور الوزارة بما يخص المادة وسعرها في السوق!

تمنين مُكرر أم تمهيد؟!

الشق الأول من الحديث أعلاه: هو إعادة تكرار سيناريو التمنين الحكومي الممجوج للمواطنين، أو لما تبقى منهم من مستحقي الدعم، بما يخص المواد المدعومة، وكأن الحكومة تصرف من جيبها الخاص على هذا الدعم، وليس من خزينة الدولة الممولة أصلاً من جيوب العباد، بالرغم من استمرار مساعيها في قضم ما تبقى منه (كماً وسعراً وتباعد فترات توزيع)، الأمر الذي يؤكد التشكيك بالنوايا الحكومية بما يخص مسيرة هذه المساعي، واستكمالها نحو إنهاء الدعم كلياً!
وبهذا الإطار، ربما من المفيد القيام بحسبة بسيطة، فكل مستحق للدعم يحصل على 6 كغ سكر بالسعر المدعوم سنوياً بأحسن الأحوال، حيث لا تتجاوز عدد مرات التوزيع 3 مرات، وفي كل مرة عن شهرين فقط، وبالتالي، فإن مستحق الدعم يكلف الخزينة بفارق سعري إجمالي وقدره 18900 ليرة على مدار العام، فهل يستحق هذا الفرق كل هذا النمط المكرر من التمنين الحكومي لهذا المواطن من مستحقي الدعم؟!
وبالعودة لحديث الوزير، فإن عدم النية في رفع سعر أية مادة مدعومة لا تدعمه المساعي الحكومية ومسيرتها المظفرة بقضم الدعم حتى الآن، وخاصة أن الوزير استخدم مفردة «ولا زالت» بسياق حديثه عن الحكومة والسعر المدعوم، وكأنه تعبير عن التململ الحكومي من كل الدعم!
فهل يمكن اعتبار حديث الوزير أعلاه تمهيداً بهذا الاتجاه، رغم نفيه له؟!
فبحسب المواطنين المكتوين بالممارسات الحكومية، فلا ثقة بنواياها، فجميع المؤشرات بالنسبة إليهم تؤكد ذلك!

الوزارة الغائبة طوعاً

أما الشق الثاني الذي يجب التوقف عنده: فهو يتعلق بسعر مادة السكر في السوق، والذي وصل إلى 7000 ليرة، بالمقارنة مع السعر الذي أعلن عنه الوزير أعلاه، والبالغ 4150 ليرة.
فالفارق يتجاوز 2800 ليرة، وهو كبير جداً بين السعرين، وهو يفوق كل هوامش الربح مجتمعة لكافة حلقات التجارة، من المستورد وصولاً إلى المستهلك عبر بائع المفرق!
مع العلم، أن سعر التكلفة على الحكومة بحسب الوزير يتضمن هامش ربح المستورد، باعتبار أن المادة يتم استيرادها لمصلحة السورية للتجارة عبر تجار القطاع الخاص، بذريعة العقوبات والحصار، مع ما يعنيه ذلك من إضافات سعرية وهوامش ربح إضافية بهذه الذريعة!
فعلى الرغم من أن النشرة السعرية التي كانت تصدرها الوزارة لا يتم التقيد بها من قبل أي من حلقات التجارة في السوق، لكنها مع ذلك كانت مؤشراً للمواطنين لمعرفة حجم الاستغلال الذي يتعرضون له، أما مع غياب هذه النشرات طوعاً، وترك الأمر على غاربه بعهدة، وفي أيدي المستوردين والتجار، وبظل انعدام الرقابة على الأسواق، فإن عوامل الاستغلال ستزيد، ولعل مثال سعر السكر أعلاه مؤشر على ذلك!
فأين الوزارة والوزير والرقابة التموينية على الأسواق من هذا الفارق السعري الكبير الذي يتجاوز نسبة 40%؟
وأين الحديث عن فاتورة المستورد وتاجر الجملة التي يجب أن يدون فيها السعر للمستهلك، بعد إضافة هوامش الربح المقوننة افتراضاً، والتي بمجموعها لا تصل إلى نسبة 15% على أعلى تقدير؟!

المواد المدعومة وتطبيق «وين» أن تأتي متأخراً!

بالحديث عن المواد المدعومة، فقد نقل عن وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عبر بعض وسائل الإعلام، أنه أيّد مقترحاً من شأنه تخفيف الضغط على تطبيق «وين» عند التسجيل على المواد المدعومة، ووعد بدراسته وتهيئته لتطبيقه في الدورات التموينية المقبلة.
ومضمون المقترح، أن يتم التعامل مع التطبيق بطريقة معاكسة، حيث تقوم الوزارة باعتماد البيانات الأخيرة لكل بطاقة ذكية بالكميات المخصصة لها مع الصالة المختارة من قبل المواطن للحصول على مخصصاته منها، إذ أنه من غير المعقول أن نجد مواطناً مثلاً له مخصصات 10 كيلو سكر، ويسجل على 8 كيلو، إذاً البيانات والكميات نفسها في كل دورة تموينية، وبهذه الحالة يدخل إلى التطبيق فقط من يريد أن يعدل بعض البيانات، وبهذه الطريقة بدلاً من أن يدخل إلى التطبيق 4 مليون مواطن في وقتٍ واحد، سينخفض العدد بنسبة قد تتجاوز الـ 90 ٪، فيخف الضغط على التطبيق، ويرتاح المواطن من عناء التسجيل عند كل دورة تموينية، ويحافظ التطبيق هنا على أقدمية التسجيل للمواطنين تلقائياً.
مضمون المقترح أعلاه لا جديد فيه إطلاقاً، فهو مطبق سلفاً على مادة الغاز المنزلي الموزعة من قبل شركة محروقات، وسبق أن تمت المطالبة به من قبل المواطنين المتعبين مع تطبيق «وين» بما يخص التسجيل على المواد المدعومة، وبالتالي، لا تقنية خارقة وحديثة تتطلب الدراسة المستفيضة من أجله، وصولاً لتنفيذه، فالوزارة بهذا الشأن لن تعيد اختراع العجلة!
بمطلق الأحوال، من الجيد أن الوزير وافق أخيراً على هذا المقترح، فأن تأتي متأخراً خير من ألّا تأتي أبداً!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1107
آخر تعديل على الثلاثاء, 31 كانون2/يناير 2023 08:58