التعليم المفتوح.. مزيد من الضغوط التطفيشية!

التعليم المفتوح.. مزيد من الضغوط التطفيشية!

بات قرار وزارة التعليم العالي الجديد، القاضي برفع رسوم تسجيل المواد المقررة في نظام التعليم المفتوح، يشكل ثقلاً مادياً كبيراً لم يعد غالبية الطلاب قادرين على حمله، وخاصة المفقرين الذين استقطبهم هذا النظام التعليمي كي يستطيعوا من خلاله زيادة إمكاناتهم وتحصيلهم العلمي، عسى يتم تحسين شروط حياتهم ومعاشهم.

فبموجب القرار الجديد يستوفى رسم عن كل مقرر يقدمه الطالب لأول مرة مبلغاً وقدره 10000 ليرة، وقد كان هذا الرسم في العام الماضي 7000 ليرة، أي إن نسبة الزيادة في هذا الرسم فقط تصل إلى 43%.

الغالبية المفقرة الباحثة عن فرصة لتحسين ظروفها

يشار إلى أن نظام التعليم المفتوح يُقبل به الطلاب الحاصلون على الشهادة الثانوية، مهما كان تاريخ الحصول عليها، شريطة حصولهم على نسبة 50% من مجموعها العام بالحد الأدنى، أو حاملو شهادة المعهد المتوسط، وبموجب مفاضلة خاصة بحسب الفروع والكليات.
ويعتبر هذا النظام التعليمي فرصة أمام الطلاب الذين لم تمكنهم ظروفهم وعلاماتهم من الالتحاق بالتعليم العام أو الموازي، والعاجزين مادياً عن الالتحاق بالجامعات الخاصة، وكذلك للطلاب الجامعيين القادرين على دراسة فرعين جامعيين بنفس الوقت، وذلك لاستكمال تحصيلهم العلمي، ومن أجل تحسين شروط قبولهم في سوق العمل، عسى يتم تحسين ظروفهم المعيشية بالنتيجة.
فغالبية طلاب التعليم المفتوح هم من ذوي الدخل المحدود والمفقرين، من فئة الموظفين والعاملين، وطلاب الجامعات الراغبين في الاستزادة العلمية بفرع واختصاص آخر.
وفي ظل الزيادة الأخيرة في الرسوم فلن يتمكن البعض من هؤلاء من تحمل التكاليف المالية المضافة، ما يعني أن الفرصة التي كانت متاحة أمامهم لتحسين شروط وظروف حياتهم قد أغلقت مجدداً!

وسطي الزيادة 63%

أتى القرار الأخير ضمن سلسلة القرارات المتخذة بشأن زيادة الرسوم في التعليم الحكومي (العام والموازي)، وقد سبق أن صدر قرار مشابه في العام الماضي خاص بزيادة رسوم التعليم المفتوح، حيث تمت زيادة رسم كل مقرر يقدمه الطالب لأول مرة من مبلغ 5000 ليرة إلى 7000 ليرة في حينه.
وفيما يلي جدول يوضح زيادة الرسوم المستوفاة من الطلاب ونسبتها استناداً للقرار الأخير:

1093b

استناداً للجدول أعلاه يتبين أن وسطي الزيادة في رسوم المقررات استناداً للقرار الأخير تتجاوز 63%، وهي لا شك تشكل عبئاً مالياً مضافاً على كاهل طلاب هذا النظام التعليمي الحكومي.

تكاليف مرهقة

إن زيادة رسوم المقررات وفقاً للقرار الأخير أصبحت شبحاً يفزع الطلاب ويؤرق تفكيرهم ليل نهار، فلمتابعة التعليم ينبغي عليهم دفع الرسوم المطلوبة عند التسجيل، ولا مهرب من الدفع طبعاً، اللهم باستثناء الاضطرار لاستنكاف متابعة التحصيل العلمي الجامعي!
إن عدد المقررات السنوية بكل فرع وكلية في نظام التعليم المفتوح يقارب 12 مقرراً، وبحال الرغبة في التسجيل عليها كاملة خلال الفصلين الدراسيين فإن كلفتها السنوية بموجب الرسم الأخير ستصبح 120 ألف ليرة، طبعاً غير الرسوم الإضافية الأخرى، وبالحد الأدنى فإن المقررات التي يُقبل التسجيل من خلالها يجب ألا تقل عن مقررين في كل فصل دراسي، أي 4 مقررات بكل عام دراسي، وبكلفة لا تقل عن 40 ألف ليرة كحد أدنى يجب تسديدها من الطالب بحال كانت المقررات ستقدم لأول مرة من قبله.
علماً أن وسطي عدد المقررات التي يتم التسجيل عليها سنوياً من كل طالب لا تقل عن 6 مقررات، من بينها مقرران بالحد الأدنى للمرة الثانية، على هذا الأساس فإن كل طالب سيسدد ما يعادل 70 ألف ليرة رسوم مقررات فقط، ومع تراكم المقررات المحمولة عاماً بعد آخر، وخاصة لطلاب السنة الثالثة والرابعة فإن تكاليف الرسوم ستصل إلى ما يتجاوز 180 ألف ليرة لكل منهم سنوياً، بين مقررات ستقدم لأول مرة أو لثاني مرة أو لثالث مرة، وخاصة مع نسب النجاح المتدنية، التي تعني المزيد من حملة المقررات، والمزيد من الرسوم المستوفاة!
لا شك أن المبالغ أعلاه تعتبر ضئيلة بمقاييس الأسعار المرتفعة وتكاليف المعيشة الكبيرة، لكنها مرهقة بالنسبة للغالبية المفقرة من ذوي الدخل المحدود، الذين لا يتجاوز وسطي أجرهم الشهري مبلغ 150 ألف ليرة، اللاهثين بحثاً عن مخرج للأزمات المفروضة عليهم، بما في ذلك أزمة التعليم نفسها، والتي تتحمل السياسات التعليمية المطبقة مسؤوليتها!

مزيد من التكاليف المرهقة التفافاً!

ما يزيد الطين بلة، بحسب بعض طلاب التعلم المفتوح، صدور قرار من مركز التعليم المفتوح يلزم كل طالب عند تثبيت التسجيل للمواد أن يقدم مع الأوراق المطلوبة وصلاً يؤكد شراءه ثلاثة كتب لثلاث مواد مقررة من الفصل الأول أو الثاني، وقيمة كل كتاب تتراوح بين 2500- 5000 ليرة كحد أدنى، أي إن وسطي ما سيتحمله الطالب سنوياً لقاء قيمة الكتب مبلغاً يتراوح بين 15000- 30000 ليرة بالحد الأدنى، تضاف إلى بقية الرسوم المستوفاة منه سنوياً.
مع العلم أن كتب المقررات كان يتم استلامها سابقاً بعد التسجيل دون تسديد قيمتها، لأن ثمنها مدفوع من ضمن رسوم التسجيل على المقررات!
ما يعني عملياً أن رسوم المقررات قد ارتفعت إلى ما يتجاوز 100% لهذا العام من خلال هذا الالتفاف بما يتعلق بكتب المقررات الملزمة وأثمانها!

الغايات التطفيشية

بكل اختصار يبدو أن نظام التعليم المفتوح أصابه ما أصاب بقية أنظمة التعليم الحكومي من وسائل وأدوات استنزاف وتطفيش للطلاب الراغبين باستكمال تحصيلهم العلمي الجامعي، وخاصة الغالبية المفقرة من هؤلاء، عبر الرسوم المرهقة، ونسب النجاح المتدنية، وغيرها من وسائل تطفيشية كثيرة أخرى، بالتوافق طبعاً مع جملة السياسات الطبقية والتمييزية المعمول بها، بما في ذلك السياسات التعليمية!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1093