الأفعال حكومية.. نعم لإيقاف أيّ إنتاج!
نادين عيد نادين عيد

الأفعال حكومية.. نعم لإيقاف أيّ إنتاج!

ما تزال مضاعفات انقطاع التيار الكهربائي، وارتفاع أسعار حوامل الطاقة، تفعلان فعلهما على مستوى زيادة مأساة ومعاناة المواطن من جهة، وصعوبات عمليات الإنتاج من جهة أخرى، وانعكاسها تالياً على مستوى معيشة المواطن الذي كوته ارتفاعات تكاليف الحصول على ما يحتاجه من منتجات ضرورية عبر السوق المحلية... والمعاناة لم تعد محصورة بحاجة المواطن للكهرباء للقيام بالأعمال المنزلية وغيرها من ضروريات الحياة، بل تضاعفت أكثر من ذلك بسبب خنق الدعم عن كل من «الغاز المنزلي ومازوت التدفئة»!

فحالة الجمود التي أصابت المواطنين بسبب انعدام القدرة على الاستفادة من الكهرباء ليست محصورة فقط في هذا الحيز، بل لا ننسى الطامة الكبرى المتمثلة بقطاع الإنتاج، العصب المغذي لاستمرار الحياة الاقتصادية الاجتماعية في البلاد...

معمل البصل مثالٌ

معاناة قطاع الإنتاج ومعيقاته ما زالت مستمرة بل وبتضييق متزايد، وربما حال شركة البصل في السلمية، هي غيض من فيض عن حال القطاع الإنتاجي الذي أصابته حالة بؤس وعجز شديدين!
فقد صرح المدير العام للشركة: «أنهم وصلوا إلى حالة عجز بعد أن استلموا المحصول ولا يعرفون ماذا يفعلون».
فبعد الجهود التي بذلوها في سبيل تحفيز المزارعين على تسويق إنتاجهم للشركة، مثل: رفع سعر كيلو البصل إلى600 ليرة بالإضافة لتقديم الأكياس، ونقل المحصول، وبعد استكمال العملية ونجاحهم بذلك، اصطدموا بعائق أكبر ألا وهو واقع الكهرباء المزري!
فبحسب تصريح المدير: «بعد أكثر من 20 يوماً على استلام المحصول، تقف الشركة عاجزة عن التصرف»!
وقد تم استلام حوالي 50 طنَّ بصل من المزارعين، تكلفة كل كيلو على الشركة 600 ليرة، أي أن ما قيمته 30 مليون ليرة، ما تزال هذه الكميات مرمية في أرض الشركة لأكثر من 20 يوماً، والسبب الخوف من انقطاع الكهرباء أثناء عملية تصنيعه وتجفيفه، والذي يؤدي بنهاية المطاف إلى تلف الطبخة.
لا شك أن الكمية والمبلغ أعلاه تعتبر محدودة وضئيلة بالمقارنة مع نسب الهدر والنهب والفساد الكبيرة في حسابات الاقتصاد الوطني، والتي يتم التغطية عليها في كثير من الأحيان، لكن هذه الكميات وهذا المبلغ يعتبران من الأمثلة الفاقعة كمؤشر على آلية التعامل الرسمي المستهتر مع مستلزمات وضرورات الإنتاج والعملية الإنتاجية عموماً، سواء كان عبر منشآت القطاع العام أو الخاص على السواء!

تطنيش على حساب المصلحة الوطنية

لقد باتت الكهرباء، وحوامل الطاقة عموماً، عائقاً أمام أية عملية إنتاجية في البلاد، والجانب الحكومي المسؤول «أذنٌ من طين وأخرى من عجين» أمام معاناة قطاع الإنتاج الحقيقي، والشكوى المستمرة عن تدهور حاله، إذا ما قرنا هذا التطنيش الحكومي أمام الجهود الحثيثة والدائمة لتأمين كل سبل الراحة لعمل المنشآت السياحية، بما فيها خط الكهرباء الساخن، لنجد أنه لا مبرر لهذا التقصير من قبل الجهات المعنية رسمياً!
فالعقوبات والحصار ونقص حوامل الطاقة، وغيرها من الحجج والذرائع التي تدرجها الحكومة في خانة مسببات تراجع قطاعات الإنتاج، لا نراها حاضرة أمام المنشآت السياحية ومشاريع الترف والربح السريع، وكذلك لا نراها حاضرة أمام عمليات الاستيراد إلا بما يتناسب مع مصالح القائمين عليها بزيادة أرباحهم عبر إضافة هوامش ربحية على فاتورة الاستيراد، أما الخسارة التي يتكبدها الإنتاج (عام وخاص) وهدر المال العام فلا تدخل ضمن حسابات الحكومة لإيجاد الحلول الجذرية لإيقاف هذا المسلسل المتكرر، والمنهك لكل ما هو منتج في البلاد... وعلى حساب المصلحة الاقتصادية والوطنية العامة!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1091
آخر تعديل على الثلاثاء, 11 تشرين1/أكتوير 2022 15:00