التسعير الرسمي وحلقة ارتفاع تكاليف الإنتاج مستمرة
عبير حداد عبير حداد

التسعير الرسمي وحلقة ارتفاع تكاليف الإنتاج مستمرة

حددت المؤسسة العامة للأعلاف يوم 5 تشرين الأول سعر شراء الطن الواحد من مادة الذرة الصفراء المحلية المجففة دوكمة لموسم 2022 تسليم مستودعات المؤسسة في كافة المحافظات بمبلغ 1,8 مليون ليرة، مع تقديم دعم قدره 200 ألف ليرة للطن الواحد المسلم للمؤسسة، بحيث يصبح السعر النهائي 2 مليون ليرة للطن الواحد. فهل هذا السعر الرسمي مُجزٍ ومشجع فعلاً للمزارع كي يسلم محصوله إلى المؤسسة؟!

بين التصريحات والتقديرات

أعلنت وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، خلال تصريحات سابقة، أنها عملت خلال الموسم الحالي على زيادة حجم الإنتاج المحلي من الذرة الصفراء عبر تأمين بذار هجينة ذات إنتاجية عالية في وحدة المساحة تساهم في زيادة الإنتاج، وتخفض من التكاليف، وتزيد من ريعية المساحات المزروعة للمزارعين، وبالتالي تشجيعهم على الاستمرار والتوسع في زراعتها بما يتوافق مع الخطة الإنتاجية.
وبحسب تقديرات مدير عام مؤسسة الأعلاف، فإن حجم الإنتاج للموسم الحالي حوالي 450 أـلف طن من الذرة الصفراء الرطبة، وهو حجم إنتاج أفضل من العام السابق المقدر بـ 300 ألف طن، بينما حاجة القطر من الذرة الصفراء تقدر بـ 600 ألف طن.

حجم إنتاج أفضل ولكن؟!

صحيح أن حجم الإنتاج للموسم الحالي هو أفضل من سابقه وهذا أمر إيجابي من حيث الظاهر، ولكن من الضروري تسليط الضوء على معاناة المزارعين على مدار موسم كامل، والمتمثل بتكاليف الإنتاج التي يقوم بتأمينها المزارع وعلى حسابه الشخصي.
فبحسب الشكوى العامة لكافة المزارعين، وليس لمزارعي الذرة الصفراء فقط، يبقى دعم المحروقات والأسمدة الحكومي مجرد كلام ووعود لا يتم تنفيذها على أرض الواقع!
فالمزارع لم ينل منها سوى الفتات، وهذا الأمر ينعكس سلباً أولاً على ثقة الفلاح بالحكومة، مما يجعله يقلع عن الزراعة للموسم اللاحق، خصوصاً أن التكاليف الإضافية المرمية على عاتق المزارع لا تعوضها له الحكومة بنهاية المطاف عند تسويق المحصول، وقضم الدعم الحقيقي هذا يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج لدى حلقة متكاملة، بدءاً من تكاليف الإنتاج على مزارعي المواد العلفية، مروراً بتكاليف الإنتاج على مربي الثروة الحيوانية، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار منتجات الدواجن في السوق المحلية.
ونتيجة لجملة الأسباب المذكورة أعلاه، فإن عدم تناسب تكاليف الإنتاج وأسعار التسويق الحكومي والمقدرة بـ 2000 ليرة للكيلو الواحد من الذرة الصفراء والمجففة على حساب المزارع أيضاً! ستجعل المزارع يقلع عن فكرة تسليم محصوله للمؤسسة العامة للأعلاف، ويفضل بيعه عبر السوق السوداء وبأسعار تعوض له خسارته، وهذا الأمر سيؤدي بما لا شك فيه إلى انفلات أسعار الأعلاف كما كل عام.

الاستيراد البديل الحكومي

وفقاً للواقع الحالي، وعدم رضا المزارع عن السعر التسويقي وما سينتج عنه، من الواضح أنه لا بديل عن عمليات الاستيراد، فالأفعال الحكومية باتت عائقاً أمام أية عملية إنتاجية، وهذه حال كافة المحاصيل الزراعية، بما فيها القمح، ففي كل عام تكون الكميات المنتجة تفوق الكميات المسلمة، والذرة الصفراء لا تقل أهمية عن محصول القمح، والمسلسل واحد...
مع الأخذ بعين الاعتبار أن بعض التجار عرضوا على المزارعين مبالغ أكبر من السعر المقدم من قبل مؤسسة الأعلاف، مع غض الطرف عن درجة الرطوبة والجفاف، ما يعني أن المحصول سيذهب إلى هؤلاء وليس إلى مؤسسة الأعلاف بالنتيجة.

أين خطة استثمار المجففات!

صرح مدير عام المؤسسة العامة للأعلاف «استعداد المؤسسة لاستلام كافة الكميات المجففة التي تعرض عليها وفق السعر المحدد، مع تقديم كافة التسهيلات اللازمة، وسيتم تسديد ثمن المحصول للفلاحين خلال 24 ساعة من تسليم محصولهم.»
وقد عبر المزارعون أنهم كانوا يأملون أن تستلم المؤسسة الذرة رطبة لتجفف من قبلها، مما يخفف عليهم المزيد من الأعباء، كما علق آخرون على تصريح مدير المؤسسة «سيتم تسديد ثمن المحصول للفلاحين خلال 24 ساعة من تسليم محصولهم» بالسؤال: هل ستكون مدة الـ 24 ساعة شبيهة بما حدث خلال موسم القمح، حيث أن مدة تسديد قيمة المحصول قد امتدت حتى 60 يوماً.
والسؤال الأكثر أهمية هنا: أين وصلت وزارة الزراعة في تنفيذ خطتها التي أعلنت عنها لإقامة مجففات للذرة الصفراء، حيث أعلن في وقت سابق بتاريخ 23 شباط أن الوزارة قد طرحت فرصة استثمارية زراعية جديدة لإقامة مجففات للذرة الصفراء في محافظات حلب والرقة وحماة ودير الزور، إضافة لإعلان مؤسسة الأعلاف عن عروض تأهيل مجففات الذرة العامة في حلب ودير الزور والرقة.
كما ذكر المصدر حينه: أن المناطق المقترحة لإقامة هذه المجففات هي الدبسي والسبخة ومعدان في الرقة ودير حافر ومنبج والسفيرة في حلب ومحردة وتيزين والشيحة وسريحين والغاب في حماة والتبني وخريطة والميادين وموحسن وخشام بدير الزور.
كما صرح حينها مدير عام المؤسسة العامة للأعلاف عن «خروج 4 مجففات للذرة من الخدمة نتيجة الجرائم الإرهابية استطاعتها الإنتاجية 300 ألف طن من مادة الذرة الصفراء، ونعمل حالياً على إنشاء مجفف في محافظة حلب والإعلان عن تأهيل المجففات المتضررة، لافتاً إلى سعي المؤسسة لتخفيض تكاليف إعادة التأهيل عبر تخفيض الطاقة الإنتاجية للمجففات من 50 طناً في الساعة إلى 20 طناً.»
ووفقاً لواقع المجففات، فإن قرار استلام الذرة مجففة، سيزيد من معاناة المزارع مع ما سيترتب على ذلك من تكاليف إضافية من أجور نقل الكميات إلى مراكز التجفيف، وأجور تجفيفها أيضاً، ناهيك عن الوقت الضائع والمهدور على انتظار المزارع ضمن مراكز التجفيف، خصوصاً أن عملية تجفيف الذرة الصفراء يدوياً ستكون صعبة في حال كانت الكميات المنتجة كبيرة لدى الفلاح.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1091
آخر تعديل على الثلاثاء, 11 تشرين1/أكتوير 2022 14:58