حرص متأخر على مصلحة الطالب أم ترقيع لسوء السياسات؟!
سوسن عجيب سوسن عجيب

حرص متأخر على مصلحة الطالب أم ترقيع لسوء السياسات؟!

ورد على الصفحة الرسمية لوزارة التربية بتاريخ 11/9/2022 ما يلي: «وزارة التربية تسمح لطلاب الصف الثالث الثانوي النظامي وخلال الشهر الأول من العام الدراسي 2022-2023 فقط بتغيير الفرع في الصف نفسه عن طريق مديريات التربية، بطلب خطي من ولي الأمر وموافقة مديرية التربية.. ويأتي هذا الإجراء إشارة إلى المادة 8 من النظام الداخلي للمدارس الثانوية المتعلقة بالتشعيب والتغيير بين أحد الفرعين العلمي، أو الأدبي، بمرحلة التعليم الثانوي العام».

لا شك أن السماحية في التغيير أعلاه تعتبر فرصة جديدة للطالب، تبدو أنها بغاية الحرص على سلامة وضمان حسن اختياره للفرع الذي يتوافق مع رغباته وإمكاناته، لكنها على الطرف المقابل تعتبر فرصة متأخرة تُشوّش على الخيارات المفروضة على الطالب مجدداً؟!

بين الإكراه والرغبات والإمكانات!

في البداية لا بد من الإشارة إلى أن الطالب الحائز على شهادة التعليم الأساسي يفرض عليه استكمال تعليمه في المرحلة الثانوية (العام أو التجاري والمهني) بحسب مجموع العلامات الحاصل عليها بموجب شهادة التعليم الأساسي، بعيداً عن رغباته وميوله وإمكاناته الحقيقية، أو رغبات ذويه، ويأتي السن للقبول في التعليم العام كشرط مضاف مفروض أيضاً، بغض النظر عن ظروف الطالب التي أخرته عاماً عن أقرانه (رسوب في صف ما- أو انقطاع لأي سبب كان)!
ولتأتي السماحية أعلاه لطالب الثالث الثانوي، بعد عامين مما يسمى «اختيار» وفقاً لشرط العلامات وشرط السن، عامل تشويش لهذا الطالب، بل مع هدر عامين (الأول والثاني الثانوي) في الفرع العلمي والأدبي، وعلى الطالب استدراكهما خلال تتمة العام الدراسي بجهود أكثر من مضاعفة!

مخالفة صريحة للنظام الداخلي!

إن السماح لطلاب الصف الثالث الثانوي النظامي بتغيير الفرع «في الصف نفسه»، بحسب ما ورد أعلاه يتعارض مع مضمون المادة /8/ من النظام الداخلي!
حيث تنص المادة /8/ من النظام الداخلي لمدارس مرحلة التعليم الثانوي العام، المعدل بالقرار رقم 8/443 تاريخ 25/6/2016م، على ما يلي: يبدأ التشعيب والتسجيل في أحد الفرعين العلمي أو الأدبي في مرحلة التعليم الثانوي العام بدءاً من الصف الأول الثانوي، حسب رغبة الطالب في ضوء الآتي:
أ‌- تشكل لجنة في كل مدرسة مؤلفة من (مدير المدرسة– معاون مدير المدرسة /إن وجد/– المرشد النفسي التربوي- أمين السر) في المرحلة الثانوية، مهمتها توجيه وإرشاد الطلاب نحو اختيار أحد الفرعين (العلمي أو الأدبي) بما يتناسب وقدرات الطالب التحصيلية ورغباته.
ب- يسمح للطالب- الراسب في الصف الأول الثانوي العام، والراسب في الصف الثاني الثانوي العام- (الذي يحق له إعادة صفه)، أو للطالب المستجد في الصف الثاني الثانوي العام، في أحد الفرعين العلمي أو الأدبي بتغيير الفرع الذي يدرس فيه خلال شهر من بدء العام الدراسي الجديد، بطلب خطي من ولي الأمر وموافقة مدير التربية.
د- يسمح لطالب الصف الثالث الثانوي النظامي بتغيير الفرع الذي يدرس فيه بشرط العودة إلى الصف الثاني الثانوي، إذا كان سنه يسمح بذلك في ضوء التعليمات الوزارية، على أن يتم ذلك خلال خمسة عشر يوماً من بدء العام الدراسي بطلب خطي من ولي الأمر وموافقة مدير التربية.
فبموجب الفقرة /د/ أعلاه فإن طالب الصف الثالث الثانوي النظامي يسمح له بتغيير فرعه ضمن شرطين، الأول: العودة إلى الصف الثاني الثانوي، والثاني: السن، مع تحديد مدة 15 يوماً من بدء العام الدراسي للتقدم بطلب من أجل هذه الغاية!
على ذلك، فإن ما ورد من سماحية للتغير «ضمن الصف نفسه» تعتبر مخالفة واضحة وصريحة للنظام الداخلي!
فعلى الرغم من أن السماح بالتغيير أعلاه وفر عاماً على الطالب نظرياً، بما يخالف النظام الداخلي، إلا أنه بالمقابل بدد جهد وتعب عامين بالنسبة للطالب وللكادر التدريسي أيضاً!

بين الحرص وهدر الإمكانات!

إن حرص الوزارة على مصلحة الطلاب، وعلى حسن اختيارهم بما يتناسب مع إمكاناتهم وميولهم ورغباتهم، لا يجب أن يتم من خلال منح بعض الاستثناءات الترقيعية باسم هذا الحرص التفافاً على النظام الداخلي، بل من خلال إعادة النظر بالسياسات التعليمية جملة وتفصيلاً، ولكافة المراحل التعليمية بما يحقق الغاية أعلاه، بحال كانت النية جادة بذلك!
فالإجراءات الترقيعية والارتجالية للتغطية على بعض نتائج مساوئ السياسات التعليمية المعمول بها تزيد الطين بِلة على الطلاب، كحال هدر عامين وفقاً للسماحية أعلاه، والتي من المفترض على الطالب أن يرمم نقصها بجهده الخاص، ومن خلال المزيد من الاستعانة بالدروس الخصوصية، التي بات لا بد منها لكافة مراحل التعليم، بما في ذلك مرحلة التعليم الأساسي في حلقته الأولى، بسبب هذه سوء هذه السياسات، بالتوازي طبعاً مع سوء بقية السياسات المعمول بها، وخاصة السياسات الأجرية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1088
آخر تعديل على الأحد, 18 أيلول/سبتمبر 2022 22:07