مزيد من الإفقار والجوع
عادل ابراهيم عادل ابراهيم

مزيد من الإفقار والجوع

بجرة قلم رسمية، وبكل راحة ضمير حكومية، تم رفع سعر البنزين «المدعوم» بزيادة تقارب 130%، حيث أصبح سعر ليتر البنزين الممتاز أوكتان 90 المدعوم المستلم على البطاقة الإلكترونية 2500 ليرة سورية، بدلاً من 1100 ليرة.

أما أوكتان 90 فقد أصبح سعر التكلفة لليتر بمبلغ 4000 ليرة سورية، والأوكتان 95 بمبلغ 4500 لليتر الواحد، بزيادة مقدارها 500 ليرة في كل ليتر لكلا النوعين.
أما عن مبررات الرفع السعري فقد وردت أنها «بهدف التقليل من الخسائر الهائلة في موازنة النفط وضماناً لعدم انقطاع المادة أو قلة توافرها»!
بات من المفروغ منه، أن الحكومة غير معنية بالتداعيات السلبية التي تنتج عن رفع أسعار المشتقات النفطية، مهما كانت هذه التداعيات ونتائجها وخيمة وضارة بالبلاد والعباد!
فهذه المرة الثانية لهذا العام التي يتم فيها رفع سعر البنزين رسمياً، بل لم يمض على الرفع الأخير أكثر من شهرين ونصف!
فمن المعلوم أن المشتقات النفطية تدخل في حسابات تكاليف الزراعة والصناعة والتجارة والخدمات والنقل، بنسب مختلفة، وجملة هذه التكاليف والنسب، كبرت أم صغرت، يتم تحصيلها من المواطنين بالنتيجة، في الوقت الذي يعاني هؤلاء من استمرار الارتفاعات المتتالية على الأسعار، ومن الأزمات المعيشية الخانقة والخدمية المتردية.
أما المفارقة، فهي أن السعر الجديد للبنزين بات يوازي الأسعار العالمية، بل أعلى من أسعاره في بعض الدول، ومع ذلك ما زالت الحكومة تدعي أن هذا السعر مدعوم!
أما عن المبررات فهي ليست أكثر من ذرائع مكررة وممجوجة ومستهلكة!
فكيف تكون موازنة النفط خاسرة، بل وهائلة بالخسارة، وهناك اعتمادات سنوية مخصصة في الموازنة العامة للدولة باسم الدعم لتطفئ الخسارات، بحال وجودها، افتراضاً؟
وكيف يتم ربط توفير المادة وضمان عدم انقطاعها عبر زيادة سعرها بهذا الشكل من الفجاجة رسمياً، وكأن الحكومة القائمة على الموضوع أصبحت تاجراً احتكارياً للمادة، يفرض شروطه على المستهلكين كيفما أراد؟!
وأين الحديث عن التوريدات النفطية المتتابعة، والتي وصلت منها خمس ناقلات منذ شهرين وحتى الآن، مع التعهد باستمرار هذه التوريدات!؟
فعند رفع السعر في المرات السابقة تم التذرع بنفس المبررات تقريباً، مع التعهد بتوفر المادة، الأمر الذي لم يتم عملياً، بل جرى المزيد من تخفيض الدعم عليها، سواء على مستوى المخصصات والفترة الزمنية بين مواعيد الاستلام، أو على مستوى زيادة المستبعدين من الدعم، مع ندرة توفرها بالسعر الحر عبر الكازيات المخصصة لهذه الغاية، بل وتوقف توزيعها في الفترة الأخيرة، وفي نفس الوقت شهدنا تزايداً في نشاط شبكات السوق السوداء للمادة، مع مزيد من الاستغلال فيها على المستوى السعري، طبعاً مع توفر الكميات الكافية منها لمن يستطع الدفع من المضطرين!
ولا ندري إلى أين سيصل السعر في السوق السوداء بعد هذا الرفع السعري للمادة، فشبكات هذه السوق هي المستفيدة من هذا الرفع، خاصة وأنها قادرة على تأمين كميات كافية منها لسد الاحتياجات منها، أما كيف ومن أين فذلك بعهدة أولي الأمر!؟
المصيبة بالنسبة للمواطنين لا تنحصر بمن يملك سيارة وقد أصبح عاجزاً عن استخدامها وفقاً للرفع السعري الأخير، ولا بأجور التكسي التي ستحلق عالياً مع العجز عن تحمل تكاليفها إلا لكل طويل عمر من شديدي الاضطرار، بل الأشد قسوة أن هذا الرفع سيكون مبرراً كافياً لسلسلة جديدة من رفع أسعار النقل والخدمات والبضائع والسلع، وخاصة الغذائية منها، في الوقت الذي تعاني فيه الغالبية المفقرة من أزمة معيشية مستمرة دون حلول، مع عوز غذائي تجاوز درجة الجوع!
فالزيادة السعرية الرسمية على البنزين ستقودنا نحو المزيد من تراجع الإنتاج، والمزيد من التردي في الخدمات، والمزيد من الزيادة في الأسعار، والمزيد من التضخم، والمزيد من الجوع والعوز.. وسنتجاوز على إثرها مرحلة التوحش بأشواط.. وكل ذلك بجرة قلم رسمي وبكل راحة ضمير حكومية!!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1082