تنبيه أم ترهيب؟!
سمير علي سمير علي

تنبيه أم ترهيب؟!

ذكرتنا غالبية المواقع والصفحات الحكومية الرسمية بأن القانون رقم 20 «الخاص بتنظيم التواصل على الشبكة ومكافحة الجريمة المعلوماتية» قد دخل حيز التنفيذ اعتباراً من تاريخ 18/5/2022.

لا شك أن التذكير الرسمي بالقانون وبدخوله حيز التنفيذ هام من باب التنبيه إلى تبعاته والتحذير من عقوباته، وخاصة بالنسبة للمخالفين المُجرَّمين بموجب مواده.
لكن ماذا عن جرعة التهويل والترهيب المتضمنة فيه بالنسبة للمواطنين العاديين، الذين قد يجدون أنفسهم مدانين بموجب نصوصه، على كلمة أو عبارة عابرة منهم، أو على مشاركة بريئة لعبارات غيرهم؟!

الحكومة تنبه!

بحسب صفحة الحكومة الرسمية بتاريخ 18/5/2022، وبعد التذكير بأن القانون دخل حيز التنفيذ، فقد ورد التالي: «يهدف القانون رقم /20/ إلى مكافحة الجريمة المعلوماتية بما يتوافق مع التطور التقني الحاصل وارتفاع نسبة انتشارها، وحماية المصالح القانونية وتنظيم الحريات في العالم الافتراضي والحد من إساءة استعمال الوسائل التقنية».
وكذلك، في معرض التذكير الحكومي، تمت الإشارة إلى أن وزارة الاتصالات والتقانة كانت قد أصدرت التعليمات التنفيذية الخاصة بالقانون أعلاه بتاريخ 10/5/2022.
وكأن لسان حال الحكومة يقول للمواطنين ترهيباً «أُعذر من أنذر»، فالقانون وضع بالتنفيذ، وهو لا يحمي المغفلين!

ما يعني المواطن العادي!

تم تبويب جرائم المعلوماتية بموجب القانون وبحسب مواده، اعتباراً من المادة 11 ولغاية المادة 31 منه، كما يلي على التتابع: (تجاوز حدود الدخول المشروع- الدخول غير المشروع- شغل اسم موقع إلكتروني- انتحال الحساب الشخصي- إعاقة أو منع الوصول إلى الخدمة- تصميم أو ترويج أو استخدام البرمجيات الخبيثة- إرسال رسائل غير مرغوب بها- اعتراض المعلومات- الاحتيال الإلكتروني- إساءة الائتمان المعلوماتي- انتهاك الخصوصية- الجرائم المتعلقة بالبطاقة الإلكترونية- التسجيل غير المشروع- الذم الإلكتروني- القدح أو التحقير الإلكتروني- جرائم المساس بالحشمة أو الحياء- الجرائم الواقعة على الدستور- النيل من هيبة الدولة- النيل من مكانة الدولة المالية- جرائم المخدرات والمؤثرات العقلية- جرائم الإساءة إلى الأديان والمؤسسات والشعائر الدينية).
فإذا كان هناك وضوح في التوصيف الجرمي لبعض الجرائم بموجب بعض المواد أعلاه، وهو أمر هام وضروري ومطلوب لا شك، فإن هناك لبس وغموض في التوصيف الجرمي في مواد أخرى، مثل: (انتهاك الخصوصية- الذم الإلكتروني- القدح أو التحقير الإلكتروني- جرائم المساس بالحشمة أو الحياء- الجرائم الواقعة على الدستور- النيل من هيبة الدولة- النيل من مكانة الدولة المالية)، وقد سبق أن تم التعليق على هذه المواد من قبل بعض الحقوقيين المختصين، كونها نصوصاً فضفاضة يمكن تأويلها بحيث تطال أياً كان وعلى أي محتوى في الفضاء الإلكتروني، وهذه المواد تحديداً هي ما تعني المواطن العادي بالنتيجة، مع الأخذ بعين الاعتبار ما تم تخويله للنائب العام من حق الادعاء بموجب القانون، بغض النظر عن وجود الادعاء الشخصي من عدمه.

استحالة كم الأفواه

الغالبية من المواطنين باتوا يدركون أن الغاية من العبارات الفضفاضة في بعض النصوص القانونية هي منعهم من التعبير عن آرائهم بما جرى ويجري بحقهم على أيدي من لا يرحم من قوى النهب والفساد المتوحشة، المتحكمة بمفاصل وتفاصيل حياتهم ومعاشهم وخدماتهم، أي تكميم أفواههم بقوة القانون، حتى في العالم الافتراضي، وذلك لمنعهم أو الحد من مشاركتهم في عمليات التغيير المطلوبة والمستحقة لاستعادة حقوقهم وتقرير مصيرهم ومستقبل بلادهم!
فهل تفلح سياسات وآليات كم الأفواه المتبعة في منع استحقاقات التغيير العميق والشامل المطلوبة، بما يحقق مصالح الغالبية المسحوقة والمصالح الوطنية؟!
اختصاراً ننقل ما قاله أحد المواطنين ببساطة وعفوية تعقيباً على همروجة التذكير الرسمي بدخول القانون حيز التنفيذ: «لك عضلة اللسان صارت عضو فائض بالجسم.. أكل ما عم نقدر نأمن حتى نلوكو فيها بسببهم.. وفوقها بدهم يمنعونا نلوك الحكي كمان.. بس بعيدة عن سنونهم!».

معلومات إضافية

العدد رقم:
1071
آخر تعديل على الإثنين, 23 أيار 2022 13:39