جبلة.. تجارة الأمبيرات إلى تزايد
فرضت الأمبيرات نفسها على المواطنين في مدينة جبلة كخيار اضطراري مرير، وذلك بسبب انعدام أو شبه انعدام الكهرباء فيها، حيث لا تتجاوز مدة الوصل 30 دقيقة خلال 24 ساعة، غير كافية حتى لشحن الجوالات، إن استكملت هذه الدقائق بلا تقطعات!
وقد ازداد الاضطرار للاشتراك بالأمبيرات خلال الفترة الماضية، الأمر الذي فسح المجال أمام أصحاب مولدات الأمبير لزيادة استغلالهم لحاجات المواطنين للطاقة الكهربائية، حيث تزايد انتشار المولدات في أحياء المدينة، وارتفعت أسعار الأمبير الواحد.
40 ألف ليرة بالحد الأدنى شهرياً
خيار اللجوء إلى مولدات الأمبير كان يسير ببطء في مدينة جبلة خلال السنوات الماضية، وذلك لارتفاع تكلفته على المواطنين، وخاصة المفقرين وهم الغالبية في المدينة، ولكنه تسارع خلال الأشهر الفائتة بسبب الغياب شبه التام للكهرباء، الأمر الذي فرض على بعض المواطنين اضطراراً الاشتراك مع أصحاب المولدات، وبالتالي زاد انتشار المولدات في أحياء المدينة، على الأرصفة أو في الأقبية والوجائب.
فتكلفة الأمبير الواحد، لقاء ساعات تشغيل لا تتجاوز 5-6 ساعات يومياً، تقدر وسطياً بـ 40 ألف ليرة شهرياً، والأمبير الواحد يكفي لتشغيل الإنارة مع شاشة، ولشحن بطارية الليدات والجوالات فقط، وبحال الحاجة لتشغيل براد أو غسالة فإن الأمر يحتاج 2 أمبير بالحد الأدنى، أي 80 ألف ليرة شهرياً، وهي تكلفة كبيرة جداً، لا يستطيع أحد حتى الميسورون تحملها، فكيف بالغالبية المفقرة في المدينة؟!
مزيد من الاستغلال
مع زيادة فترات انقطاع التيار الكهربائي في المدينة، وبسبب ارتفاع أسعار المشتقات النفطية المشغلة لمولدات الأمبير، وتذرع أصحاب المولدات بأنهم يوفرون المازوت التشغيلي لها من السوق السوداء وبسعرها، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف صيانة المولدات وإصلاحها، يتم رفع سعر الأمبير بين الحين والآخر.
فإن لم يتم اللجوء إلى رفع السعر بشكل واضح ومباشر، فالبديل هو تخفيض ساعات التشغيل، أو التذرع بتعطل المولدة لمدد وجيزة، والنتيجة أن ساعات التشغيل اليومي تتضاءل وتنكمش يوماً بعد آخر، وصولاً إلى 5 ساعات تشغيل يومياً فقط، وبنفس التسعيرة!
حلول تخفيض التكلفة لا تخلو من المشاكل
أمام العجز عن تحمل التكلفة الشهرية المرتفعة في ظل الاضطرار لتشغيل الغسالات والبرادات بسبب غياب الكهرباء النظامية، لجأ بعض المواطنين بالتعاون فيما بينهم إلى الاشتراك بـ2 أمبير تشاركياً، حيث يتناوبون على تشغيل الغسالة أو البراد، مع استمرار الإنارة وشحن البطاريات الخاصة بالليدات في بيوتهم، وذلك لتخفيض التكلفة الشهرية على كل منهم، ومع ذلك فإن هذا الخيار لا يخلو من بعض المشكلات بين المتشاركين في بعض الأحيان، ناهيك عن تكلفته المرهقة بالنسبة إليهم، والمشكلة الأكبر إن علم صاحب مولدة الأمبير بهذا النمط من التشارك بين المواطنين، والذي يتعارض مع مصالحه الربحية والاستغلالية!
الكمية المخصصة والبيوت البلاستيكية
بحسب بعض المواطنين في مدينة جبلة فإن الذريعة الأهم التي يتم تقديمها من قبل مسؤولي الكهرباء في المدينة عن سبب زيادة ساعات التقنين، وصولاً إلى شبه انعدام الكهرباء فيها، أن جزءاً هاماً من كم الطاقة الكهربائية المخصص يتم تحويله إلى القرى والأراضي الزراعية المحيطة بالمدينة، والتي تنتشر فيها البيوت البلاستيكية، للحد من خسائر المزارعين في محاصيلهم جراء البرد والصقيع في فصل الشتاء، وتحديداً خلال ساعات الليل.
ومع إقرار المواطنين بأهمية وضرورة ذلك الإجراء، إلا أنهم غير ممنونين بسبب غياب الكهرباء وغياب العدالة أيضاً، بالإضافة إلى أن بعضهم أشار وبوضوح إلى بعض أوجه الفساد في الموضوع.
فمن مصلحة أصحاب مولدات الأمبير أن يبقى الحال على ما هو عليه من سوء وتردٍّ في الكهرباء كي تتزايد هوامش أرباحهم الاستغلالية على حساب المواطنين، ومن جيوبهم!
ما في عدل عين عمك!
بحسب البعض من المفترض ألّا تكون مخصصات البيوت البلاستيكية والأراضي الزراعية على حساب مخصصات المدينة من الطاقة الكهربائية، وعلى حساب حاجات المواطنين فيها.
وبكل بساطة قال أحدهم، وهو رجل مسن تجاوز 80 من عمره: «الله لا يضر حدا.. بس معقول ما نشوف الكهربا بجبلة بحجة البيوت البلاستيكية.. ما البندورة والخيار والكوسا اللي ما تنزرع بالبيوت البلاستيكية ما تنباع بالشام وبحمص.. مش بس بجبلة أو باللاذقية وطرطوس.. غير اللي ما يتصدر ويتهرب برا البلد.. وكلو ع إيدين التجار وبجيباتهم.. ما في عدل عين عمك.. كلو مصالح؟!»
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1063