الكبد الوبائي.. تردي الشبكات والتقاعس في الصيانة
جمانة السيد جمانة السيد

الكبد الوبائي.. تردي الشبكات والتقاعس في الصيانة

تستمر معاناة المواطنين بسبب تردي الأوضاع الخدمية الناجمة عن تراكم عدم حل المشكلات، والتقاعس الرسمي لإيجاد الحلول النهائية لها، وما ينجم عن ذلك من نتائج وويلات يتحمل تبعاتها المواطن على حساب صحته.

يعد انتشار مرض التهاب الكبد الوبائي في منطقة دريكيش التابعة لمحافظة طرطوس، أحد الأمثلة الكثيرة لتردي الأوضاع الخدمية في العديد من المناطق، سواء كانت تابعة لمحافظة طرطوس أو غيرها من المحافظات، والتي يدفع ثمنها المواطن على حساب صحته، كأغلى ما يملك.
والحقيقة، أن هذه المشكلة باتت متكررة ولأعوام عدة، دون حلول رسمية تنهي معاناة المواطنين، فالسبب الرئيسي لانتشار هذا المرض هو تلوث المياه غالباً.

أسباب رغم التبريرات

بحسب صحيفة الوطن بتاريخ 3/3/2022: «ذكر مصدر مختص في مديرية الموارد المائية، أن معظم الينابيع الخاصة في جبل النبي متى- التي يتم تعبئة البيدونات منها ومن ثم يتم نقلها بشاحنات صغيرة وبيعها في المدن والقرى للمواطنين بشكل يومي-ملوثة بالعصيات البرازية وغير صالحة للشرب إلا بعد تعقيمها بالكلور أو بعد غليها. مضيفاً: إن بعض الينابيع التي تروي الكثير من القرى عبر شبكات تعود لمؤسسة المياه تبين وجود عصيات فيها قبل التعقيم بالكلور، وعدم وجودها بعد التعقيم، ما يُؤكد ضرورة عدم الضخ من هذه المشاريع (الدلبة والهني) في الشبكات قبل تعقيم مياه ينابيعها، وهذا الأمر ينطبق على النبعين في مدينة الدريكيش».
بالمقابل، فقد أكد مدير مياه طرطوس يوم 6 أذار، أنه «لا يوجد أي تلوث في المياه المستجرة لشبكات مؤسسة المياه في كل مدن وقرى وأرياف المحافظة، وهي ضمن المواصفات القياسية السورية».
وبغض النظر عن تضارب الأحاديث أعلاه بغاية التنصل من المسؤولية، يبقى السبب الرئيسي لاعتماد المواطنين على مياه الينابيع المحيطة بمناطق سكنهم هو أن المياه المستجرة عبر شبكات المؤسسة العامة للمياه لا تغطي الحاجة الفعلية، ولأسباب كثيرة.

تقصير مزمن

تعاني قرى ريف محافظة طرطوس، رغم كثرة ينابيعها، من انقطاع مستمر لمياه الشرب، فتارةً يتم التذرع بعدم توفر كميات كافية من مادة المحروقات لتشغيل مضخات المياه نظراً لانقطاع الكهرباء لساعات طوال، وتارةً أخرى بسبب حدوث أعطال فنية مفاجئة... وغيرها الكثير من الأساليب الملتوية.
كما يُعد ارتفاع منسوب المياه الجوفية خلال هذه الفترة من السنة نتيجة الأمطار الغزيرة، واختلاطها مع شبكة الصرف الصحي المتردية، أحد الأسباب الأساسية لتسرب مياه الصرف الصحي إلى الينابيع وشبكة المياه الرسمية.
والجدير بالذكر، أن العديد من القرى التابعة لمحافظة طرطوس، لم يجر ربطها بشبكة الصرف الصحي حتى يومنا هذا، والمبرر أن المبلغ المرصود لربط مثل هذه القرى بقنوات الصرف الصحي لا يتناسب مع الكلف الحقيقية لاستكمال مثل هذه المشاريع، ويمكن تخيّل مقدار تلوث الينابيع القريبة من تلك المناطق السكنية.

غيض من فيض اللامبالاة

الحديث عن انتشار التهاب الكبد الوبائي في منطقة ما يعتبر كارثياً، فهذا المرض يعتبر من الأمراض المعدية، ومن السهولة انتقاله من المصاب إلى المعافى، مع الأخذ بعين الاعتبار أن المعالجة من المرض ممكنة، لكنها يجب أن تبدأ اعتباراً من إنهاء مسبباته الرئيسية.
وتجدر الإشارة إلى أنه سبق أن تم تسجيل العديد من الإصابات بالتهاب الكبد الوبائي في إحدى مدارس قطنا بريف دمشق، فقد نقل بحينه عن لسان مدير الصحة المدرسية بريف دمشق أنه: «تم تحليل مصادر المياه وأظهرت النتائج خلوها من التلوث.. المدارس ليست بؤرة للمرض، والحالات تأتي من البيت وليس العكس». وكأن موضوع المسؤولية حيال انتشار الوباء يختلف بحال كانت مصار المياه مدرسية أو منزلية!
وبنفس الفترة تم تسجيل بعض الإصابات بالتهاب الكبد الوبائي في وادي العيون في ريف حماة.
وفي مطلع عام 2021 تم تسجيل بعض حالات الإصابة بالتهاب الكبد الوبائي في حمام القراحلة وكفر دبيل بمدينة جبلة، وكذلك جرى تحميل السبب إلى بعض الينابيع في المنطقتين.
وفي بداية عام 2021 أيضاً تم تسجيل عدة إصابات في تلكلخ بريف حمص.
لا شك أن كل ذلك يندرج تحت يافطة الإهمال واللامبالاة الرسمية تجاه حياة المواطن وصحته، وغياب الخطط والدراسات الجدية لربط المدن والقرى بشبكة الصرف الصحي، بالإضافة لغياب خطط الصيانة المستمرة لمثل هذه الشبكات، والتي يؤدي إهمالها لمثل تلك المشاكل الكارثية التي تنعكس على صحة المواطن.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1060