الاستثمار في الأمبيرات يصل إلى حماة؟
سوسن عجيب سوسن عجيب

الاستثمار في الأمبيرات يصل إلى حماة؟

خلال الأسبوعين الماضيين تم تداول خبر يقول بأن هناك مستثمراً تقدم لمحافظة حماة بطلب تشغيل 4 مولدات للأمبيرات، لتلبية حاجة المواطنين في المحافظة من الكهرباء.

الخبر بعموميته لم يتم نفيه، بل تم التأكيد على مضمونه من قبل أحد أعضاء المكتب التنفيذي في محافظة حماة، عبر إحدى وسائل الإعلام، حيث «أكد بدء المحافظة فعلياً بدراسة التغذية الكهربائية للراغبين بوساطة الأمبيرات». بالمقابل، فقد «نفى عضو المكتب التنفيذي بدء مشروع الأمبيرات في أية منطقة أو حي حتى الآن»!
لم يطل الأمر كثيراً بعد ذلك، فبتاريخ 14/2/2022 صرح محافظ حماة، عبر إحدى الإذاعات المحلية، بما يلي: «المحافظة تنوي إنشاء مولدة أمبيرات، مضيفاً أنها تجري دراسات حالياً لتحديد سعر الأمبير مع الاستفادة من أخطاء تجربة محافظتي ريف دمشق وحلب، مؤكداً: أن مشروع الأمبيرات مؤقت وسيلغى عند تحسّن وضع الكهرباء في المحافظة».

قريباً في الأسواق!

على ما يبدو أن مولدات الأمبير ستغزو أحياء وبلدات محافظة حماة، والدليل على ذلك هو تأكيد محافظ حماة أعلاه، وقول عضو المكتب التنفيذي «أن المحافظة شكلت لجنة مختصة لدراسة مشروع كهذا من حيث الترخيص، لتقديم هذه الدراسة إلى المكتب التنفيذي في محافظة حماة لأخذ الموافقة، وفي مرحلة تالية سيرسل إلى مديرية التجارة الداخلية في حماة لتحديد الأسعار، ليصار إلى الترخيص اللازم».
أي إن مشروع الاستثمار المربح في الأمبيرات أصبح قاب قوسين أو أدنى من البدء بتنفيذه في المحافظة، وعلى الأغلب لن يقتصر على مستثمر واحد، أو على 4 مولدات أمبيرات فقط!
فبمجرد ما تم البدء بهذا النمط من الاستثمار المربح ستتزايد أعداد المستثمرين به، وستتزايد أعداد مولدات الأمبيرات التي ستنتشر في أحياء وبلدات حماة.
ولم لا.. طالما هناك حاجات ملحة للمواطنين، في ظل استمرار واقع التردي الكهربائي، دون أفق ملموس لمعالجة سد هذه الحاجات بشكل فعلي وكافٍ من قبل وزارة الكهرباء بشكل خاص، والحكومة بشكل عام!

الاستفادة من التجارب المريرة

بحسب ما نقل عن المحافظ، وعن عضو المكتب التنفيذي أيضاً، إن «محافظة حماة تتواصل حالياً مع محافظة حلب ومجلس مدينة حلب، لكونهما لديهما التغذية بالأمبيرات منذ عدة سنوات، وذلك بغرض الاطلاع والاستفادة من تجربتهما بما فيها من إيجابيات أو سلبيات إن وجدت».
وجميعنا يعلم مسبقاً مقدار الاستفادة من التجربة القائمة، سواء في مدينة حلب أو في ريف دمشق بما يخص تجارة الأمبيرات، وكيف يتم ابتزاز واستغلال حاجات المواطنين من خلالها!
علماً أن الاستثمار في تجارة الأمبيرات ما زال يعتبر غير مشرع رسمياً، ويتم غض الطرف عنه وتغطيته من قبل المكاتب التنفيذية في المحافظات، التي تمنح التراخيص المؤقتة للمستثمرين فيها، مع الإعلان الخلبي عن فرض تسعيرة لقاء كل أمبير، لكن ذلك بالواقع العملي غير منفذ، حيث يفرض مستثمرو مولدات الأمبيرات شروطهم المجحفة على المحتاجين من المواطنين، بالتسعيرة وبساعات التشغيل، وهذا الحال القادم في محافظة حماة لن يكون أفضل من سابقه في حلب وريف دمشق، أو غيرها من المناطق، من كل بد!

مسيرة الخصخصة المستمرة

على ما يبدو أن مسيرة الخصخصة لقطاع إنتاج وبيع الطاقة الكهربائية، والتي تحقق الأرباح للمستثمرين به، أصبحت على سكة التفريط النهائي الرسمي.
فمسيرة خصخصة قطاع الطاقة الكهربائية، إنتاجاً وبيعاً، أصبحت تمضي على قدم وساق، سواء من خلال هذا النمط من فرض التجارة بالأمبيرات على المواطنين المحتاجين للطاقة الكهربائية، تباعاً ولكل مدينة أو بلدة على حدة، بدون الإعلان رسمياً عن شرعنة هذا النمط من الاستثمار الربحي، أو من خلال مشاريع توليد الطاقة الكهربائية من قبل القطاع الخاص، تحت مسمى تغطية حاجات المدن والمناطق الصناعية، أو تحت عنوان تشجيع إنتاج الطاقة الكهربائية عبر الطاقات المتجددة، التي أخذت مشروعيتها وتم تنظيمها بموجب قوانين خاصة بها.
وهذه المسيرة في الخصخصة تمضي بكل أريحية بسبب تراجع دور الدولة على هذا المستوى، وتخليها عن هذا القطاع الحيوي والهام يوماً بعد آخر، وجزءاً تلو جزء، مع تغطية هذا التراجع والتخلي بالكثير من الذرائع والمبررات، غير المقنعة بغالبيتها.
والقادم على هذا المستوى أسوأ من كل بد، استغلالاً ونهباً وفساداً، تحت ضغط الحاجة والاضطرار، مع الانعكاسات السلبية لذلك، والتي لا تقتصر على التكاليف المرتفعة التي سيتحملها المواطنون، بل وعلى المستويات كافة، وخاصة على تكاليف الإنتاج، وعلى أسعار السلع والخدمات!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1058