«ميتافيرس» حكومي بنتائج كارثية
هل تعلم عزيزي المواطن أن الحكومة كانت سباقة في التعامل مع عوالم «الميتافيرس»، مزجاً بين الواقعي والافتراضي فيها، قبل «مارك» وأشباهه، بل وتجاوزتهم بأشواط، خاصة ويحسب عليها أنها تعتبر بعيدة عن تقانات العالم الرقمي وتطوراته، فقمة الإبداعات التقنية لديها تمثلت بالبطاقة الذكية، التي نحصد سلبياتها وما زلنا؟!
فالحكومة لم تنهمك بعملها على مستوى الشق الخاص بالعوالم الواقعية كما هو مفترض، بل عززت ذلك بالدمج بينها وبين العوالم الافتراضية بكل نجاح أيضاً، من خلال سياساتها الطبقية الظالمة والمجحفة.
تعريف لا بد منه
حسب التعريف المختصر «الميتافيرس» أنه سلسلة من العوالم الافتراضية المتكاملة مع الواقع المعزز، والتي تضم تفاعلات لا حصر لها بين المستخدمين من خلال «الأفاتار» الخاص بكل مستخدم، والتي تتيح العديد من التفاعلات الخاصة بالأعمال أيضاً.
وقد انشغل البعض المتخصص بالتقانات الإلكترونية الحديثة- بالإضافة لعموم مستخدمي الشبكة العنكبوتية- بالحديث عن التطورات التقنية في العالم الافتراضي الرقمي، بعد إعلان «مارك»، مالك «فيسبوك»، عن نقلة جديدة في العالم الرقمي إلى عالم «الميتافيرس» المعزز.
الأوهام الافتراضية
الوقائع تقول: إن الحكومة فرضت على عالم المفقرين والمنهوبين- وما زالت- أن يعيشوا أوهام سيناريوهات عوالم افتراضية من تأليفها وتلحينها، على شكل برامج وخطط ومشاريع ورقية، مرفقة بتغطية إعلامية مقروءة ومسموعة ومرئية عن نسب ومعدلات التنفيذ والإنجاز، مع خطب رنانة وعصماء لشخوصها، لتشكل بمجموعها عوالم افتراضية ممزوجة بالعالم الواقعي ومتكاملة معه، يتم تسويقها وتصديرها إلى هؤلاء المفقرين والمنهوبين تباعاً، على أنها تمثل مصالحهم، بينما على أرض الواقع يعيش هؤلاء عكس كل ذلك، ليس الآن فقط، بل منذ عقود، وخاصة على المستوى المعيشي والخدمي.
بالمقابل، هناك جملة من البرامج والمشاريع، غير الافتراضية طبعاً، والخاصة بعالم كبار الأثرياء والناهبين ولمصلحتهم، والتي تسير جنباً إلى جنب مع العالم (الافتراضي المسوق، والواقعي المعاش) الخاص بالمنهوبين!
وبين هذا وذاك تعيش هذه الحكومة، مع سابقاتها، أشكال من الازدواجية بين الواقعي والافتراضي في أعمالها ومهامها، حتى تكاد هي نفسها تتوه في عدم التمييز بينهما في بعض الأحيان، لذلك نشهد الكثير من الخلط والتخبط والارتجال، الذي لا يحيد طبعاً عن الاستراتيجيات المرسومة بالتوافق مع السياسات الناظمة لعملها، ولمصلحة مَن بالنتيجة.
أمثلة ملموسة
الأمثلة الفاقعة على ذلك أكثر من كثيرة، مثل: الحديث الافتراضي عن مكافحة الفساد، والحديث الافتراضي عن تحسين الواقع المعيشي للمفقرين، والحديث الافتراضي عن الحفاظ على الدعم، والحديث الافتراضي عن تحسين الواقع الكهربائي، والحديث الافتراضي عن إعادة الإعمار وعن التعويضات للمتضررين، وغيرها من الأحاديث الافتراضية الكثيرة الأخرى، بينما نعيش بالواقع الفعلي في الدرك الأسفل على مستوى المعيشة والخدمات ومعدلات النهب والاستغلال والفساد غير المسبوقة.
وكذلك هناك المشاريع والخطط الخاصة بعوالم الأثرياء والناهبين، والمنفذة بالواقع العملي، فالنهب والاستغلال والفساد يسير على قدم وساق، مع كل مساعي التغطية عليه والتورية عنه، وكذلك كل ما صدر ويصدر من تشريعات وقوانين تحفظ حقوق هؤلاء الطغم وتزيد من ثرائهم، والتي يتم تغليفها على أنها تمثل المصلحة العامة، ولا ننسى الحديث عن بعض المشاريع الاستثمارية الافتراضية المليارية التي يتم تمويلها عبر القروض، والتي تبقى افتراضية، ولا تظهر على أرض الواقع إلا من خلال الحديث عن استعصاء تحصيل تلك القروض بالنتيجة.
سياسات مفضوحة
استطاعت الحكومة أن تعمل- وفقاً لسياساتها الطبقية المنحازة- على مجموعة من العوالم بنفس الوقت، عالم المفقرين والمنهوبين، وعالم الأثرياء والناهبين، وما بينهما من عوالم أنشطة ونشاطات، ولكل منها كانت هناك برامجها وخططها ومشاريعها طبعاً، مع جهود حثيثة للفصل والدمج (بحسب الضرورة) بين الواقعي والافتراضي فيها، على مستوى التفصيلات والجزئيات، في السياسة والاقتصاد والمعيشة والخدمات.. ومع كل اللامبالاة بما يتم حصاده من سلبيات على كافة هذه المستويات فعلياً.
بالمقابل طبعاً، فإن كل ما سبق من «ميتافيرس» حكومي هو معروف ومدرك، بل ومفضوح وتتم تعريته تباعاً، وإلا لكان باستطاعة الحكومة مثلاً أن تطالب «مارك» وغيره بحقوق الملكية الفكرية عن إبداعاتها الكارثية أعلاه!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1058