رغيف الخبز الدمشقي أيضاً... رهن التجارب الفاشلة
نادين عيد نادين عيد

رغيف الخبز الدمشقي أيضاً... رهن التجارب الفاشلة

بات رغيف خبز المواطن رهن التجارب الحكومية المتخبطة هنا وهناك، فبعد الفشل الذريع لقرار توطين الخبز الأخير عبر «البطاقة الذكية» في محافظات «اللاذقية- طرطوس- حماه»، تستعد الجهات المعنية لتطبيق الآلية ذاتها في محافظة دمشق!

فقد أعلنت مصادر مطلعة لإحدى الصحف المحلية يوم 22 من الشهر الجاري، اعتماد توطين الخبز عبر البطاقة الذكية في دمشق مع بداية الشهر المقبل، مبينة، أن الهدف من العملية تخفيف الازدحام على الأفران، وحل مشكلة سرقة المواد التموينية وهدرها، والتخلص من السوق السوداء، مبينة أيضاً: أنه وفقاً للآلية الجديدة، سيكون المواطن قادراً على تغيير المعتمد 3 مرات شهرياً.
ووفقاً للتوجه الجديد، يسمح لكل معتمد أو مخبز بكمية توزيع يومية لا تتجاوز الـ 500 ربطة، وهذا يعني، أنه ستتم زيادة عدد المعتمدين بشكل كبير لتغطية كافة المناطق في العاصمة.

تعميم التجربة على ركام أخطاء التوطين السابقة

على الرغم من المشاكل العديدة، والمعاناة التي واجهت المواطنين في المحافظات التي طبق فيها قرار توطين الخبز، تمضي وزارة التموين قدماً بتعميم التجربة في محافظة دمشق، رغم تسجيل فشلها والتعامي عن أخطائها!
فما شهدته التجربة من خسارة الخبز المكدس بسبب سوء التخطيط الذي حصل من قبل الجهات المختصة، عدا عن معاناة المواطنين الذين لم يستطيعوا التسجيل وفق أقرب نقطة لسكنهم، بسبب إغلاق سقف الحد الأعلى المسموح وفق تطبيق البطاقة الذكية، وهذا حسب قرار تحديد500 ربطة توزع يومياً من قبل كل معتمد أو فرن، فالمشكلة ذاتها ستتكرر في دمشق عند بدء تطبيق التوطين مع بداية الشهر القادم، ما سيكرر معاناة المواطنين لاختيار المعتمد الأقرب إليهم.

أساليب تطفيش للمواطن وتوفير

الجدير بالذكر، أن آلية بيع الخبز عبر المعتمدين قد زادت الطين بلة، فالخبز سيئ الجودة، نتيجة سوء النقل والتخزين، والتعبئة السريعة للمادة دون تبريد، ويفضل العديد من المواطنين الحصول على الخبز عبر الأفران تفادياً للحصول على مادة الخبز بالجودة الرديئة تلك، ووفقاً لمعادلة التوطين سيجبر المواطنون على تناول الخبز سيئ الجودة، أو أن يتوجه لشراء الخبز السياحي مرتفع الثمن!
وما المعاناة المذكورة أعلاه، إلا أحد أشكال التوفير الذي حققته السورية المخابز، والذي أطربتنا به بعض الجهات الحكومية بعد اعتماد الذكاء، بأن تلك القرارات قد انعكست إيجاباً على التكاليف والمستلزمات لمادة الخبز، فلا بد من الإشارة، أن كل ذلك هو قضم من مستحقات المواطن، وسحب لقمة عيشه من فمه صراحةً.
فهل أتى هذا التوفير من الرقابة العالية على الحلقات الأولى لعملية توزيع المواد الأولية التي تدخل في تصنيع الخبز؟ ابتداءً من نقلها إلى الصوامع ثم المطاحن وصولاً إلى المخابز... إلخ، أم أن هذا التوفير جاء نتيجة قرارات تخفيض الدعم المتتالية للقمة عيش المواطن، سواء كانت عبر تخفيض وزن الربطة المستمر، أو عبر تقليل عدد الربطات المستحقة لكل أسرة، حتى وصلت إلى حدود الرغيف وربع يومياً لكل مواطن، أو من خلال غض الطرف عن سوء وتردي جودة الرغيف كأسلوب تطفيشي مضاف إلى كل ما سبق، وما ننتظره اليوم من دراسة جارية لبيع ربطة الخبز بسعر التكلفة، وما يعنيه هذا من إنهاءٍ للدعم بشكل كامل!

التوحش طال الأمن الغذائي للمفقرين

يعجب المواطن المفقر- الذي أرهقته سنين الحرب والأزمة- من الأساليب المبتدعة من قبل الفريق الحكومي للنيل منه ومن كرامته، وعلى حساب المزيد من تدهور مستوى معيشته، ليكمل عليه بقراراته الممنهجة، والتي أصبحت أكثر من متوحشة، حيث طالت رغيفه الذي يمثل آخر خط دفاعي على مستوى أمنه الغذائي، بعد أن تقلصت سلة استهلاكه الغذائي اليومي مع أفراد أسرته وصولاً إلى درجات الجوع والعوز.
فهل من توحش أكثر من ذلك؟!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1046
آخر تعديل على الإثنين, 06 كانون1/ديسمبر 2021 12:02