مخصصات ضائعة مع نهاية العام ولا تعويض حكومي!
ماسة سليمان ماسة سليمان

مخصصات ضائعة مع نهاية العام ولا تعويض حكومي!

أعلن وزير التجارة وحماية المستهلك عبر صفحته الشخصية يوم 19 من الشهر الحالي، عن موعد بدء دورة توزيع جديدة لكل من مادتي السكر والرز «المدعوم» والمحدد يوم 4 كانون الأول القادم.


كما لفت الوزير إلى إمكانية المواطن مع بداية الدورة القادمة، تحديد الصالة التي يريد، للحصول على مواد التدخل الإيجابي من «سكر وزيت دوار الشمس»، مضيفاً أن ذلك التحديد سيضمن للمواطن حقه بعدالة التوزيع بعيداً عن أهواء البائعين في التوزيع، رابطاً إمكانية زيادة كمية الزيت المخصصة عبر كل بطاقة بحال كَثُرت الكميات في المستودعات.


دورات التوزيع بتناقص مستمر!

الجدير بالذكر، أن الدورة القادمة هي الدورة الرابعة والأخيرة للعام 2021! والتي لم يحدد الوزير خلال تصريحه مدتها إن كانت عن شهر فقط أم أنها عن شهرين، كوننا على أبواب نهاية العام 2021.
ويبقى التساؤل، وبما أننا على أعتاب نهاية العام، والقيود المالية للعام الحالي ستغلق مع نهاية الدورة القادمة، لتفتح قيود مالية جديدة مع بداية عام 2022، ماذا عن الأشهر الخمس الفائتة، والتي لم يتم استلام مخصصاتها من قبل المستحقين حتى الآن من مادتي الرز والسكر المدعومين، وهي أشهر «تموز- آب- أيلول- تشرين الأول والثاني»؟
فهل من المنطقي أن تغلق القيود المالية لهذا العام، لتبقى الأشهر الفائتة أعلاه في ذمم وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك والمؤسسة السورية للتجارة؟
ومن سيعوض للأسر المستحقة كافةً عن المواد المدعومة التي لم يتسلموها عن الأشهر سابقة الذكر، وهي مخصصاتها وحقها، ناهيك عمّن فاتتهم إمكانية استلام مخصصاتهم خلال الدورة الأولى والثانية وحتى الثالثة لأسباب ومبررات وذرائع عديدة ومختلفة؟


المبررات الحكومية نتاجها خسارة المواطن!

الواقع يقول: إن كل هذا التقصير والمماطلة، والتي أدت إلى خسارة المواطن لمخصصاته عن خمسة أشهر حتى الآن خلال العام الحالي، كان يتم تبريرها بمسوغات وذرائع جاهزة من قبل وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك والسورية للتجارة، تارةً بتأخر التوريدات بسبب العقوبات والحصار، وتارةً أن مراكز التوزيع لا تغطي المناطق كافة، وأحياناً أن السكر والرز غير متوفرين سوياً، وتارة بسبب تعطل الشبكة بعد اعتماد الذكاء، وأخرى بسبب قلة السيارات الشاحنة...إلخ من مبررات ذرائعية، وطبعاً بهذه الحالة ما على المواطن إلّا أن يغطي النقص الحاصل باستلام مخصصاته عبر الشراء من المحال والأسواق الحرة، وبأسعارها المرتفعة، مع الإشارة أن الكميات المدعومة المخصصة لكل عائلة عبر البطاقة الذكية بالأساس لا تغطي الحاجة الفعلية، وأن ما تم اقتراحه من حلول «خلبية» عبر توفير مواد تحت مسمى «التدخل الإيجابي» أيضاً لا تسد الحاجة الحقيقية لكل أسرة، ناهيك عن سعرها الموازي للسوق الحر تقريباً، وهذا بكلام آخر، يؤكد أن المواطن كان الخاسر الأكبر من تلك الآليات المتبعة وذكائها منقطع النظير، سواء مع دورات التوزيع للمواد المدعومة التي أتيحت والمقلصة عدداً، أو عبر ما سمي بمواد التدخل الإيجابي، أو عبر ذلك التأخير الذي أحدث فجوة، نتاجها: فوات خمسة أشهر من التوزيع، مما زاد المواطنين خسارة فوق خسارتهم الدائمة والمستمرة، وخاصة مع إجراءات تخفيض الدعم المتتالي على ما تبقى من مواد مدعومة، سواء عبر رفع سعرها بشكل مباشر ولأكثر من مرة، أو عبر تخفيض كميتها كمخصصات لكل فرد ولكل أسرة، أو من خلال زيادة مدد استلامها!


المعادلات الحكومية والحلول المغيبة

من الواضح، أن الدعم يتضاءل ويتم قضمه شيئاً فشيئاً بأساليب وطرق مختلفة ومبتكرة من قبل الحكومة الموقرة وجهاتها التابعة، تحت ذرائع وحجج ما أنزل الله بها من سلطان، وليبقى المواطن هو الخاسر الحقيقي ضمن المعادلات الحكومية المتبعة!
والأكثر وضوحاً أن ما يتعلق بقضم واستلاب حقوق المواطنين غائب عن مجالات الرقابة والمتابعة والمحاسبة الرسمية، بل ويتم غض الطرف عنها، بسبب غياب وتغييب آليات المحاسبة والمساءلة الشعبية، الضامنة لحقوق الغالبية من المواطنين، ولعل قصة توزيع الرز المصاب بالتسوس عبر بعض صالات السورية للتجارة للمواطنين مؤخراً، والحلول الترقيعية التي رافقت هذه القصة، مثال حي على ذلك!
ما سبق يدفعنا إلى طرح التساؤلات التالية:
أليس من المفروض على وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أن تأخذ على عاتقها فتح باب التعويض عن الأشهر الخمسة الفائتة عبر صالات مخصصة لهذه الغاية مستمرة التوزيع، كي يتم التعويض عن كامل مخصصات المواطنين من المواد «المدعومة» غير المسلمة، بدلاً من طرح ما يسمى مواد التدخل الإيجابي، طالما أن المواد متوفرة لديها؟
أليس بالإمكان، ومن الحق، أن يتم تدوير مخصصات المواطنين من دورة إلى أخرى، طالما العجز- بغض النظر عن مبرراته- سببه الوزارة والمؤسسة، وليس المواطن؟
فالمواطن يسمع بين الحين والآخر عن منح السورية للتجارة سلفاً مالية بالمليارات لتأمين مخصصاته من المواد المدعومة من قبل الحكومة، فأين صرفت هذه السلف في ظل تراكم مخصصات خمسة أشهر غير مسلمة للمواطنين خلال العام الحالي وحتى الآن؟
هل كانت تقديرات السورية للتجارة المالية خاطئة، على الرغم من توفر ما يكفي من البيانات والمعلومات لديها، أم أن المبالغ المعلن عنها حكومياً كانت خلبية وللتداول الاعلامي فقط؟
ونتساءل أخيراً: أين المتابعة والمساءلة والمحاسبة الرسمية بالحد الأدنى على هذا التقصير والتراكم الذي يدفع ضريبته المواطن من حقوقه، وعلى حساب معيشته، وباسم الدعم المخصص له، مع الكثير من البهرجة الإعلامية والمزاودة عليه به؟!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1045