وزارة التربية وإعلان باريس والاستثمار في التعليم
نشرت الصفحة الرسمية لوزارة التربية بتاريخ 11/11/2021 إعلان باريس للاستثمار في التعليم، إذ ضم 40 بلداً خلال مؤتمر اليونسكو الواحد والأربعين.
فقد ورد فيما يخص الاستثمار في التعليم ما يلي: «وتأتي المخاطر التي يتعرَّض لها التعليم من نقص الاستثمار فيه على الصعيد العالمي، وقد اتفقت الدول الأعضاء في اليونسكو منذ عام 2015 على تمويل التعليم بنسبة تتراوح بين 4 و6% من إجمالي الناتج المحلي، أو من 15 إلى 20% من الإنفاق العام، غير أنَّ معظم البلدان لم تصل بعد إلى هذا القدر من الاستثمار، كما يبدو أنَّ مخصصات التعليم بلغت 1% من مجموع المبالغ المخصصة لخطط إعادة الإنعاش لما بعد الجائحة في البلدان المنخفضة الدخل، وبلغت 2,9% فقط في البلدان المتقدمة».
وقد ترأست المديرة العامة لليونسكو، أودري أزولاي، مع رئيس الجمهورية الفرنسية، إيمانويل ماكرون، اجتماعاً ضمَّ قادة الدول ووزراء التعليم في أكثر من 40 بلداً من بينها سورية، من أجل تعزيز الالتزام السياسي العالمي والوطني لصالح التعليم.
سورية ممثلة ومشاركة ومستفيدة
مثّل سورية في المؤتمر وزير التربية، كما رأينا في الخبر الوزاري أعلاه، واللافت، هو أن الخبر لم يوضح أية مخرجات لهذا المؤتمر، والإعلان بما يخص الأهداف المعلن عنها، وهي زيادة الاستثمار في التعليم، ولم يعرض ما تم الاتفاق عليه في المؤتمر.
ولعل من أهم ما ورد، هو التذكير بما اتفق عليه الأعضاء في اليونسكو منذ عام 2015، كما ورد في نص الفقرة الخاصة بذلك، حول نسب تمويل التعليم من إجمالي الناتج المحلي، أو من الإنفاق العام.
يشار إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تشارك فيها سورية في مثل هذه المؤتمرات، وما زال دعم المنظمات الدولية مستمراً، وما زالت وزارة التربية تعتمد على «دعم» اليونسكو في شؤون التعليم.
ولكن ما هو انعكاس هذا التعاون وهذا الدعم على أرض الواقع، حتى يتم تحقيق الهدف من هذا الاستثمار، وهو الطالب؟ ذلك المنتج النهائي للعملية التعليمية الذي يجب أن يكون تحصيله العلمي متطوراً بقدر هذا الدعم والتعاون افتراضاً، سواء من أجل إتمام التعليم في المرحلة الجامعية، أو لزجّه لصالح سوق العمل!
فرغم كل التردي في المستوى التعليمي في سورية، في ظل الأزمة السورية وما خلفته من دمار على الأصعدة جميعها، من نزوح وتسرّب وخراب للمدارس وتراجع التحصيل العلمي، إلى سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، فقد تزايد كل ذلك في ظل جائحة كورونا، وهذه حقيقة ملموسة، وخاصة بعد توقف الدوام لفترة ليست بالقليلة خلال السنوات الدراسية الماضية، بالتوازي مع تخلف البنية التحتية في سورية عن تقديم بدائل ترمم هذا العجز، كالتعليم عن بعد.
الدعم الأممي يستمر والتراجع مستمر
تتغنى وزارة التربية بجهودها في التعاون مع المنظمات الدولية، وهذا في الوقت الذي تتخلى فيه الحكومة عن أدنى جهد لدعم التعليم ورفع سويته في سورية، فعلى أرض الواقع نرى سوية التعليم تتراجع بشكل مخيف في المدارس.
فعلى مستوى الحلقة الأولى، ترتفع نسبة الأمية وعدد الطلاب الذين لا يتقنون القراءة والكتابة، وحتى أن بعضهم لا يقرأ ولا يكتب، وقد وصل إلى الصف السادس! وتكلمنا في مواد سابقة كيف يتم العمل على تبسيط الأسئلة وتسطيحها مراعاة لمستويات الطلاب المتدنية، لتنتج بالنهاية طلاباً يعتمدون هذا المستوى المبسط لتحصيلهم العلمي، وهذا كله راجع إلى السياسات القائمة على استيراد المناهج، والخطط الجاهزة لوضع المناهج التي لا تتناسب مع واقع المدارس وتجهيزاتها.
فنرى النتائج على أرض الواقع بعيدة جداً عمّا يقال ويطرح في وسائل الإعلام الرسمية وصفحة الوزارة، وهذا يرجع إلى تضافر كل الظروف المحيطة بالتعليم، من عدم جاهزية المدارس، إلى الواقع المعيشي للمعلمين، وسوء التخطيط، والسعي المحموم إلى الخصخصة، وسوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والصحية عامة.
ما هي نسبة تمويل التعليم في سورية؟
ناقشت لجنة الموازنة والحسابات في مجلس الشعب منذ أربعة أيام الموازنة الاستثمارية لوزارة التربية والجهات التابعة لها للعام 2022، والمقدرة بـ 44 مليار ليرة، وهذا المبلغ لا يشكل إلا نسبة 0,33% من كتلة الموازنة العامة المقرة، أي أقل من نصف بالمئة بكثير، وهو رقم ضئيل جداً أمام ما اتفق عليه أعضاء المؤتمر في اليونسكو منذ عام 2015، وهو أن يكون بين 4 و6%.
فهل يمكن للمبلغ المخصص للموازنة أعلاه أن يغطي احتياجات التعليم في سورية، مع كل ما يعانيه من تراجع وتدهور؟
وأين الاستثمار في التعليم الذي يجري التغني به، والمشاركة بالمؤتمرات الدولية تحت يافطته؟
فمئات المدارس في المدن المختلفة تحتاج إلى ترميم، وكذلك المئات منها تحتاج إلى صيانة وتجهيزات، ناهيك عن التجهيزات التي يجب أن تكون ضمن ضرورة تحديث المناهج وأدواتها، هذا إن غضضنا الطرف عن حال الازدحام الصفي المعمم!
في نهاية الأمر، ليس هناك استثمار للتعليم في سورية كما هو مفترض، لأن المنتج هم الطلاب الذين فقدوا حقهم بتعليم جيد، ولم يستطيعوا تحصيل مستوى مطلوباً من التعليم، وما نراه من هذا الاستثمار أيضاً: فقدان أهم مستلزمات التعليم، أو نقصها في أفضل الأحوال، إلى درجة تحول بين الطالب والعملية التعليمية المطلوبة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1044