واقع المدارس في ظل الكورونا والفساد
جددت وزارة التربية تصريحاتها بشأن القواعد الواجب اتباعها للمحافظة على السلامة العامة في المدارس، للكادر التدريسي والإداري والطلاب، ولكن دون جدوى من الناحية العملية، فلا حياة لمن تنادي!
وجاءت من ضمن هذه القواعد: المحافظة على نظافة المرافق الصحية، من حمامات ومشارب ومغاسل وخزانات المياه، والالتزام بالتعقيم الدائم لها، والاعتناء بالنظافة الشخصية للطلاب، وحرص المعلمين والإداريين على اتباع الإجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس كورونا، والتأكيد على المسح اليومي الحراري، وتحويل الحالات المشتبهة بالمرض إلى مستوصف الصحة المدرسية، لأحذ مسحات (pcr) والتأكيد على الطلاب المرضى بضرورة تغيبهم عن المدرسة، وحجر أنفسهم منزلياً.
وكما جرت العادة، وما زالت، فالتصريحات والتعليقات والوعود الحكومة ليست إلا ذراً للرماد في العيون.
فبحسب الكثير من الطلاب والتلاميذ، لا يوجد أي اجراء احترازي في المدارس، إلا ما ندر طبعاً، وخاصة ما يتعلق بنظافة الحمامات والمشارب.
ادعاءات وزيف
اعتاد السوريون على مدى سنوات الأزمة، وما سبقها، على النهج الحكومي هذا، فلا يصدر نفي عن غلاء أو انقطاع مادة، إلا وتنقطع هذه المادة من الأسواق، أو يرتفع سعرها، وصولاً لاستحواذ السوق السوداء عليها استغلالاً لحاجات المواطنين، والأمثلة أكثر من أن تحصى عن ذلك، واستمر الوضع كذلك حتى في التصريحات المتعلقة في الوباء العالمي كورونا.
فقد كان من المخطط حسب د. هتون طواشي، مديرة الصحة المدرسية، في تصريحٍ لسانا بتاريخ 2/8/2021 أن يتم تطعيم كافة الكوادر التعليمية والإدارية (127 ألف مدرس) ضد الفيروس، وهو الأمر الذي لم ينجز حتى نصفه حتى الآن، وكانت قد ارتفعت أعداد المصابين بهذا الوباء في القطاع التربوي، إذ بلغ عدد الإصابات حتى تاريخ 14 تشرين الأول 2021 (1250 إصابة) 1055 من المعلمين والإداريين و 195 من الطلاب، كما ذكرت مديرة الصحة المدرسية، وقد شهدت هذه الإصابات ارتفاعا خلال الأسبوع الماضي في دمشق وريفها وحص ودرعا، وربما غيرها من المحافظات السورية أيضاً، مثل: طرطوس واللاذقية، بالتوازي مع النسب المرتفعة للإصابات المسجلة فيها.
وقد تكاثرت المطالبات بالإغلاق المدرسي «المؤقت»، ولو حتى مرور الذروة الحالية، تفادياً من تسجيل المزيد من الإصابات في الكادر التدريسي وبين الطلاب، وتلافياً من انتقال العدوى بسبب الازدحام الصفي، الذي لا يخفى على أحد، ومع ذلك هناك إصرار باستمرار الدوام المدرسي!
تردي الواقع المعيشي وسوء التغذية
ارتفاع تكاليف، المعيشة، ومعدلات سوء التغذية المرتفعة، كان له تأثير كبير، بشكل أو بآخر، على واقع انتشار هذا الوباء، فالمناعة لدى عموم الغالبية المفقرة منخفضة، ليس بسبب سوء التغذية فقط، بل وبسبب ارتفاع تكاليف الاستشفاء والعلاج، يضاف إلى ذلك الازدحام الشديد في الشوارع ووسائل النقل وباصات النقل الداخلي، أو في المقاعد المدرسية، الذي يشكل البيئة الأمثل لانتشار المرض.
فمثلاً، مع وصول سعر الكمامة إلى 300 ليرة سورية، يجب على معيل أية أسرة لديها ولدين فقط في المدارس، أن ينفق ما يقارب خمس راتبه مصروفاً لكمامات فلذات كبده، ليحميهم من هذا الفيروس، فكيف الحال مع بقية المصاريف الضرورية على الاحتياطات الصحية فقط، من معقمات ومواد تنظيف، هذا غير الإنفاق على تأمين مياه الشرب والغسيل، بظل عدم توفرها بشكل دائم في كثير من المناطق، مما يضطره إلى اللجوء إلى الصهاريج وعبوات المياه المعدنية.
فالحكومة، وفريقها المعني بالإجراءات الوقائية، لم تتخذ أي إجراء جدي درءاً لمخاطر تفشي الوباء، فإذا كانت غير معنية بسوء وتردي الواقع المعيشي للغالبية المفقرة، وهي مسؤوليتها أولاً وآخراً، فهي تكرس لا مبالاتها تجاه صحة وحياة هؤلاء من خلال تجاهلها المتعمد لمخاطر المرض، مع الإمكانات الجدية لزيادة تفشيه.
ففي الاجتماع الأخير لم يصدر عن الحكومة إلا التأكيد على الإجراءات العامة، دون اتخاذ أية خطوة عملية بهذا الصدد.
فهل من لا مبالاة واستهتار أكثر من ذلك؟
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1042