هل تختلف خطط الشوندر السكري عن غيرها؟
عبير حداد عبير حداد

هل تختلف خطط الشوندر السكري عن غيرها؟

تتكرر المحاولات الرسمية العديدة لإعادة إحياء زراعة المحاصيل الاستراتيجية من «قمح- قطن- شوندر سكري»، والتي تشكل داعمة اقتصادية للوطن والمواطن، ولكن تلك المحاولات، كما أظهرتها التجارب المتكررة والفاشلة عبر السنوات المتعاقبة، تبقى حبيسة أسوار السياسات الليبرالية المجهضة والقاتلة لأية عملية تطور باتجاه دعم الوطن والمواطن.

فمحاولة إعادة إحياء زراعة الشوندر السكري، التي اعتمدتها الحكومة مؤخراً، أمر في غاية الأهمية، ولكنها قد لا تختلف عمّا سبقها من خطط زراعية سجلت الفشل سابقاً، وذلك في حال استمرار الامتناع عن تقديم الدعم الحقيقي لها، أو عبر تقديم دعم مجتزأ إن صح التعبير!

خطة الشوندر الحكومية وما بعد

أعلنت وزارة الزراعة عن خطة زراعية تشمل 8000 هكتار من محصول الشوندر السكري، حسب تصريح وزير الزراعة يوم 15 أيلول الماضي عبر مقابلة تلفزيونية لإحدى القنوات المحلية، منوهاً خلال المقابلة: أن رغبة الفلاحين كانت للتعاقد على 4200 هكتار، ووفقاً للسعر التسويقي 175 ليرة للكيلو الواحد، وأن السعر قابل للزيادة حسب مستلزمات الإنتاج.
والجدير بالذكر، أنه تم رفع سعر التسويقي من 175 ليرة للكيلو، الذي حدد خلال شهر آذار، إلى 250 ليرة، وذلك يوم 29 أيلول الماضي.
وفي تصريح للمدير العام لشركة سكر تل سلحب في حماة، يوم 7 نيسان الماضي، أن المساحة المزروعة بمحصول الشوندر السكري، وفق العقود التي أبرمتها الشركة مع المزارعين، بلغت 4385 هكتاراً.
أما عن كمية البذار التي تم توفيرها فتقدر بـ 47 طناً من الأصناف الأكثر ملاءمة للزراعة في منطقة الغاب، وهي «سيم 4000» و«سيم 4001» و«سيم 4002»، وفقاً لما نشرته وكالة الأنباء المحلية سانا يوم 13 أيلول الماضي.
وعن سعر مبيع كيلو البذار للفلاح، فقد وافق رئيس مجلس الوزراء يوم 24 تشرين الأول على توصية اللجنة الاقتصادية بتحديد سعر مبيع الكيلوغرام الواحد من بذار الشوندر السكري المستورد «العروة الخريفية» لموسم 2021-2022، إلى الفلاحين بمبلغ 30 ألف ليرة.
فهل سنشهد نجاحاً لخطة الشوندر هذا العام؟

معمل تل سلحب والإنتاج سابقاً؟

توقف معمل تل سلحب عن العمل لسنوات عدة، نتيجةً لانخفاض الكميات الإنتاجية خلال الأعوام السابقة، وتراجع المساحات الزراعية.
فوفقاً لتصريح مدير الثروة النباتية في الهيئة العامة لإدارة وتطوير الغاب بمجال زراعة الشوندر السكري يوم 15 تشرين الاول، أن «شركة سكر تل سلحب توقفت عن التشغيل والإنتاج منذ أربع سنوات».
فالكميات المنتجة خلال العام 2016 لا تتجاوز 15 ألف طن من الشوندر السكري، أما بالنسبة لكميات الإنتاج للعام 2018 فلم تتجاوز 3600 طناً، وللعام 2019 بلغت الكميات المسوقة 110 آلاف طن، فهي كميات لا يمكن معها تشغيل المعمل وفق دورة إنتاجية ذات جدوى اقتصادية.
أما بالنسبة لمحصول 2021-2022، والمقدرة بـ 4385 هكتاراً للعام، بحسب الخطة الطموحة المعلنة، فإنه من المتوقع أن يصل إنتاج الشوندر السكري لحدود 263 ألف طن، وتعتبر هذه الكمية كافية لتشغيل معمل تل سلحب لدورة إنتاجية كاملة، ذات جدوى اقتصادية وبأرباح في حدودها الدنيا.
ولا بد من الإشارة هنا إلى أن هذه الكميات المتوقع إنتاجها تبقى مشروطة بحدود الدعم الذي يجب أن يقدم للمزارعين، مع ضرورة وضع خطة بديلة للأزمات المفاجأة، وإلّا فلن تثمر تلك الخطط الموضوعة على الورق!

تجارب ورقية سابقة

اعتاد المواطن أن الانفراجات التي يتحدث عنها مُصْدرو القرارات والخطط القادمة المتلفزة، ومُبدعو التنبؤ بالكم الإنتاجي، تدور في فلك النسيان، ولن تلمس طريقها الفعلي للتنفيذ.
فتجاربنا السابقة، التي كان نصيبها الفشل، ليست بالقديمة، وخير دليل على ذلك، ما حدث خلال «عام القمح» الماضي وخطته المعلنة، التي تم التهليل لها بموازاتها لخطة الزراعة لما قبل سني الحرب سواء عبر مساحات الأراضي المزروعة، أو حتى بكمية الإنتاج، والنتيجة، أن ما تم تسويقه لا يتعدى 380 ألف طن لمؤسسة الحبوب، أما عن حجج الفشل الذريع فقد كانت كثيرة، حيث تم التطرق إليها خلال مادة سابقة من العدد 1035.

الدعم وفاتورة الاستيراد

طالما أن الدعم الحقيقي غائب عن واقع المزارع السوري وتكاليف إنتاجه، ابتداءً من سعر البذار التي تباع له، مروراً بالأدوية والمبيدات الحشرية اللازمة لاستكمال عملية الإنتاج، ولا ننسى أجور اليد العاملة أيضاً، والتي باتت مرتفعة، بالإضافة للري وما يحتاجه المزارع من كميات حقيقية مدعومة من المحروقات من أجل عملياتها اللازمة والضرورية... إلخ، بالإضافة إلى سعر الشراء التشجيعي للمحصول من المزارع، كل تلك الإجراءات عليها أن تكون حقيقية وفعلية حتى نستطيع إعادة إحياء كميات الإنتاج الزراعي التي تعود بسورية لما كانت عليه، سواء من حيث تغطية الاحتياجات المحلية أو من حيث تصدير الفائض من الإنتاج.
ففاتورة الدعم الفعلي للإنتاج الوطني الحقيقي، ستوفر من فواتير الاستيراد بالقطع الأجنبي لتغطية الاحتياجات المحلية من بعض السلع والمواد، وما تضاف إلى تلك الفواتير من مبالغ إضافية بحجج العقوبات والحصار... إلخ، وهنا يبقى الفيصل بين الدعم الحقيقي وفاتورة الاستيراد هي «مصالح حيتان الاستيراد والفساد»، فإما دعم الإنتاج والمواطن، أو أن تستمر أرباح القلة القليلة عبر حلقات الاستيراد والفساد، طبعاً على حساب الاقتصاد الوطني ودعم المواطن والمصلحة الوطنية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1042
آخر تعديل على الإثنين, 01 تشرين2/نوفمبر 2021 14:40