الإسمنت خلال عام.. زيادة في السعر تجاوزت 215%
عبير حداد عبير حداد

الإسمنت خلال عام.. زيادة في السعر تجاوزت 215%

ما تزال سياسة رفع الأسعار للمواد الأساسية قيد تفعيل «النخب المتحكمة بالقرارات» واحداً تلو الآخر، وما يتبعها دائماً من ارتفاع مهول للمواد الثانوية التي تتأثر بها بطبيعة الحال، وعلى ارتفاع تكاليف الإنتاج بالعموم.

فبعض المواد الأساسية مثل: «المشتقات النفطية- مصادر الطاقة- الإسمنت- وغيرها من مواد تدخل في صلب العملية الإنتاجية» تدخل بعملية الإنتاج مع غيرها من المواد الثانوية، ومآلات تأثير ارتفاعات أسعار الأساسيات على حركة أسعار السلع والمواد في الأسواق، وعلى القطاعات الإنتاجية الأخرى، كبيرة ومتشابكة ومتشعبة.
ونشير هنا إلى أسعار الإسمنت، سواء كان «المعبأ أو الفرط»، فخلال الفترة الممتدة من آب 2020 وحتى تاريخ 22 أيلول الماضي رفعت وزارة التجارة وحماية المستهلك سعر الإسمنت أربع مرات، أي بفترة زمنية تقارب السنة فقط!

رفع متتالٍ لأسعار

جاء رفع الأسعار الأخير يوم 22 أيلول الماضي، حيث أصدرت الوزارة قرارها برفع سعر مبيع طن الإسمنت بأنواعه المختلفة، أما القرار الذي سبق ذلك فقد جاء بتاريخ 1 نيسان الماضي، ليسبقه قرار رفع أسعار الإسمنت بنسبة 80% خلال شهر كانون الأول من العام الماضي.
يوضح الجدول التالي تغيّر أسعار الإسمنت رسمياً، نوع «بورتلاندي» المعبأ فقط، خلال الفترة الممتدة من شهر كانون الأول 2020 وحتى تاريخ 22 أيلول 2021:

1040

مع الأخذ بعين الاعتبار أنه خلال شهر آب من العام الماضي، قررت وزارة التموين رفع سعر مبيع كيس الإسمنت للمستهلك من 2300 إلى 3500 ليرة سورية، ليصبح سعر طن البورتلاندي الأسود المعبأ 66,900 ليرة سورية، بينما طن الفرط منه بـ 60,489 ليرة سورية.
بمعنى أكثر دقة، فقد ارتفع سعر الإسمنت رسمياً خلال سنة ما تتجاوز نسبته 215% تقريباً، وطبعاً تبعه في ذلك رفع أسعار غير رسمي من قبل القطاع الخاص، حيث تعتبر الأسعار الرسمية مهمازاً في ذلك، ومبرراً ومسوغاً لمزيد من حصاد الأرباح، كما درجت عليه العادة.

ارتفاع الأسعار سلسلة متشابكة

أما عن الحجج المتكررة لرفع الأسعار فدائماً ما ترتبط بجملة من التغيرات، سواء كانت داخلية أو حتى خارجية، تضاف إلى ذلك ذرائع الحصار والعقوبات الغربية، التي تخدم مصالح تحالف كبار الفاسدين والتجار دوماً، على حساب مشقة المواطن المغلوب على أمره بالنتيجة.
وللتذكير، فإن الشركة السورية لتخزين وتوزيع المواد البترولية كانت قد رفعت سعر مبيع الفيول من 510 آلاف ليرة إلى 620 ألف ليرة سورية، وكان من الواضح أن لهذا الارتفاع الأخير مآلاته على القطاع الصناعي، وما ستتبعه من جملة ارتفاعات في أسعار العديد من المواد الأساسية وغيرها التي يدخل الفيول في تكاليف إنتاجها ومن ضمنها الإسمنت طبعاً.
فالارتفاع الأخير أدى ويؤدي بطبيعة الحال لارتفاع أسعار المواد التي يدخل الإسمنت ضمن عملية إنتاجها، كالبلوك والبلاط... وغيرها، ورغم هذا الترابط، فقد أكد أحد «خبراء» الاقتصاد الهندسي أن رفع سعر كيس الإسمنت لن يؤثر على ارتفاع أسعار العقارات، مبرراً ذلك بأن رفع سعر الكيس الذي تنتجه معامل القطاع العام يقلص الفجوة بين القطاعين العام والخاص!
ولكن من البديهي، وما أثبتته التجارب السورية المكررة، أن ضبط الأسواق غير ممكن أبداً، وأن أي ارتفاع يطال أسعار منتجات القطاع العام، تتبعه مباشرة ارتفاعات سعرية لمنتجات وسلع القطاع الخاص بأضعاف أخرى.
وكرد على ما صرح به «الخبير» الاقتصادي، فإن ارتفاع سعر الإسمنت قد طال تأثيره أسعار «الطوب الإسمنتي «البلوك»، والبلاط، وحتى أجور الطينة والتلييس..» وبالتالي، كل ذلك سيؤثر على سوق العقارات، والتي سيتحمل تبعاتها المواطن في نهاية المطاف.
وهذا ما أكده بعض العاملين في قطاع البناء: فإن «رفع سعر الإسمنت رَفَع سعر البلوكة من كل القياسات ما بين 75– 100 ليرة، وسعر البلاطة بحدود 200 ليرة، وأجرة متر التلييس بحدود 200 ليرة، ومتر التبليط بحدود 500 ليرة وصار بـ 1500 ليرة، وأجرة متر العمار وصلت إلى 1300 ليرة».

أسطورة ضبط الأسواق والمواطن ضحية!

عن ضبط الأسواق، الرقابة منذ زمن بعيد دخلت غرفة الإنعاش، وأصابها الموت السريري، فطنّ الإسمنت الحر اليوم وصل إلى حدود 400 ألف ليرة سورية.
ومن الواضح أن هذا الارتفاع بالأسعار سيؤثر ليس على واقع أسعار العقارات، أو على واقع بدلات الإيجارات، بل والأهم في هذه المرحلة ربما على تكاليف عمليات الترميم الاضطرارية على البيوت المدمرة جزئياً كي يتمكن المواطنون من العودة إليها هرباً من بدلات الإيجار المرهقة.
ويتساءل أحد المواطنين: «الإسمنت الحر وصل الطن لـ٤٠٠ ألف، مين بقا فيه يحط بلوكة عبلوكة، مين عم يرفع هالأسعار.. لك قيمة الليرة ثابتة تقريباً من سنة ليش مواد البناء تضاعفت بهدا الشكل ...، في ناس بدها تعمر غرفة تستر ولادها ما بقى فيها.. وعمرينو الولد ما يتزوج، لك ليش هيك عم يصير؟»
فواقع المواطن المستمر بالانحدار على كافة المستويات، تعمقه القرارات الرسمية المتتالية برفع الأسعار، لتكبله مع ممارسات النهب والفساد المستشري، وتحيل حياته بؤساً وجوعاً وسحقاً، وكل ذلك مع سبق الإصرار والتصميم!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1040
آخر تعديل على الثلاثاء, 19 تشرين1/أكتوير 2021 23:15