مشروع القانون المالي للوحدات الإدارية.. لا مركزية في الجباية فقط
بدأ مجلس الشعب بمناقشة مشروع القانون المالي الجديد للوحدات الإدارية بتاريخ 3/10/2021، وذلك خلال جلسته السادسة من الدورة العادية الرابعة للدور التشريعي الثالث.
وبحسب ما ورد على موقع مجلس الشعب بنفس التاريخ أعلاه: «أكد عدد من السادة الأعضاء: أن المشروع عصري وحديث، ويسهم في تطبيق اللامركزية وتفعيل عمل الوحدات الإدارية وتعزيز إمكاناتها وإيراداتها بالشكل الصحيح لتحقيق أهدافها الخدمية والتنموية». وقد وافق المجلس على عدد من مواد مشروع القانون المذكور.
وقد تابع المجلس مناقشة مشروع القانون المالي الجديد خلال جلسته بتاريخ 4/10/2021، ووافق بالأكثرية على عدد من مواد المشروع، وعلى إحالة مادتين منه بعد نقاش مستفيض لهما إلى لجنة الإدارة المحلية والتنمية العمرانية، التي أعدت المشروع، لدراستهما مجدداً، وإعادة صياغتهما وإعداد التقرير اللازم بشأنهما.
مركزية ولا مركزية
مما رشح عن مشروع القانون، بحسب وكالة سانا، أن المادة الرابعة منه تبين أن: «حصة الوحدات الإدارية من (ضرائب الدخل المختلفة، وضريبة ريع العقارات والعَرَصات، ورسوم وسائط النقل، والمرفأ، والضرائب على البضائع المستوردة، ورسوم الاستهلاك على المواد المشتعلة والتخزين، والإعلان، والتبغ، ورخص استثمار المناجم والمقالع وثروات الغابات، وأسعار دخول المتاحف والقلاع الأثرية) المنصوص عليها في القوانين النافذة من جميع الجهات المعنية تُحوّل إلى حساب وزارة الإدارة المحلية والبيئة لتوزع بقرار من الوزير».
وتتوزع حصة الوحدات الإدارية من الضرائب والرسوم بناءً على المادة آنفة الذكر بحيث تكون: «65% للوحدات كافة وفقاً لعدد السكان في قيود السجل المدني أو إحصائية المكتب المركزي للإحصاء أيهما أعلى بالتنسيق مع مجالس الوحدات الإدارية من حيث عدد السكان، و12% لمدينة دمشق، و12% للوحدات ذات الصفة التنموية، وتحدد هذه الوحدات بقرار من مجلس الوزراء».. «وتكون حصة مدن الموانئ البحرية من الضرائب والرسوم والأسعار المذكورة بالمادة ذاتها 6%، على أن تحدد هذه المدن بقرار من مجلس الوزراء، في حين تحدد حصة الوحدات الإدارية ذات الصفة السياحية بـ 5%، وتحدد هذه الوحدات بقرار من مجلس الوزراء، كما يجوز تعديل كل هذه النسب المذكورة في المادة 4 بقرار من مجلس الوزراء».
من الواضح أن عملية الجباية، بحسب ما ورد أعلاه، هي عملية لا مركزية، فيما يتبين أن توزيع الإيرادات مضبوط ومتحكم به مركزياً من قبل الحكومة!
فهل هذا هو المقصود باللامركزية التي جرى الحديث عنها؟
وأين اللامركزية مثلاً على مستوى الرقابة والمتابعة للوحدات الإدارية، أو المحاسبة على الفساد والتقصير إن اقتضى الأمر ذلك؟
زيادة في الرسوم والضرائب
كذلك فقد رشح، بحسب صحيفة الوطن بتاريخ 5/10/2021، ما يلي: «تستوفى لمصلحة الوحدات الإدارية رسوم استهلاك 15% من ثمن تذكرة ركوب النقل الجماعي، و5% من فاتورة المياه، و11% من قيمة القدرة الكهربائية، و20% من قيمة مبيعات المؤسسة العامة للتبغ.. وحدد مشروع القانون رسوم الوحدات الإدارية شهرياً من المحال المرخص لها بيع أو تقديم المشروبات الكحولية من ملاهٍ وفنادق حسب درجتها، ومطاعم ونوادٍ ليلية حسب مستوياتها بين 5 و150 ألف ليرة شهرياً. كما حدد مشروع القانون رسم البيع أو التأجير أو الاستثمار بالمزاد العلني بـ 5% عن كامل مدة العقد من قيمة البيع، ويستوفى من المشتري أو المستأجر أو المستثمر لمصلحة الوحدة الإدارية، وحدد حصة دلال الوحدة الإدارية 3% من قيمة الرسم المحصل من قبله، ورسم الاستثمار بالمزاد العلني بالنسبة للاستثمارات السياحية 5% من بدل الاستثمارات السنوية المحصلة.. وبينت المادة العاشرة من القانون أن رسم البيع أو التأجير أو الاستثمار بالتراضي بنسبة 5% لمصلحة الوحدة الإدارية عن كامل العقد. وحدد مشروع القانون رسم معاينة الحيوانات وذبحها ألف ليرة عن كل رأس من الغنم أو الماعز، و3 آلاف ليرة عن كل رأس عجل، وغرامة كل من يذبح خارج المسلخ أو المكان المحدد لحيوان غير معد للاستهلاك البشري بين 100 و350 ألف ليرة، وكل من يذبح حيواناً خارج المسلخ أو المكان المحدد لغرامة تتراوح بين 25 و100 ألف ليرة سورية. ووصلت مخالفة كل من يقوم بالأشغال العامة من دون رخصة بغرامة تتراوح بين 10و50 ألف ليرة، وأعطى للوحدات الإدارية منح رخصة باعة جوالين، وحدد رسمها بمبلغ 5 آلاف ليرة، ورسم نظافة من شاغلي دور السكن في مراكز المدن والمحافظات بين 200 و400 ليرة، والوحدات الإدارية الأخرى بين 100 و150 ليرة كما تستوفي الوحدات الإدارية رسماً شهرياً مقابل خدمات من شاغلي المحال بين 10 و100 ألف ليرة».
ونقلاً عن صحيفة الوطن، بحسب أحد أعضاء مجلس الشعب: «الغاية زيادة الدخول المادية للوحدات الإدارية برسوم بسيطة، وهذا ما ينعكس إيجاباً على قدرة البلديات على تحسين الخدمات المقدمة والعمل على إقامة مشاريع تنموية».
من الواضح، أن الكتلة الأهم في الإيرادات المطلوب زيادتها تعتمد على ما يتم جبايته من عموم المواطنين، أي الغالبية المفقرة عملياً، عبر فواتير الكهرباء والمياه والنقل الجماعي وغيرها، أما عن بقية الرسوم المجباة الواردة أعلاه فالجميع يعلم أنها ستعوض من جيوب هؤلاء كذلك الأمر.
فهل الرسوم أعلاه تعتبر بسيطة؟
وهل تمويل المشاريع التنموية يتم من خلال الرسوم والضرائب التي تُجبى من قبل الوحدات الإدارية، بمعزل عن الدور الحكومي وواجبات الدولة المفترضة على هذا المستوى؟
مشروع قديم ونوايا مبيّتة
يشار إلى أن المشروع سبق أن تم الإعلان عن إعداد مسودته بتاريخ 17/12/2018.
فقد ورد على موقع الحكومة في حينه ما يلي: «بيّن مدير المجالس المحلية في وزارة الإدارة المحلية والبيئة: أن الوزارة قامت بإعداد مشروع نص تشريعي لتعديل القانون المالي الخاص بالوحدات الإدارية بما يتناسب مع المرحلة الحالية، وأوضح أن مشروع القانون تم تقديمه إلى الجهات المعنية، متوقعاً في الفترة القريبة القادمة اعتماد النظام المالي الجديد بما يراعي ويواكب النشاطات الجديدة لمجالس الوحدات الإدارية، ويؤمن لها الدعم المالي لتمارس كل المهام الموكلة إليها، وأن الأرقام المالية الموجودة في النظام المالي للوحدات الإدارية السائدة حالياً هي مبالغ زهيدة جداً، وهذا لا يتناسب مع الواقع الحالي، لذلك يجب أن يُعاد النظر فيه بهدف تقديم الخدمة الجيدة».
وبتاريخ 4/3/2021 نقلاً عن صحيفة الوطن: «أكد رئيس لجنة الإدارة المحلية والتنمية العمرانية في مجلس الشعب: أن مشروع القانون المالي الخاص بالوحدات الإدارية خفّض رسوم البناء إلى 1% من قيمة سعر المتر المربع للأرض المشيد عليها بعدما كانت 2%، وأوضح أن تخفيض نسبة رسوم رخص البناء في مشروع القانون الجديد جاء نتيجة ارتفاع أسعار المتر المربع، وبالتالي لا تكون هناك زيادة في أسعار العقارات على المواطنين، مشيراً أن المشروع أعفا الجمعيات السكنية من رخص البناء على ألا تتجاوز مساحة الشقة 130 متراً مربعاً».
وبحسب الصحيفة، «تضمن المشروع توزيع رسوم تعبيد الشوارع على كل الأبنية المستفيدة من الشارع، بعدما كانت الرسوم تفرض على الأبنية المطلة على الشارع فقط، مع السماح بتقسيط الرسوم على المواطنين لمدة 6 سنوات دون فوائد وغرامات».
من الواضح، أن المشروع ومنذ مسودته الأولى المعدة قبل سنوات، يركز على مزيد من الجباية من جيوب الغالبية المفقرة فقط، بينما يمنح الحيتان مزيداً من تخفيض الرسوم والضرائب، والذريعة تقديم الخدمات طبعاً!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1039