الدخان وشبكات النهب والفساد
ماسة سليمان ماسة سليمان

الدخان وشبكات النهب والفساد

عملت شبكات النهب والفساد، التي تديرها قلة من الحيتان والمتنفذين، على تقاسم الأدوار ومصادر الثروات في البلاد، وفق تناغم عالٍ خلال العقود الماضية، حتى أثبتت حضورها وفاعليتها وتحكمها الاقتصادي، بل وتطورت بأساليبها إلى أن استحوذت على عمل غالبية الأسواق والقطاعات، بما في ذلك كامل السوق السوداء، حيث تحول صغار تجار السوق السوداء السابقين إلى عمال وأدوات لدى تلك القلة الناهبة، لتسيير أعمالها، وجني أرباحها.

ومن ذلك قدرة تلك الشبكات على الاستحواذ على عمليات بيع وتوزيع الدخان، سواء كان الدخان وطنياً أو أجنبياً، مستورداً أو مهرباً، بل وأصبحت مؤخراً كرة الاتجار بالدخان، توزيعاً وتسويقاً وبيعاً، في ملعب السوق السوداء فقط، تخضع لآلياته وقوانينه التحكمية الاحتكارية، وعلى العلن.
أما مؤسسة التبغ فتصم أذناها عما يحصل، وكأنما قد تخلت عن دورها، الإداري والاقتصادي في التسويق والتوزيع، بما في ذلك والرقابي أيضاً، مع غيرها من أجهزة الرقابة الافتراضية على الأسواق، وضمناً مسؤولية التموين طبعاً.
فشبكات التوزيع والبيع للدخان، بمختلف أنواعه ومصادره، من دون ولي ولا سلطان يردعها، وتعمل وفق مستوى تحكم عالٍ، بين ضبط آلية تسعيره واحتكاره.
فخلال الفترة الأخيرة ارتفعت أسعار الدخان، الأجنبي منه والوطني، بشكل متعاقب، مع فقدان أصناف منه، دون مبررات جدية تذكر، سواء كانت على مستوى سعر الصرف، أو حتى تأثير العقوبات والحصار الاقتصادي، كذرائع مساقة لتبرير ما لا يبرر!
وقد أصبح الأمر فاقعاً، فخلال الشهر الماضي، انقطع توفر الدخان الأجنبي من الأسواق، وتوازى ذلك مع توفر الدخان الوطني وبكثرة، لدرجة أن غالبية المدخنين لجأوا للأصناف الوطنية، وذلك نظراً لتحليق أسعار الدخان الأجنبي خلال فترة انقطاعه، بحال توفره طبعاً، وبين ليلة وضحاها انعكس الأمر، لنجد أن هذه الأنواع الأجنبية عادت متوفرة بالأسواق، ولكن بالسعر الذي يرضي محتكريها، ولتنتهي المسرحية برضاء جشعهم من خلال الحصول على المزيد من الأرباح.
فأسعار الدخان ارتفعت بنسبة قاربت 130%، حيث ارتفع سعر علبة دخان نوع 1970 من 1500 إلى ما يقارب 2500 والـ 3000 ليرة سورية، أما المالبورو فقد ارتفع من 5 آلاف إلى 9500 ليرة سورية، الغلواز كان سابقاً بحدود 2000 ليرة ارتفع لحدود3500 ليرة.
مقابل ذلك فُقد الدخان الوطني، وارتفعت أسعاره بحال توفره، حيث بدأ بعض المدخنين باللجوء إلى الأجنبي، في مسلسل بات مفضوحاً، غايته جني المزيد من الأرباح الاحتكارية، فاليوم يُعاد السيناريو ذاته بعد الغيرة التي ضربت الدخان الوطني، لينقطع دون سابق إنذار، والمبرر المقنع لا يوجد، فالدخان إنتاج وطني، ولعبة نقص التوريدات لا تنفع هنا.
فسعر علبة الدخان حمراء القصيرة كان 1000 ليرة، أما الحمراء الطويلة فقد كان بحدود 1300 ليرة سورية، بينما أصبح الآن يتراوح وفقاً للأسعار الاحتكارية بين 2200 و3000 ليرة سورية تبعاً لمزاج محتكر المادة، إن توفرت.
المواطن فهم قواعد اللعبة، التي أصبحت بطبيعة الحال أكثر استغلالية، وستعود الانفراجات بعد تحقيق السعر المرضي للمحتكرين المتحكمين في سوق الدخان.
فهل ينفع التساؤل عن دور الجهات الرسمية، أم أن ذلك ضرب من الخيال؟!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1038
آخر تعديل على الإثنين, 04 تشرين1/أكتوير 2021 04:22