الدخان وصراع الاستحواذ على الأرباح الفلكية..
دارين السكري دارين السكري

الدخان وصراع الاستحواذ على الأرباح الفلكية..

ضمن سلسلة التخطيطات لزيادة الأسعار التي لامست جميع المنتجات والسلع المحلية والمستوردة في سورية عموماً، طال الرفع السعري السجائر بجميع أنواعها، المحلية والمستوردة والمهربة.

ففي كل يوم يستيقظ مدخنو السجائر على خبر ارتفاع سعري «مسبوق» بالطبع، في أسعار الدخان الوطني «الحمرا» والدخان المستورد والمهرب بجميع أنواعه، إضافةً لانقطاع عدة أصناف منه، كانت قد انتشرت بشكل كبير مؤخراً.

سوق سوداء للسجائر

أسعار السجائر المتغيرة دائماً- تحلق عالياً مقارنةً مع الارتفاع الأخير الذي شهدناه، فالتجار يقومون بالتسعير كما يقال «على هواهم» لتحقيق مكاسبهم الربحية أضعافاً مضاعفةً، والدليل على ذلك: أن السعر قد يختلف على علبة السجائر المستوردة بحدود الـ 1000 ليرة كمثال، وأحياناً أعلى من ذلك، ومن هنا نرى أن للسجائر سوقاً سوداء متحكم بها بجميع أنواعها الموجودة في الأسواق.

مليارات من الربح

على الرغم من أن التدخين والسجائر ليست من الأساسيات وتعتبر من الكماليات أو من الرفاهية، وبالرغم من أنها تعتبر ضارة واستهلاكاً مميتاً «جسدياً»، إلا أنها تعتبر مادة أساسية يومية بالنسبة لعدد كبير من المواطنين- كباراً وشباباً.
فبحسبة بسيطة لاستهلاك نوع وطني مثلاً «حيث يعتبر أنه أرخص الأنواع الموجودة» الحمرا القصيرة سعرها اليوم 1000 ليرة، استهلاك علبة سجائر واحدة يومياً يعني بحاجة إلى 30 ألف ليرة شهرياً بالحد الأدنى للمدخن الواحد، مع التنويه أن الدخان الوطني «الحمرا طويلة وقصيرة» لم تعد أسعارها الرسمية معروفة، فالقصيرة تباع الآن بحدود 1000 ليرة، بينما الطويلة تباع بحدود 1300 ليرة، بعد أن تم احتكار بيعها عبر شبكات السوق السوداء على إثر الأزمة السابقة التي طالت الدخان الوطني، ولذا فإن الأرباح التي تُجنى من الدخان «الأدنى سعراً من كافة أصناف السجائر الموجودة» هي بالمليارات، وحتماً لصالح بعض المحتكرين والناهبين سنوياً.
فعلبة الدخان التي أصبحت تربح بحدود 1000 ليرة اليوم في ظل الأزمة، المفتعلة أو غير المفتعلة، وبحال كان هناك مليون مدخن فقط، فهذا يعني أن هناك مرابح يومية مليار ليرة، ولكم أن تحسبوا ما يمكن أن تجنيه شبكات الدخان من مرابح سنوية كبيرة، تلهث وراءها الحيتان وتتصارع من أجلها!

السجائر وصراع الاحتكار

لا تزال مشكلة فقدان بعض أنواع الدخان في الأسواق قائمة حتى يومنا هذا، ولكن الجديد بالموضوع هو تزايد الأنواع المفقودة بالإضافة إلى الزيادة السعرية المفرطة وغير المستقرة لها، والتي تختلف من مكان إلى آخر في حال وجدت بالتأكيد.
عادةً ما تكون هناك علاقة تناسبية بين ارتفاع سعر الدخان المستورد أو المهرب ارتباطاً بسعر صرف الدولار، فالمدخنون اعتادوا على ربط ارتفاع سعر «باكيت الدخان» بالدولار، أما اليوم فلا علاقة تناسبية ولا حتى طردية بين الارتفاع المفرط بسعر الدخان الوطني والمستورد وبين سعر الدولار في السوق السوداء. فقد تضاعف سعر الدخان في السوق عدة مرات بما لا يتوافق مع كل ما يمكن أن يقال عن ارتفاع لسعر الصرف، سواء الرسمي أو الموازي!
فالارتفاع بالأسعار قد فاق استيعاب القدرة العقلية، والأمر قد خرج من تحت السيطرة إلى الاحتكار الكبير، دون وجود أية مبررات أو عوامل لتلك الارتفاعات السعرية، فالاحتكار أصبح هو المتسيد، وهو من يفرض إيقاعه السعري على أنواع الدخان المتوفر بجميع أنواعه.
وكل ما جرى ويجري على مستوى أزمة الدخان الحالية عزاها البعض إلى نوع من أنواع الصراع على السوق والتحكم فيه، فجميع الذرائع التي يمكن أن تساق غير ذلك تعتبر في غير محلها، ولعل التكالب على الاستحواذ على الأرباح المليارية الفلكية سببٌ مباشرٌ في هذا الصراع، لكنه دائماً وأبداً على حساب المواطن، ومن جيبه!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1028