حدة الجوع في سورية الأسرع نمواً في العالم..
عادل ابراهيم عادل ابراهيم

حدة الجوع في سورية الأسرع نمواً في العالم..

أصدرت منظمة «أوكسفام» الدولية تقريراً تحت عنوان «الجوع في تكاثر» بتاريخ 9/7/2021، وقد تضمن التقرير بعض المعلومات عن سورية، حيث ورد أن أزمة الجوع في سورية كانت الأسرع نمواً في العالم، إذ ارتفعت معدلات الجوع بنسبة 88٪، فيما ثلاثة من كل خمسة سوريين– أي 12,4 مليون شخص– يواجهون حالات من الجوع المدقع في الوقت الحالي.

تجدر الإشارة إلى أن منظمة «أوكسفام» تعتمد في دراساتها على التقارير التي تصدرها بعض المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة وغيرها، وقد اعتمدت في جزء من تقريرها أعلاه على تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الصادر بتاريخ 5/5/2021، بعنوان: «التقرير العالمي بشأن الأزمات الغذائية، ويحذر من بلوغ انعدام الأمن الغذائي الحاد أقصى ارتفاع له في خمس سنوات».

أزمة جوع حادّة ولامساواة

ورد في تقرير «أوكسفام» ما يلي: «في هذا العام، دُفع بعشرين مليون شخص إضافيين إلى مستويات قصوى من انعدام الأمن الغذائي، ليصل مجموعهم إلى 155 مليون شخص في 55 بلداً. ومنذ بدء الجائحة (المقصود كورونا)، زاد عدد الأشخاص الذين يعيشون في ظروف شبيهة بالمجاعة ستة أضعاف ليتجاوز 520 ألف شخص.. وسرعان ما تحولت الأزمة الصحية العالمية التي شهدناها إلى أزمة جوع حادّة أماطت اللثام عن اللامساواة الصارخة في عالمنا. وستزداد الأمور سوءًا إذا لم تعالج الحكومات بشكل مباشر وعلى وجه السرعة انعدام الأمن الغذائي وأسبابه الجذرية. وإذا لم يُتخذ أي إجراء فوري، فقد يموت 11 شخصاً كل دقيقة بحلول نهاية العام بسبب الجوع الحاد».

سورية من بين أشدّ البلدان عرضة للجوع

ورد في التقرير حول سورية ما يلي: «كانت سورية من بين أشدّ البلدان عرضة للجوع في العام الماضي، حيث يواجه ثلاثة أخماس السوريين– أي 12,4 مليون شخص– حالياً الجوع الحاد. ويمثل هذا العدد زيادة بنسبة 88% عن العام السابق، وإحدى أعلى الزيادات في العالم. كما أدّت التداعيات الاقتصادية لفيروس كورونا بالإضافة إلى آثار 10 سنوات من النزاع إلى انخفاض كبير في قيمة العملة المحلية، وزيادة بنسبة 313% في متوسط سعر سلة الغذاء في 12 شهراً فقط. كما ضرب النزاع البنية التحتية الزراعية الحيوية في سورية، الأمر الذي أدّى إلى تدمير دخل المزارعين وإنتاج الغذاء».
وقد وردت سورية من خلال جدول- «البقع الساخنة للجوع»- الملحق بالتقرير، حيث احتلت المرتبة الأولى في ترتيب الارتفاع في حدة الجوع بنسبة 88% بين عامي 2019-2020.
فقد كان عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع عند مرحلة الأزمة أكثر 6,6 ملايين شخص، في عام 2019، يشكلون نسبة 36% من مجموع السكان، وقد وصل في عام 2020 إلى 12,4 مليون شخص، يشكلون نسبة 60% من مجموع السكان، وبنسبة ارتفاع في حدة الجوع بلغت 88%، بحسب التقرير.

النساء يتحملن وطأة أزمة الجوع

لقد ركز التقرير أيضاً على وضع النساء السوريات، حيث ورد ما يلي: «تتحمّل النساء والفتيات في سورية وطأة أزمة الجوع هذه. فقد دفعت الحرب بمزيد من النساء ليصبحن المُعيلات الرئيسيات لأسرهن، واضطر العديد منهن إلى العمل للمرة الأولى بمهارات قليلة من أجل تأمين وظيفة لائقة وأجور عادلة، ولكن لا يكاد يغطي- القليل الذي يجنينه- نفقات أسرهن. ووفقًا لدراسة أجرتها منظمة أوكسفام، كانت الأسر التي ترأسها نساء من بين أكثر الأسر تضرراً من الجوع، إذ أبلغت عن انخفاض كبير في استهلاكها الغذائي، وعن اضطرارها للتخلي عن بعض الوجبات. ولمواجهة ذلك، اضطرت بعض الأسر إلى اللجوء إلى زواج الأطفال المبكر لإعالة نفسها».

تنامي ثروة الأغنياء وتزايد نسبة الفقراء

حول اللامساواة، أورد التقرير ما يلي: «لقد كانت التداعيات الاقتصادية لفيروس كورونا السبب الرئيسي الثاني لأزمة الجوع العالمية (السبب الرئيسي الأول: النزاع)، إذ عمّقت الفقر، وكشفت عن اللامساواة المتزايدة في جميع أنحاء العالم. ومن المتوقع أن يصل العدد التقديري للأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع إلى 745 مليون نسمة بحلول نهاية عام 2021، بزيادة قدرها 100 مليون شخص منذ بداية الجائحة. وكانت الفئات المهمّشة، ولا سيما النساء والنازحون والعمال غير النظاميين، الأكثر تضرراً. ولم يتلقّ 2,7 مليار شخص أي دعم مالي عام للتصدي للدمار الاقتصادي الناجم عن الجائحة.
وفي الوقت نفسه، ازداد الأثرياء غنىً خلال الجائحة. فقد تنامت ثروة أغنى عشرة أشخاص بمقدار 413 مليار دولار أمريكي في العام الماضي، وهو ما يكفي لتغطية النداء الإنساني للأمم المتحدة لعام 2021 أكثر من 11 مرّة».

بين السياسات والتسييس

لا شك أن ما يرد في تقارير الكثير من المنظمات يخضع سلفاً لبعض معايير الضغط والابتزاز والاستثمار السياسي، وكذلك بعد صدورها وتداولها، وربما التقرير أعلاه ليس استثناءً بهذا الصدد.
ولعل ما يعنينا، بعيداً عن بازارات الضغط والاستثمار، هو أن حال السوريين الآن أصبح أسوأ مما ورد في التقرير بأشواط، وخاصة على مستوى تراجع مستويات الأمن الغذائي، فقد تفاقمت حدة الفقر والجوع، حيث انخفضت معدلات الاستهلاك (الفردي والأسري) منذ بداية العام وحتى الآن بشكل كبير بسبب ارتفاعات الأسعار المتتالية على السلع، وخاصة الأساسية (الخبز- السكر- الرز- السمون والزيوت- اللحوم والبيض- الألبان والأجبان- المحروقات...)، وكذلك على الخدمات العامة (الطبابة- النقل- التعليم..)، ما يعني: دفع المزيد من السوريين إلى حافة الفقر وانعدام الأمن الغذائي، تجاوزاً لمعايير الفقر المدقع المتعارف عليها دولياً.
بالمقابل، فقد أصبحت اللامساواة أكثر وضوحاً، بل أكثر فجاجة ووقاحة ووحشية، ليس على مستوى المقارنة مع حيتان الثروة والمال والفساد فقط، بل مع أمراء الحرب وتجار والأزمة الجدد، الذين فرخوا خلال السنوات الماضية، مع كل ما يحظى به هؤلاء جميعاً من حماية منقطعة النظير رسمياً من خلال السياسات المتبعة، المُسخرة لخدمة مصالح هؤلاء فقط، والتي ساهمت بشكل مباشر في تفاقم حدة الجوع، وصولاً لانعدام الأمن الغذائي للغالبية المفقرة والمهمشة من السوريين، وما زالت!.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1026
آخر تعديل على الإثنين, 12 تموز/يوليو 2021 00:45