الشاورما والاقتصاد السياسي
يقال بأنه منذ حوالي 30 عاماً، كان هناك «حرامية كبار» يخططون بهدوء وبرود خلال تلك السنوات، في الطريقة المناسبة التي يستطيعون بها تنفيذ «خطة جهنمية» لحرمان الفقير السوري من سندويشة الشاورما!
فقضية الخطط الجهنمية لا تقف عند الشاورما فقط، ولكن الشاورما واحدة من خطوط تلك المؤامرة الرهيبة.
سيقول قائل: ما علاقة الاقتصاد السياسي بالشاورما؟
ربما في التالي بعض الإجابات!
رفع الدعم عن الخبز
كان هؤلاء المخططون يعملون بهدوء وعلى مراحل لرفع الدعم عن الخبز، من رفع سعره في التسعينات، إلى سياسات تدمير الزراعة ما بعد 2005، إلى ظهور الأفران السياحية الخاصة في زمن «الخصخصة» .... إلخ.
وهو ما أدى في إحدى نتائجه إلى استبدال الرغيف المدعوم بالرغيف السياحي الخاص غير المدعوم في سندويشة الشاورما، وحصل السوريون على التالي: اختفت السندويشة القديمة التي كانت تعتبر «وجبة مشبعة» برغيفها المدعوم، لتحل محلها اليوم سندويشة على طريقة «الفاست فود» الأمريكية، وبرغيف سياحي لا يُشبع، وكأنه فرض قسري على المواطن المفقر أصلاً ليشتري سندويشتين بدل واحدة. كما أن استبدال الرغيف المدعوم أدى إلى ارتفاع تكاليف السندويشة ذاتها.
أسعار الدجاج والفروج
قبل الأزمة الحالية بسنوات، انتشرت إشاعات، قد تكون صحيحة وقد لا تكون، حول انتشار انفلونزا الطيور في سورية، وعمد القائمون على إحدى مؤسسات الدواجن شرقي البلاد إلى إتلاف كل البيض والفروج عندها بحجة أنها مصابة!
وكانت ارتفاعات الأسعار تفعل فعلها في الاقتصاد السوري، ومنها ارتفاع أسعار الفروج والدجاج، وتراجع الإنتاج في هذا القطاع عموماً خلال سنوات الأزمة، لنصل إلى الوضع الحالي المزري الذي يؤثر أيضاً في تحديد أسعار الشاورما.
الأجور وضرب القدرة الشرائية
في السابق، كان سعر سندويشة الشاورما مع رغيفها المدعوم حوالي 25-30 ليرة سورية، أي سندويشتان بحوالي دولار واحد، واليوم يبلغ سعر السندويشة «المنتوفة» التي لا تشبع حوالي 3000 ليرة سورية، أي سندويشة بدولار واحد، ومن أراد وجبة مشبعة عليه أن يدفع 6000 ليرة سورية، أي حوالي دولارين!
وإذا وضعنا هذه الأرقام في مقارنة مع التكاليف الضرورية لمعيشة المواطن السوري شهرياً، وفي ظل الأجور الحالية التي يشفطها الثقب الأسود للأرباح والفساد، فإن رب الأسرة يقف متردداً يفكر هل سيدفع 3000-6000 ليرة ثمن الشاورما، أم يوفرها للضروريات؟
يعني ذلك، أن المواطن المفقر خسر في قدرته الشرائية، فهو يدفع ثمن سندويشتين مقابل حصوله على سندويشة واحدة، وهذا يعني أيضاً لمن يستطيع شراء سندويشتين، عليه أن يدفع ثمن 4 سندويشات لقاء الحصول على 2 فقط! وهذه إحدى نتائج شفط الفساد الكبير لقدرة السوريين الشرائية.
الاستهلاك والأمركة
هذا الموضوع لا يخص مطاعم الشاورما فقط، بل غالبية المطاعم التي لم تعد مطاعمَ شعبية، والتي أصبحت مطاعمَ على الطريقة الأمريكية للفاست فود، حيث فرضت نزعة الاستهلاك على الناس قسرياً.
لذلك أضيفت إلى الشاورما تصنيفات تسليعية جديدة مثل وجبة الشاورما، وجبة الفرط، وجود البطاطا المقلية على الطريقة الغربية، وجود مواد مرافقة أخرى ساهمت هي أيضاً في رفع الأسعار عموماً، وأغلب هذه المواد لا يحتاج الإنسان إلى تناولها. وهي بالذات، تلك الطريقة الأمريكية في فرض النزعة الاستهلاكية على مواطنيها، حيث تقول إحدى الدراسات، إن 65 % من السلع التي يشتريها المواطن الأمريكي لا يحتاج إليها فعلاً!
وماذا بالنسبة إلى بلادنا، أليست الصورة شبيهة بتلك؟ نزعة استهلاكية، سلع لا يحتاجها الإنسان، «فاست فود» يقضم من الصحة، الشفط الكبير للأجور والقدرة الشرائية، إلى الثقوب السوداء للفاسدين!.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1024