وزارة الصحة تلبي النداء برفع سعر الأدوية!
ذكرنا في الأسبوع الفائت كيف طالب المجلس العلمي للصناعات الدوائية وزارة الصحة برفع سعر الصناعات الدوائية متذرعة بذرائع منها ارتفاع سعر الصرف في المركزي، وبأن استمرار الأسعار على ماهي عليه يهدد كثير من المعامل بالتوقف عن الإنتاج وفقدان الكثير من الأصناف الدوائية واللجوء إلى البدائل المهربة وطالبوا برفع الأسعار 100 بالـ100 ولم تمض أيام قليلة حتى استجابت وزارة الصحة سريعاً لمطالبهم.
ورغم كل ما يحيط بالمواطن من ظروف معيشية خانقة وارتفاع بالأسعار كلها وسوء الخدمات من كهرباء ومياه ومحروقات ورغم كل المطالبات من قبل المواطنين وتذمرهم من هذه الأوضاع نرى الحكومة لا تتخذ أي إجراء بتخفيض أي سعر أو زيادة مخصصات مادة ما ولكننا نرى اليوم أنه بمجرد مطالبة شركات الأدوية برفع أسعار الأدوية هبت وزارة الصحة لتستجيب لمطالبتهم وترفع مباشرة سعر12ألف صنف دوائي تقريباً بنسبة30 بالمئة لأن الأهم عندهم هم أصحاب الربح أما كيف سيدفع فاتورتها المرضى من المواطنين المفقرين فهذا لا يعنيهم!
الرفع المطلوب خطر يهدد الصناعة الوطنية
لا شك أنّ قطاع الصناعات الدوائية في سورية قطاع هام وحيوي وينبغي الحفاظ عليه من خطر الطامعين المتنفذين والمهربين والذين ينتهزون أية فرصة للانقضاض عليه وإفشاله ليحل محله، فقد ورد على لسان مدير شركة ابن حيلان للصناعات الدوائية أنّ الرفع بمقدار30بالـ100 هو عبارة عن الخروج من العناية المشددة ويطمح لسعر متوان وحقيقي ويطالب وزارة الصحة بأن تعيد النظر في الأسعار بالمستقبل القريب، وفي الحقيقة نسي أن رفع الاسعار إلى هذا المستوى هو إجحاف حقيقي بحق المواطنين ذوي الدخل المحدود جداً وأنّ مثل هكذا إجراء سوف يدفع المواطنين المرضى والمضطرين إلى التماس البدائل، طالما أن السعر بلغ مبلغه ولا شك أنه سيجده في البدائل المستوردة والمهربة والتي تقارب بسعرها سعر المنتج الوطني، وهكذا سوف يقل طلب الأصناف المصنعة محلياً وبالتالي هو ضرب للصناعات الوطنية بشكل أو بآخر وهؤلاء المتنفذون والمستوردون ينتظرون مثل هذه الفرص لخوض صفقات من هذا النوع لملء جيوبهم أكثر وأكثر على حساب مصلحة المواطنين والصناعة الوطنية كغيرها من القطاعات المفشلة والخارجة عن الإنتاج، التي حلت محلها سوق التهريب والاستيراد، مع أن الرفع الأخير للأسعار يضمن لهذه الشركات الربح والحفاظ على عجلة الإنتاج وزيادته.
ذرائع متكلفة لتبرير الرفع
ورد على لسان معاون وزير الصحة أن الدولة مازالت تدعم الصناعات الدوائية الوطنية من خلال إجراءات عديدة منها إعفاءات مستلزمات الإنتاج والمواد الاولية الداخلة في هذه الصناعات من الرسوم الجمركية وكل الضرائب والرسوم الاخرى المفروضة على الاستيراد، وأن السوق المحلية مازالت محمية لمصلحة منتجي الدواء المحليين عبر عدم السماح بالاستيراد، وهذا اعتراف رسمي بأن تكاليف الإنتاج هي أقل من غيرها من الصناعات التي مازالت عجلة إنتاجها تدور وتدر الأرباح على أصحابها، أما بالنسبة للذرائع التي اعتدنا على سماعها وهي العقوبات والحصار فهذا مردود عليهم كون العقوبات لا تشمل المواد الطبية ولكنها مازالت ذريعة تقع في رأس القائمة في كل رفع بالأسعار أو أزمة من الأزمات الحياتية.
أما عن تكاليف الإنتاج التي يتحدثون عنها فإن هذه الشركات هي التي تضع تكاليفها ولا يوجد مصدر عن مصداقيتها إلا هم وتكتفي وزارة الصحة بالمصادقة عليها فربما تكون التكاليف أقل بكثير مما يصرحون به مراعاة لأرباحهم وتجدر الإشارة هنا إلى أنه لم يتم ذكر العاملين بهذا القطاع ولم يتم الحديث عن أي رفع لأجورهم ومع هذا يطالبون برفع الأسعار بنسبة 100بالـ100 ضاربين بعرض الحائط أي ظروف أخرى والتي أهمها المستوى المعيشي للمواطنين الذين باتو تحت خط الفقر المدقع ومتجاهلين أضرار هذا الرفع على الصناعة الوطنية بالنهاية واضعين نصب أعينهم كم الارباح التي يجنونها أو ضمان مستوى ربحهم، أما قولهم بأن السوق المحلية محمية لمصلحة منتجي الدواء وعدم السماح بالاستيراد فهذا مردود بدليل امتلاء الصيدليات بالأدوية المستورد والمهربة أيضاً!
نقابة الصيادلة «هل من مزيد»
قدمت نقابة الصيادلة كتاباً طالبت فيه وزارة الصحة برفع نسبة أرباحها، وكأنهم يتسابقون ويتنافسون أيهم يبدع في تخليص المرضى لآخر ليرة في جيوبهم على مبدأ «بدنا نلحس إصبعنا» من المعلوم بالضرورة أن كل رفع بسعر الأدوية لن يكون على حساب الصيدلاني فكلما ازداد السعر ازدادت نسبة الربح المقررة له فلماذا تطلب نقابة الصيادلة زيادة نسبة أرباحها أيضاً الا يكفيها الرفع الرسمي للأسعار؟ عدا عن ذلك الكل يعلم بأن التسعير في الصيدليات أصبح حسب مزاجهم فهم لم يلتزموا ولن يلتزموا بنشرة الأسعار المقررة عليهم وكثيراً ما نرى أنا لكل صيدلية جهاز باركود مخصص لها والسعر مشطوب من العبوة، ومن الجدير بالذكر أن مرابح الصيدلاني لا تقتصر على المستحضرات الدوائية فأغذية الأطفال ومستحضرات التجميل والعطورات وغيرها من لوازم الأطفال عالية الربح ومجهولة المصادر والتكاليف داخلة في أرباحهم فلماذا يتظلمون ويطالبون الوزارة برفع نسبة أرباحهم، طالما أنهم غير ملتزمين إطلاقاً بها! متناسين أن الصيدلة مهنة إنسانية كالطب تماماً فصحة البشر هي الأولوية لا الأرباح مع أنهم لم يقصروا بتحصيل أرباحهم!
ونخلص إلى أنه إذا استمرت هذه السياسات الرامية إلى زيادة الأرباح على حساب الحاجات الأساسية والصحية خاصة فإن هذا سيؤدي إلى تفاقم الأزمة أكثر فأكثر فمتى ستدرك الحكومة هذا الخطر؟
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1023