عام الغليان السوري!

عام الغليان السوري!

ارتفعت درجة استياء المواطن السوري من تفاقم الأزمات إلى حدّ الغليان، حتى أصبح من الممكن تسمية هذا العام بعام الغليان السوري منذ بدايته.

فمنذ بداية السنة والأزمات تعصف وتشتد بشكل أعتى وأعمق وأعم مما قبل بكثير، ولا مخرج حقيقياً من قبل المتنفذين لتخليص المواطن من هذه الأزمات التي سببت له أزمة نفسية أيضاً، حيث وصل المواطن لدرجة لم تكن تخطر على البال، فتراكم الأزمات الأخيرة طال كرامة عيش المواطن إلى أعماق الجذور، وأشعره بالإذلال «المُدوبل».

واقعان أحلاهما مُرّ

في نهاية العام 2011 كان عامة الناس يرددون عبارة «الله يجيرنا من الأعظم»، نسبةً للغلاء الذي شهدوه حينها، ولم يكن أحد يتخيل أن هذا الأعظم سيصل إلى هذا الحدّ من التفاقم، الذي لم يعد يحتمل فعلاً.

فالأم السورية اليوم، عندما تجلس لتتذكر «أيام الرخاء»، أو التي أصبحت تعتبرها أيام رخاء «أي ما قبل الأزمة»، مقارنة بوضعها الأسوأ الذي هي عليه اليوم، تخالها تتحدث عن حكاية ألف ليلة وليلة، التي ليس لها من الحقيقة صلة بالواقع.

عشر سنوات هي الفاصل بين واقعين أحلاهما مُرّ على المواطن السوري. واقعان، كان الأول سيئاً، ولكنه أصبح أسوأ من أن يستوعبه العقل، وكأنه قد أخرج يأجوج ومأجوج خلال السنوات العشر، والتهموا الأخضر واليابس.

فالبيت السوري، رغم الغلاء الذي كان سائداً تلك الفترة، كان لا يخلو من الحليب ومشتقاته، واللحوم ربما حلم للبعض، ولكنها لم تكن صعبة المنال، وبدل الصنف الواحد على مائدة الفطور الصباحي كانت هناك عدة أصناف.

المدفأة كانت تُعين على برد الشتاء، والكهرباء رغم واقعها السيئ، لكنها كانت تقضي الكثير من الحاجات، والخروج للمنتزهات والاصطياف كان حكاية أخرى أيضاً.

وباء الأزمات أشد فتكاً

كثيرة هي الأزمات التي لم تعد تحصى، في الوقت الذي قرر هؤلاء المواطنون، الذين يعتبرون صخرة منيعة بالصبر، أن يتناسوا الكورونا التي قد تفتك بهم نتيجة التزاحم الذي أجبروا عليه، فهم يعلمون أن هناك وباءً أشد فتكاً يمتص دمهم، ويُنقص من أعمارهم وأفقدهم لذة البقاء.

فلا يمكن نسيان مشاهد أفواج البشر المتراكمة فوق بعضها البعض للحصول على مخصصات الخبز، ومثلها على المؤسسات، وكذلك الأمر على وسائل النقل التي تحمل فوق طاقتها الاستيعابية لشحها، والتي تنتهي مخصصاتها من المشتقات النفطية عند عدد سفرات يومية معدودة، أو أن تحتمل العيش مع عدد ساعات كهربائية معدودة لا تكفيك لقضاء حاجات أساسية.

وهل هناك أسوأ من أن يقف المئات على المواقف لساعات، في برد الشتاء أو في حر الصيف، ينتظرون وسيلة نقل عامة أو حتى خاصة لتقلهم إلى مقاصدهم؟ أو أن تمتد طوابير السيارات على بعد كيلو مترات من محطات الوقود لمدة تتجاوز الأربع عشرة ساعة، ولماذا؟ للحصول على عشرين ليتراً من البنزين، المدعوم اسمياً، ولمدة أسبوع للسيارات الخاصة، ولمدة أربعة أيام لأصحاب سيارات الأجرة الذين لم يعودوا قادرين كغيرهم من المواطنين أن يعيشوا بكرامتهم وسط الغلاء والطوابير الممتدة بلا انتهاء.

حججٌ جاهزة ولا حلول

أما الحجج من قبل من هم فوق، فهي دوماً جاهزة، وحدث ولا حرج، حرب وأزمة وحصار وعقوبات ومؤامرة ومضاربة بالعملة و.!

ولكن أين الحلول الجذرية لكل ذلك؟

أيعقل لا توجد حلول؟

وهل نحن أول بلد قد انهالت عليه العقوبات؟

ولِمَ لَمْ نتعلم من تجارب من فُرضت عليهم العقوبات ونجحوا بتجاوزها؟!

أم أن الحلول تأتي على هوى ومصالح كبار الحيتان المسيطرين على كل النوافذ التي يتنفس منها المواطن، لدرجة أنهم خنقوه، وتركوه مع نقص أكسجةٍ في مقومات الحياة، كي يموت ببطء!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1013
آخر تعديل على الإثنين, 12 نيسان/أبريل 2021 13:54