ملاحظات دستورية على مشروع قانون البيوع العقارية
يناقش مجلس الشعب مشروع قانون البيوع العقارية المحال إليه من رئاسة مجلس الوزراء، والتي سُربت بعض مواده عبر بعض وسائل الإعلام، حيث أثارت حفيظة الكثيرين، ولا سيما الحقوقيين منهم، ونال نصيبه من الانتقادات، دون أي رد رسمي حكومي من وزارة المالية، أو من مجلس الشعب على هذه الانتقادات، ودون أي توضيح أو تفسير.
ويرى البعض، أن مشروع القانون له مفاعيل هدامة على الاقتصاد ككل، وسيؤدي إلى شلل في السوق العقارية، التي تعاني من الكساح أساساً.
خرق لمبدأ الفصل بين السلطات
أهم ما يؤخذ على مشروع القانون أنه يخرق مبدأ الفصل بين السلطات، ويجعل وزارة المالية رقيبة على أعمال القضاء.
فقد جاء في مشروع القانون على أنه لا يصدر حكم قطعي مكتسب الدرجة القطعية، ولا تحال الأحكام القضائية إلى التنفيذ، إلّا بعد الحصول على براءة ذمة من مديرية المالية المختصة، والتي تتطلب هي الأخرى الحصول على موافقة أمنية مسبقة، قد تُحجب عن البعض، وهذا سبب إضافي جعل الناس تتجه نحو الأحكام القضائية التي لا تنفذ عادة إلّا بعد الحصول على موافقة أمنية، وهذا بحد ذاته إجراء غير دستوري!
فمنع تنفيذ الأحكام القضائية جريمة يعاقب عليها القانون، ومن غير الدستوري ربط تنفيذ الأحكام القضائية بموافقات أمنية.
مع العلم أن براءة الذمة لا تعطى لغير ذي صفة، والمشتري بموجب حكم قضائي يعتبر غير ذي صفة بنظر الدوائر المالية طالما أنه لم يستطع الحصول على حكم قضائي مكتسب الدرجة القطعية!!
عدا عن أنه هناك ألف سبب أمني وهندسي وعقاري وقانوني قد يجعل من الحصول على براءة ذمة من الدوائر المالية من شبه المستحيلات، خاصة أن أغلب العقارات، وخاصة في المناطق الريفية، غير مفرزة إلى مقاسم، ويتم البيع والفراغ من خلال أحكام قضائية.
ومنع تسليم الأحكام القضائية إلى أصحابها، أو عدم إحالتها للتنفيذ سيجعل حقوق الناس في مهب الريح، وسيفتح الباب واسعاً أمام عمليات النصب والاحتيال والسمسرة والرشوة.
وهذه المادة تخلط بين حق وزارة المالية في تحصيل حقوقها، وبين واجب بقية الوزارات، كوزارة العدل والزراعة التي يتبع لها السجل العقاري، في تسليم الأحكام القضائية لأصحابها، وفي تسجيل الحقوق العينية وتوثيقها، وهذا اعتداء صريح على المؤسسة العدلية والقضائية، علماً أن تنفيذ الأحكام القضائية واجب عندما تتوفر أركانه وإجراءاته القانونية حسب الأصول.
الضريبة حسب سعر العقار الرائج...
جاء في مواد مشروع القانون، أن الضريبة على بيع العقارات ستصبح حسب سعر العقار الرائج في السوق، وسيتم تشكيل لجان فرعية في كل المناطق لتحديد هذه الأسعار الرائجة، والتي تعتمد من قبل وزارة المالية، ولكن لم يعلن كيف سيتم تحديد أسعار العقارات، وبناء على ماذا، وهل سيتم تثبيت الأسعار الفلكية والوهمية للعقارات التي جعلت من الحصول على منزل بمثابة الحلم بالجنة؟
ولكن الحكومة ترى في هذا المشروع أنها ستُحصل حقوقها وتؤمن حقوق الخزينة من عمليات البيع في السوق العقارية، عبر قانون يلزم بوضع القيمة الرائجة للعقار كأساس لفرض الضريبة ورسوم التسجيل العقاري!.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1005