واقعٌ كهربائي مزرٍ
دعاء دادو دعاء دادو

واقعٌ كهربائي مزرٍ

شبح الأزمات المعيشية السورية يلاحق السوريين داخل أرجاء سورية، وبعيداً عن طوابير المواد المدعومة، والخبز والمحروقات، والارتفاع المفجع بأسعار السلع، التي باتت كابوساً مزعجاً للمواطنين، إلّا أن واقع الكهرباء المزري بات أشد خنقاً على جميع السوريين.

فبالرغم من جميع الوعود الخُلبية، والتأكيد مراراً وتكراراً على مساعي تحسين واقع التغذية الكهربائية، الذي حفظناه عن ظهر قلب مع قدوم كل شتاء، وقبل كل موسم صيف، إلّا أننا لم نحظَ من هذه الوعود إلّا بالمزيد من سوء وتردٍّ للخدمة.

برد وظُلمة

الأمر لم يقف عند حدود زيادة ساعات التقنين! بل شهدنا الغياب الكلي للتيار الكهربائي في بعض المناطق، بالتزامن مع عدم حصول المواطنين على مخصصاتهم من مادة مازوت التدفئة، حيث اجتمع البرد مع الظلمة.
ففي بعض المناطق ينقطع التيار الكهربائي لأيام طويلة متتالية، وفي مناطق أخرى بالكاد تصل مدة التزود بالطاقة الكهربائية إلى نصف ساعة خلال الساعات الـ 24، والأسوأ، أن التيار الكهربائي الواصل يكون في بعض الأحيان متسبباً في تعطل بعض الأجهزة الكهربائية أيضاً، وبحسب بعض المواطنين «فوق الموتة عصة قبر».

وعود لا نراها على أرض الواقع

على الرغم من تأكيد وزير الكهرباء على ضرورة الالتزام التام بالإجراءات التي تضمن وثوقية المنظومة الكهربائية! والتشديد على التعاون التام بين شركات الكهرباء، وعلى كافة مستويات، للعمل من أجل تحقيق العدالة في التوزيع!! فما زالت الكهرباء إلى اليوم لا تُوزع بعدالة، لا بين المحافظات، ولا بين المناطق والقرى في كل منها، بل ولا بين الأحياء في المدينة نفسها.
فمثلاً مدينة دمشق، العاصمة المُكتظة بالكثافة السكانية، تواجه بعض أحيائها اليوم ظلاماً حالكاً خلال ساعات الليل، وتقطعاً لفترات طويلة خلال ساعات النهار، مع عدم الانتظام في ساعات القطع والوصل، مع لحظ الاستثناءات في ذلك في بعض الأحياء «الراقية» طبعاً.

وبكل سهولة يمكن القول: إن ما ينطبق على دمشق يعتبر أفضل بدرجات على ما قد ينطبق على بقية المحافظات، فقد وصلت فترات انقطاع التيار الكهربائي في بعض المناطق لـ 5 ساعات قطع، وساعة وصل واحدة دون وجود أي تبرير لقطع كل تلك الفترة الزمنية الطويلة.

فقد زادت معاناة المواطنين بسبب الانقطاع شبه الدائم للتيار الكهربائي مؤخراً، وحسب الشركة العامة للكهرباء فـ «التقنين يتم حسب الكميات المتاحة»، وفي هذا الحال فلا توجد كميات أصلاً.
البدائل والحرب المستعرة على جيب المواطن
إذا عُرف السبب بَطل العجب، التقنين الجائر للكهرباء قد يكون سببه مستورد ما!
«وصول باخرة بطاريات ولدات من النوع الممتاز تغطي حاجة السوق المحلية وتكفيه لسنوات عدة.. لا داعي للقلق..»
كان هذا مضمون إعلان مبوب عبر إحدى صفحات التواصل الاجتماعي.

فقد بدأت موضة البدائل الكهربائية مع بداية الأزمة، حين أصبحت ساعات انقطاع التيار الكهربائي أطول من أن يتحملها المواطن، ومع طول مدة انقطاع التيّار الكهربائي، لم تعد بعض تلك البدائل مُجْدية فتبعها مستوردو الاحتياجات في السوق، واستكملوا كافة المستلزمات «الشواحن- البطاريات- الليدات- الإنفرترات وغيرها» مع تعدد المواصفات والمصدر، وبالتالي السعر.
وأمام زيادة واستمرار انقطاع التيار الكهربائي، فقد زاد الطلب على هذه البدائل، وقد باتت تجارة رابحة لفئة من تجار الأزمات، وكانت هذه التجارة قد حلت مشكلة التقنين الكهربائي، ولكنها في الواقع انعكست سلباً على جيب المواطن بسبب الأسعار الباهظة لها.

طبعاً مع عدم إغفال دور أصحاب الأمبيرات، الذين بدأوا بتوسيع نشاطهم على ضوء الأزمة الأخيرة المستفحلة، بعد أن كانت هذه المولدات محصورة في حلب بشكل خاص، وفي بعض المناطق المتفرقة الأخرى، وكل ذلك في سبيل جني المزيد من الأرباح من جيوب المواطنين، استغلالاً للحاجة طبعاً.
فجميع الوعود والخطط الحكومية، وفي قطاع الكهرباء حصراً، لم تفِ بالغرض، ولم تحل المشكلة «الأزمة» حتى تاريخه، بل زادت وتعمقت، وما على المواطن إلّا أن يكون مثل الصبار ليتحمل الضغوطات النفسية والأعباء المالية أكثر وأكثر.

معلومات إضافية

العدد رقم:
995